لماذا سحب باسيل كلامه عن “الرئاسة على ظهر الدبابة الإسرائيلية”؟


أخبار بارزة, خاص 20 شباط, 2023

ماذا عن “التيار” عموماً وباسيل خصوصاً الذي ظهر في كلمته الأخيرة وكأنه يملك حقاً حصرياً ليوزع شهادات “حسن سلوك” على الحلفاء والخصوم معاً؟


كتب أحمد عياش لـ “هنا لبنان”:

قال رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل كلاماً السبت الماضي بالصوت والصورة إستهدف الرئيس الراحل بشير الجميل تحت عنوان ما أسماه “الرئاسة على ظهر الدبابة الإسرائيلية”. لكن النص المكتوب لكلام باسيل خلال الجمعية العمومية الثانية 2023 التي عقدها قطاع الشباب في “التيار الوطني الحر” بحضور الرئيس المؤسس العماد ميشال عون، اختفى منه كلياً هذا الغمز من قناة الرئيس بشير الجميل، وهذا ما يمكن ملاحظته من خلال مطابقة شريط الفيديو للكلمة وبين ما صدر في الوكالة الوطنية للإعلام. فهل من سبب لهذه المفارقة؟
في النص المتلفز قال باسيل: “…تهديدنا بالفوضى والعقوبات والفراغ بالحكومة والرئاسة على ظهر الفوضى كما الرئاسة على ظهر الدبابة الإسرائيلية”.
أما في النص المكتوب، فقد غابت كلياً هذه الفقرة. وهنا على ما يبدو إنزلق باسيل في الكلام فيما بدا أن لسانه قد سبق فكره كما هو حاله مراراً، فكان أن لفته أحد ما أو جهة ما في محيطه إلى أن النيل من بشير الجميل لن يمرّ مرور الكرام، وهو لن يمر كما تشير المعلومات.
على ما يبدو أن باسيل الذي توهم أنه في تجرّؤه على الأمين العام لـ “حزب الله” السيد حسن نصرالله مباشرة من دون أن يسميه، قد صار مسموحاً له أن يقفز إلى النيل من رمز بارز هو بشير الجميل الذي غيّبه ليس فقط من نفذ تفجير الأشرفية المعروف بارتباطه بالنظام السوري، ولكن غيّبه أيضاً، أنه لم يمشِ كما أرادت إسرائيل في زمن مناحيم بيغن.
كما يقال ليست كل مرة بتسلم الجرّة. وحتى ذلك الحين نصل إلى الفصل الجديد من علاقات “التيار” بـ “حزب الله.”
لم يعد خافِياً على أحد، أن إعادة الوئام بين “التيار الوطني الحر” وبين “حزب الله” صارت معقّدة وبصورة متسارعة. إذ لم يمضِ وقت طويل على العطب الذي أصاب العلاقات بين الجانبيّن في النصف الأول من كانون الماضي، على خلفيّة انعقاد الجلسة الأولى لحكومة تصريف الأعمال من غير موافقة “التيار” والجهود التي بذلت لإصلاحه، حتى تجدد العطب ثانية في عطلة نهاية الأسبوع الماضي. فهل من جديد في مسلسل “باب الحارة” بنسخته اللبنانية “باب حارة حريك-ميرنا الشالوحي”؟
قبل الدخول في التفاصيل حول علاقات النكد القائمة بين الحزب و”التيار” اللذين إرتبطا بعقد “تفاهم” عام 2006 في كنيسة مار مخايل، كان واضحاً أن “التيار” صار مشاكساً في هذه العلاقات بشكل غير مسبوق، إلى الحد الذي تجرأ فيه السبت الماضي رئيسه النائب جبران باسيل على الأمين العام لـ “حزب الله” السيد حسن نصرالله. وهذا التجرؤ يتم للمرة الثانية منذ كانون الأول الماضي. في المرة الأولى، أدى موقف باسيل، في نهاية العام الماضي، القائل “مشكلتنا مع الصادقين الذين نكثوا بالاتفاق وبالوعد والضمانة”، وهو يقصد مباشرة نصرالله المشهور بعبارة “الوعد الصادق” إلى إندلاع حريق في حارة “تفاهم مار مخايل”، جرى العمل على إطفائه على مدى أسابيع خلت، وتوّجت بزيارة وفد الحزب إلى الرابية لسؤال خاطر مؤسس “التيار” الرئيس ميشال عون.
ولم تمضِ أيام على عملية إطفاء الحريق الأول، حتى أشعل باسيل الحريق الثاني قبل يومين، عندما قال: “من يريد دولة وإصلاحاً، بدلاً من أن يستعمل قوته على الغرب، فليستعملها على رياض أسهل؛ وبدلاً من أن يتمرجل الغرب علينا بالإصلاح، يوقف دعمه، هو وجماعته، لرياض”. وقصد باسيل هنا هو نصرالله مباشرة الذي كانت له إطلالة الخميس الماضي في مهرجان غياب قادة الحزب وفي مقدمهم الحاج عماد مغنية. وقد صعّد زعيم الحزب الخطاب في مواجهة الولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل.
حتى الآن، لا يبدو أن حارة حريك في وارد التعامل مع ميرنا الشالوحي في تجرؤها الثاني على غرار التجرؤ الأول. وفي أوساط إعلامية قريبة من الحزب ما يفيد أن مشروعاً كان قيد التداول كي يقوم باسيل بزيارة الضاحية للقاء السيّد هذه الأيام. لكن ما قاله باسيل السبت الماضي فرمل هذه الزيارة. وتوضح هذه الأوساط أن باسيل، كان يريد من الحزب أن “يسقط خيار ترشيح سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية” لكن رغبته هذه لم تلقَ آذاناً مصغية لدى الحزب.
وفي موازاة ذلك، قالت الأوساط نفسها أنّ زيارة وفد “حزب الله” الأخيرة للرابية برئاسة رئيس كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب محمد رعد إلى عون “لم تكن موفقة، وما صرّح به بعد اللقاء كان جاهزاً قبل الزيارة”. وقالت هذه الأوساط: “طرح الرئيس عون أثناء الزيارة ما يتطلع إليه تياره في الانتخابات الرئاسية، لكن النائب رعد كرر موقف الحزب المتعارض مع تطلعات عون، وخصوصاً لجهة إسقاط خيار ترشيح فرنجية”. ولاحظت هذه الأوساط أنه بعد الزيارة لم يحترم عون قواعد البروتوكول ويخرج لتوديع وفد الحزب وانتظار ما سيدلي به. بل تركه يخرج ويصرّح وحيداً.
رب سائل: لماذا لم يرد “حزب الله” على المواقف الجديدة المتشنجة من باسيل حيال نصرالله؟
في إنتظار تبلور المشهد في علاقات طرفي “تفاهم مار مخايل” والذي صار اسماً على غير مسمى بعدما تحول الـ “تفاهم” إلى “نقار” مستمر، يقول أصحاب المعلومات أن “حزب الله” الذي يخوض غمار مواجهة إيرانية مع الغرب عموماً والولايات المتحدة خصوصاً، سيبدو في الانجرار مجدداً إلى السجال مع “التيار” وكأنه كمن يطلق النار على قدمه، ما يكبّر من حجم من وصل على أكتافه عام 2016 إلى قصر بعبدا، ويصغّر من حجم الحزب. لكن ذلك لا يعني أنّ “خلية الأزمة” التي أنشأها نصرالله قبل أسابيع لمتابعة ملف العلاقات مع “التيار” ستتوقف عن العمل، بل ستكون بين يديها وسائل كي تعيد “التيار” إلى “بيت طاعة التفاهم”.
ماذا عن “التيار” عموماً وباسيل خصوصاً الذي ظهر في كلمته الأخيرة وكأنه يملك حقاً حصرياً ليوزع شهادات “حسن سلوك ” على الحلفاء والخصوم معاً؟
في إعتقاد أصحاب المعلومات، أن جماعة الجنرال ميشال عون يدركون أنها مسألة وقت حتى يتم تعطيل مفعول “التيار” في التسوية التي ستبصر النور لإنهاء الأزمة في لبنان. ولم يعد أمامهم الان سوى الصياح، كما فعل باسيل قبل يومين عندما صار واضحاً أمامه أن السيد كاد أن يسمي فرنجية على طريقة المأثور في الفولكلور اللبناني القائل: “سمّى الجيرة وسمّى الحيّ لولا شوية سماني”، كما تقول فيروز في “سهرة حب”. إن مشكلة باسيل الآن ولاحقاً، أن السيد لن يسميه، لذا فإن باسيل زعلان وسيبقى كذلك!

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us

Skip to toolbar