السيد في الترسيم الرئاسي كما لو كان الترسيم البحري


أخبار بارزة, خاص 14 تشرين الثانى, 2022

كتب أحمد عياش لـ” هنا لبنان”:

منذ أن بدأ “حزب الله” يتعامل مع لبنان منذ العام 2005، وكأن لبنان صار تحت وصايته، وتالياً تحت الوصاية الإيرانية، لم يمر إستحقاق إنتخاب رئيس جديد للحمهورية بسلام. ومن ذلك التاريخ وحتى الآن، تعاقب على منصب الرئاسة الأولى رئيسان هما: العماد ميشال سليمان والعماد ميشال عون. فالأول أي العماد سليمان، لم يصبح رئيساً إلا بعد غزو الحزب المسلح لبيروت عام 2008 وما تلاه في مؤتمر الدوحة من إتفاق حمل إسم عاصمة دولة قطر. والثاني أي العماد ميشال عون، لم يصل إلى قصر بعبدا إلا بعد فراغ رئاسي دام قرابة عامين وخمسة أشهر دأب فيه الأمين العام السيد حسن نصرالله على ترداد عبارة “عون رئيساً أو لا أحد”، حتى نال مبتغاه في 31 تشرين الأول عام 2016.
اليوم، وقد حلت الانتخابات الرئاسية، وهي الثالثة في ظل الوصاية الإيرانية، فهل تكون “الثابتة” في تأكيد هذه الوصاية، أم أنها ستشذ عن القاعدة؟
حتى الآن، يتصرف الحزب وأمينه العام نصرالله على أساس أن هذه الوصاية مستمرة. وهذا ما عبّر عنه السيد بوضوح في إطلالته الأخيرة يوم الجمعة الماضي عندما جاهر بإعطاء مواصفات رئيس الجمهورية الذي سينال بركة طهران مع اسمين إنطبقت عليهما المواصفات هما الرئيسان السابقان إميل لحود وميشال عون. لكنه لم يشر إلى الرئيس سليمان الذي بدا وكأنه “شذ” عن هذه المواصفات، فتجاهله نصرالله كلياً.
إذاً، ما يطلبه نصرالله بالأصالة عن حزبه وبالوكالة عن راعيه الإقليمي إيران، رئيساً على شاكلة العماد لحود أم العماد السابق عون. فهل يتحقق طلبه؟
يقول وزير سابق منذ ما بعد مؤتمر الطائف ولمرات عدة، أن إعطاء نصرالله إسم الرئيس لحود كمثل عن الرئيس المطلوب، يفتقد إلى الدقة التاريخية. فالرئيس السابق، وصل إلى قصر بعبدا عام 1998 بتأييد مباشر من رئيس النظام السوري حافظ الأسد ونال تمديداً لولايته لثلاثة أعوام عام 2004 بقرار من رئيس النظام السوري بشار الأسد. وعندما إمتدح نصرالله الرئيس لحود بأنه “لم يطعن المقاومة في الظهر”، لم يأت على ذكر المرحلة التي كان فيها لحود قائِداً للجيش، وكان نصرالله أميناً عاماً للحزب، ووقعت خلالها “مجزرة 13 أيلول” على طريق المطار في صفوف الحزب الذين نظموا تظاهرة عام 1993 إعتراضاً على إتفاقية أوسلو.
يضيف هذا الوزير السابق: أن تجاهل السيد لرئاسة الرئيس سليمان الذي أتى بتوافق إقليمي في مؤتمر الدوحة، كان لتجاوز الكلام عن “إعلان بعبدا” الشهير الذي أنجزه الرئيس سليمان قبل انتهاء ولايته العام 2014 وفيه تأكيد إلتزام لبنان سياسة “النأي بالنفس” التي تعني أول ما تعنيه رفض تدخل “حزب الله” في الحرب السورية بعد العام 2011.
ويبقى الرئيس عون، الذي أصبح المثال الذي يحتذى عند “حزب الله”. ولعل من أفضل التعليقات التي صدرت بعد كلمة نصرالله الأخيرة هي تغريدة عضو تكتّل “الجمهورية القويّة” النائب غيّاث يزبك، والتي تستحق أن يتكرر نشرها، وهي: “رئيس السيّد حسن: عندما يناديه وفيق يستفيق… عندما يناديه قاووق بيروق… عندما يناديه بشار ينهار. في اللّيل يتعامل بالتومان وفي النّهار يصرّف دولار… يُجيّر دور الجيش للمقاومة وما بيسأل ليش… يَشتُم العرب كلّما دعت الحاجة ويطلب دعمهم عندما يحتاج. باختصار هيدا مرؤوس مش رئيس”.
وكي لا تبدو تغريدة النائب يزبك متحاملة، يمكن هنا العودة إلى التصريح الشهير الذي أدلى به مسؤول وحدة الارتباط والتنسيق في “حزب الله” الحاج وفيق صفا، الذي مرّ اسمه في التغريدة، لموقع “العهد” الإخباري التابع للحزب عن “تفاهم مار مخايل” في 6 شباك 2006، بمناسبة مرور 13 عاماً على هذا التفاهم أي في العام 2019. وفي هذا التصريح يُوضح صفا “أنّ (جبران) باسيل “شقفة” من الرئيس ميشال عون لجهة المشاعر الجياشة التي يُكنها للسيد نصرالله. فكما هو معروف أن الرئيس عون لا يستطيع إخفاء بريق عينيه في أي لقاء يجمعه بالسيد. تماماً فإنّ باسيل ينظر إلى السيد نصرالله على أنه من “القديسين”، وعندما يلتقي باسيل بالسيد فـ”إنّ أكبر مشكلة تنتهي بكلمتين”.
هل من داع للسؤال بعد تصريح مسؤول الحزب عن “بريق عينيّ” الرئيس عون ونظرة النائب باسيل إلى السيد على أنه من “القديسين”، لماذا يعتبر نصرالله عون رئيساً يحتذى؟
ماذا الآن عن الاستحقاق الرئاسي الذي يحل في زمن الوصاية الإيرانية؟ هناك قناعة عند كثير من المراقبين أن لبنان سنة 2022 هو غير لبنان منذ أن أصبح لبنان الكبير عام 1920. فهذا البلد غارق في أزمات غير مسبوقة لا سيما على المستوى الاقتصادي والمالي والمعيشي. ولهذا، كم يبدو نصرالله على شيء من شبه بالملكة ماري انطوانيت زوجة الملك لويس السادس عشر والتي شهدت نهاية الملكية في فرنسا عام 1789، فلم تجد شيئاً لتقوله لجيّاع فرنسا سوى القول، كما شاع: “إذا لم يكن هناك خبزٌ للفقراء، دعهم يأكلون الكعك”.
كأن السيد على خطا ملكة فرنسا، عندما تسأله أن لبنان صار بلداً جائعاً فيجيب “المهم أن يسلم سلاح المقاومةّ!”
من الكلام العام إلى الخاص، ووفق معلومات أوساط مواكبة لـ “حزب الله” أن الأخير يتصرف على أساس أن “الانتصار” الذي أحرزه الحزب في ملف الترسيم البحري مع إسرائيل في تشرين الأول الماضي، هو مقدمة لـ “إنتصار” آخر في الانتخابات الرئاسية المقبلة. وهنا لا يجد السيد حرجاً في القول أن الترسيم الرئاسي هو على خطا الترسيم البحري. فهل تتحقق أمنيته في المرة الثالثة؟

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us