مرفأ بيروت على طاولة التدويل.. “لبنان عاجز قضائياً”!


أخبار بارزة, خاص 26 كانون الثاني, 2023

مصادر فرنسية رفيعة أكّدت لموقع “هنا لبنان” أنّ القضاء اللبناني بات عاجزاً وغير قادر على القيام بدوره، ورأت أنّ هذا العجز سيضطرها إلى تدويل هذه القضية.


كتبت شهير إدريس لـ “هنا لبنان”:

على وقع شارع يغلي بسبب انهيار الوضع الاقتصادي والمالي والمعيشي وفوضى قضائية ودستورية غير مسبوقة، جاء قرار النائب العام التمييزي القاضي غسّان عويدات الذي قضى بإطلاق سراح جميع الموقوفين في ملف انفجار مرفأ بيروت دفعة واحدة مع منعهم من السفر، وجعلهم بتصرف المجلس العدليّ في حال انعقاده وإبلاغ من يلزم، إضافة إلى الادّعاء على المحقّق العدلي طارق البيطار ومنعه من السفر واستدعائه للتحقيق بجناية اغتصاب السّلطة وممارسة مهامه، وأحاله إلى الرئيس الأول التمييزي لتعيين قاضي تحقيق لاستجوابه وفق الأصول التي تتّبع في ملاحقة القضاة جزائياً.
هذا القرار جاء على الرغم من تنحّي القاضي عويدات عن القضيّة سابقاً وادّعاء القاضي البيطار عليه بعد أن صرّح بنفسه “أنّ البلد لم يعد فيه قانون” مستعيناً بالإنجيل والقرآن. فكيف أصبح القانون موجوداً فجأة وسمح لنفسه باتّخاذ القرارات القانونية أم أنّه استمدّ قوّةً إلهيّةً كبيرةً لاتّخاذ قراراته؟
لكنّ القرار بات واضحاً أنّه جاء ردّاً على عودة القاضي طارق البيطار إلى مباشرة عمله في التحقيقات بانفجار مرفأ بيروت، والتّخوّف ممّا سيحمله القرار الاتّهامي لجهة اتّهامات قد تطال رؤوساً كبيرة، إضافة إلى اتّخاذه قرارات بإخلاء سبيل خمسة موقوفين والادّعاء على آخرين وأبرزهم القادة الأمنيين اللواء عباس ابراهيم واللواء طوني صليبا واستدعائهم للتحقيق، وذلك على خلفيّة دراسةٍ قانونيّةٍ تُجيز للقاضي البيطار الاستمرار بعمله على رغم دعاوى كفّ اليد المرفوعة ضدّه.
مصادر قضائية أكّدت لموقع “هنا لبنان” أنّ ما قام به القاضي عويدات غير قانوني ويشكّل سابقةً وضرباً من الجنون في ظلّ تضاربٍ في الصلاحيّات القضائية من جهة وتخطٍّ لها من جهة أخرى، كما جاء ليؤكّد مسألة قبع القاضي طارق البيطار بعد التّهديدات التي تعرّض لها كما كان يرسم الثنائي الشيعي. وأبرز المواقف في هذا الإطار جاءت في تغريدة النائب إبراهيم الموسوي بأنّ “قرارات القاضي غسّان عويدات خطوة في الطريق الصحيح لاستعادة الثقة بالقضاة والقضاء بعدما هدمها بعض أبناء البيت القضائي”.
إلّا أنّ القاضي البيطار ورغم ما تقدّم سيواصل عمله مؤكّداً أنّه لم يعمل يوماً تحت ضغط ردّ الفعل ولن يسلق القرار الاتّهامي وسيصدره بعد استكمال التّحقيقات سواء كان في منزله أو في مكتبه أو في السّجن.
القضاء اللبناني الاستنسابي وتقاعسه عن أداء واجباته فتح الباب على مصراعيه لتدويل ملف انفجار المرفأ أو ما بات يعرف بجريمة العصر إذ يحقّ للدول التي لها ضحايا قضوا في الانفجار فتح تحقيقات في الخارج، وقد ظهر هذا الأمر جلياً بعد لقاء الوفد الفرنسي القضائي للقاضي البيطار وحثه على التمسّك بالملفّ وعدم التخلّي عنه لا سيّما أنّ المجتمع الدولي يؤكّد منذ وقوع الانفجار على ضرورة إنهاء التّحقيقات بشكل شفّاف وسريع من أجل تحقيق العدالة.

مصادر فرنسية رفيعة أكدت لموقع “هنا لبنان” أنّ القضاء اللبناني بات عاجزاً وغير قادر على القيام بدوره، ورأت أن هذا العجز سيضطرها إلى تدويل هذه القضية بسبب وجود ضحايا فرنسيين في عداد ضحايا الانفجار. وبحسب المصادر فإنّ فرنسا قد تتجه إلى الطلب من مجلس الأمن بضرورة تشكيل لجنة تقصّي حقائق لإجراء تحقيق دولي في قضية انفجار مرفأ بيروت.

الخبير القانوني والدستوري المحامي سعيد مالك اعتبر بدوره لموقعنا أن ما حصل في أروقة القضاء يشكل حالة من الجنون والفوضى التي لم يعهدها القضاء اللبناني من قبل، ويؤكد على الإفلاس والعجز الواضح في ظل الكباش بين السلطة والقضاء الشريف. كما أنّه انقلاب على القانون والنصوص ممّا يؤسّس لحالة من الهريان الشامل الذي يعاني منه القضاء اللبناني أصلاً. وأضاف مالك أنّ الادّعاءات المتقابلة لا يدفع ثمنها سوى أهالي الضحايا الذين خسروا أبناءهم واليوم خسروا قضيتهم، مشيراً إلى أن لا مفرّ من الذهاب إلى التحقيق الدولي بدءاً بتشكيل لجنة تقصّي حقائق دولية لا سيما أنّ الفرنسيين لديهم ملفّ جاهز عن التحقيقات، لافتاً إلى أنّ القاضيين الفرنسيين اللذين حضرا إلى لبنان استعلما عن قضايا أُرسلت من قبل القضاء الفرنسي إلى القضاء اللبناني، ممّا يُعزّز الدّور الفرنسي لناحية التحقيق. أمّا على الصعيد اللبناني فشدّد على ضرورة تشكيل لجنة تقصّي حقائق دولية مشيراً إلى أنّ أهالي الضحايا تقدّموا بعريضة لتشكيل اللجنة وقد وقّع عليها نوّاب تكتّل الجمهوريّة القويّة الّذي أرسلها إلى مجلس حقوق الإنسان التّابع للأمم المتحدة.

من جهة أخرى أكّدت مصادر تكتل الجمهورية القوية أنّه يتمّ العمل مع ذوي الضّحايا والشهداء من أجل إقرار العريضة لدى مجلس حقوق الإنسان ويقوم بعرضها على سفراء الدول المعنيّة بغية إحداث الخرق المطلوب والوصول إلى الحقيقة والمحاسبة في هذه الجريمة في ظلّ القضاء المعطّل والمنظومة الحاكمة الّتي تحاول طمس معالم الجريمة ومنع تحقيق العدالة وإظهار الحقيقة.
وبانتظار التطوّرات القضائية واجتماع مجلس القضاء الأعلى الخميس والمسؤوليات الملقاة على عاتقه وما سيصدر عنه من قرارات للبتّ في قضية القاضي طارق البيطار بناءً على ادّعاء القاضي عويدات، إضافة إلى التحرّكات التي ستواكبه من قبل أهالي الضحايا والحقوقيين والمناصرين ونواب الكتائب والقوات الذين سيلتقون القاضي سهيل عبود قبل الجلسة، يبقى المشهد اللبناني مفتوحاً على جملة احتمالات تصعيدية في ظلّ الانقسامات والتباينات الحاصلة والتي قد تأخذ البلد إلى منحى صعب في ظل التفلّت والانهيار الحاصل على كافّة المستويات.

وبنظرة تخلط بين التفاؤل والتشاؤم أشارت مصادر سياسية من عين التينة لموقع “هنا لبنان” إلى أنّ البلد لم يعد يحتمل وما يحصل إن كان على الصعيد السياسي مع اعتصام النواب في المجلس وتكثيف الاتصالات واللقاءات بين مختلف الأطراف السياسية المعلنة منها وغير المعلنة في محاولة للتوصّل إلى تسوية للأزمة الرئاسية، وعلى الصعيد المالي من العقوبات إلى تفلت سعر الدولار والارتفاع الجنوني للأسعار، وكذلك قضائياً مع التطوّرات في ملف قضية انفجار المرفأ، قد يكون مقدّمة لإيجاد حلول سريعة عبر تسوية ما قد نشهد بوادرها بعد منتصف شهر شباط وسط تفاهمات داخلية وخارجية، وكشفت المصادر أنّ الأمور تسير على طريق الإنضاج في حال أدت التطورات الإقليمية إلى حلول على صعيد المنطقة.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us

Skip to toolbar