عندما ينقذ “الحزب” نتنياهو


أخبار بارزة, خاص 9 نيسان, 2023

سارع “الحزب” إلى نفي أيّ علاقة له بهذه “المشاكسة”، لا بل زاد موضحاً أنّه لو كان هو الفاعل لكان تصرف بغير طريقة(!). علماً أنّ الجميع يعلم في لبنان وفي إسرائيل أن لا شيء يتحرّك جنوب الليطاني من دون علمه وموافقته.


كتب سعد كيوان لـ “هنا لبنان”:

وسيلة جديدة لتبادل الرسائل والحفاظ على حالة العداء الشكلي تم استنباطها بين “حزب الله” وإسرائيل. فقبل أيّام تمّ إطلاق أكثر من ثلاثين صاروخ من لبنان على بلدة المطلّة شمال إسرائيل المتاخمة للحدود مع جنوب لبنان، أحدثت أضراراً مادية وأثارت الذعر لدى الأهالي. من أطلق هذه الصواريخ؟ تكتم رسمي شديد من الجهتين، في لبنان وفي إسرائيل.
أكثر من ذلك سارع “حزب الله” إلى نفي أيّ علاقة له بهذه “المشاكسة”، لا بل زاد موضحاً أنّه لو كان هو الفاعل لكان تصرف بغير طريقة (!). علماً أنّ الجميع يعلم في لبنان وفي إسرائيل أن لا شيء يتحرّك جنوب الليطاني من دون علم “حزب الله” وموافقته.
إسرائيلياً، خلقت الصواريخ حالة من الاستنفار الرسمي والأمني من دون أن يتّخذ أيّ إجراء فوريّ بحجّة أنّ يوم الخميس كان أوّل ايام عطلة الفصح اليهودي، وليلاً انعقدت الحكومة الأمنية المصغرة لمناقشة الوضع واتخاذ القرار المناسب. وقد سبق الاجتماع معلومات شيّعتها أوساط رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو بأنّ الفاعل هو حركة “حماس” التي كان رئيسها اسماعيل هنية قد وصل إلى بيروت واجتمع فور وصوله بأمين عام “حزب الله” حسن نصرالله، اللذين شيّعت أوساطهما أنّ اطلاق الصواريخ هو بمثابة رد على اقتحام الجيش الإسرائيلي للمسجد الاقصى، علماً أنّها ليست المرة الأولى التي تقتحم فيها إسرائيل الأقصى، ولم يسبق أن “تضامن” أحد من هنا أو قام بأيّ ردّة فعل. وإذا كان لا بد من ردّ فلماذا من الأراضي اللبنانية؟ قابل ذلك تأكيد إسرائيل بأنّها ستردّ، ولكن لا تريد الحرب مع لبنان كما حرص نتانياهو على التأكيد. وقد صدر بعدها القرار بقصف أهداف محددة في قطاع غزة وفي جنوب لبنان، وسادت حال من الهلع لدى الجنوبيين، قابلها تنصّل “حزب الله” من أيّ مسؤولية مطمئناً في الوقت نفسه أنّه لا يريد المواجهة أو التصعيد.
أكثر من ذلك، أفادت وكالة “روسيا اليوم” ظهر الجمعة أنّ “الكابينت الإسرائيلي المصغّر الّذي انعقد ليل الخميس تناول الوضع الصّعب الّذي يمرّ به لبنان كدولة”، ولفتت إلى أنّ القضية الأساسيّة التي ركّز عليها الاجتماع كانت تخصّ “طلب “حزب الله” الذي بعث برسائل عبر وسطاء أشار فيها أنّه يريد البقاء خارج الصورة”. واستقر الرأي على أنّ الردّ سيوجّه إلى “حماس”. كما أفادت الوكالة أنّ رئيس جهاز الشاباك كان قد اقترح توجيه الضربة إلى “حزب الله” ولكن رئيس الأركان الإسرائيلي رفض ذلك.
هذا، ولا بدّ من لفت النظر إلى أنّ الضربات التي نُفّذت صباح الجمعة لم تطل أيّ مركز أو تواجد عسكري لحركة “حماس؟!
فما الهدف إذاً من هذه “المشاكسة” المحسوبة على طرفي الحدود؟ معروف أنّ حكومة نتانياهو المتطرفة والعنصرية تواجه تحدّيًا جدّيًّا كاد أن يطيح بها نتيجة تصاعد النقمة في الشارع، وبالأخصّ في صفوف الشباب، ضدّ الإجراءات القضائية التي تهدف للحدّ من صلاحيات المحكمة الإسرائيلية العليا من أجل تأمين حزام أمان لرئيس الحكومة المتّهم بفضائح فساد منذ سنوات. وعندما قامت الفصائل الممانعة بتنفيذ همروجة الصواريخ وتسمّمت الأجواء في إسرائيل ودبت الحكومة الصوت، عندها سارع أقطاب المعارضة الإسرائيلية إلى إعلان تضامنهم مؤكّدين أنّه أمام أيّ خطر يتهدّد إسرائيل وأمنها تصبح الوحدة الداخلية هي المسألة الأولى والأهم، محقّقين ولو إجماعاً مؤقّتًا حول حكومة نتانياهو الذي يخشى انفراط عقد حكومته أمام الضغط الداخلي والخطر الخارجي المزعوم.
بالمقابل، فإنّ “حزب الله” الذي يمسك جدّيًّا بزمام الأمور في الجنوب يعرف جدّيًّا أنّ أيّ مغامرة غير محسوبة ستؤدّي إلى مواجهة مفتوحة مع إسرائيل ليس وقتها الآن في ظل الانهيار الداخلي، وبالأخص في ظل المأزق الذي يعيشه لعدم تمكنه من فرض الرئيس الذي يريد، والأهم والأدقّ هو أنّه لا يناسب إيران الآن إشعال الجبهة اللبنانية – الاسرائيلية، أمّا الرسائل وتطمين نتانياهو فمطلوبة. لذلك فإنّ “حزب الله” الذي رسم الحدود البحرية مع إسرائيل فضّل البقاء خارج الصورة!

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us