سوق سوداء تتحكّم بالطوابع: “دبروا راسكن” حتى يتمّ فكّ إضراب موظّفي وزارة المال


أخبار بارزة, خاص 12 نيسان, 2023
الطوابع في السوق السوداء

منذ أكثر من سنتين، يشكو مخاتير مختلف المناطق اللبنانيّة، من فقدان الطوابع الأميرية من كل الفئات، والمطلوبة لإجراء المعاملات الرسمية من إخراجات قيد وبطاقات هوية وسجل عدلي ووثائق زواج وطلاق ووفاة، لا سيما الوثائق التي تعود للطلاب في المدارس على أبواب الامتحانات الرسمية.


كتبت باولا عطية لـ “هنا لبنان”:

“ما عنّا طوابع” الجملة الأشهر التي اعتاد اللبنانييون سماعها منذ 3 سنوات وحتى اليوم، وكأنّ أزمات البلد المتتالية منذ العام 2019 لا تكفي المواطنين، ولا لعنة إقفال الدوائر الرسمية التي تعرقل كل معاملاتهم، لتزيد أزمة انقطاع الطوابع الطين بلّة، فتفتح سوق سوداء جديدة، إلى جانب سوق الدولار، يسعّر فيها المحتكرون الطوابع بفوضى وعشوائيّة.

فبحسب معلومات نقلتها مصادر متابعة لأزمة الطوابع في حديثها لموقع “هنا لبنان”، “منذ أكثر من سنتين، يشكو مخاتير مختلف المناطق اللبنانيّة، من فقدان الطوابع الأميرية من كل الفئات، والمطلوبة لإجراء المعاملات الرسمية من إخراجات قيد وبطاقات هوية وسجل عدلي ووثائق زواج وطلاق ووفاة، لا سيما الوثائق التي تعود للطلاب في المدارس على أبواب الامتحانات الرسمية”.

طابع الـ1000 ليرة بـ45 ألف!
وتضيف المصادر “تباع طوابع الألف ليرة (وهي الأكثر ندرة والأكثر استعمالاً) بأكثر من تسعيرة، تختلف من منطقة إلى أخرى. حيث تبدأ من 10 آلاف ليرة لتصل إلى 45 ألف ليرة. هذا وكانت تباع هذه الطوابع في أوّل الأزمة بـ75 ألف ليرة و100 ألف ليرة في فوضى واضحة بالتسعير، وجد من خلالها المحتكرون باباً جديداً للربح واستغلال المواطنين. والمسألة لا تقتصر على هذه الطوابع بل تتعداها لتطال طوابع الـ250 ألف ليرة والتي لم يعد ربحها وفق السعر القديم كافياً لأصحابها، فاتخذوا منها مصدر ربح جديد بتسعيرات خياليّة تضاهي 5 أضعاف السعر الأساسي لها أو أكثر”.

“فمحلات بيع الطوابع التي كان أصحابها يعتمدون على ما يجنونه من ربح بسيط”، بحسب المصادر، “باتوا يسعون اليوم إلى الاستفادة مما تبقى من مخزون لديهم لبيعه في السوق السوداء. وتخضع أسعارها لمدى حاجة الشخص إليها، فيتحكّمون بأرقاب المواطنين “المحروقين” على شرائها لتخليص معاملاتهم”.

وتؤكّد المصادر أنّ “معظم الطوابع موجودة في وزارة المالية لكنها تعطى “لناس وناس”. مع العلم أنّ مديرية الخزينة في وزارة المالية كانت قد وزّعت طوابع يوم الأربعاء الماضي على المحتسبيات. ومن المفترض أن تصبح في متناول المرخصين خلال أسبوع. إلا أنّ المحتكرين أقوى من الدولة. وهنا يأتي دور العناصر الأمنيّة في ملاحقة هؤلاء”.

القرار صدر.. ولم يسمع به أحد!
في المقابل كانت قد أصدرت وزارة العمل بياناً في كانون الأول من العام 2022 ، أعلنت فيه أنه واعتبارا من شهر نيسان 2023، أيّ الشهر الجاري، سيتمّ العمل بإعلان وزارة المالية بوقف التداول بالطوابع المالية من الفئات الصغيرة مثل 1000 ل.ل و 5000 ل.ل. وفئة 10.000 ل.ل، إصدارات سنة 2021 وما قبل. في إطار تنظيم ومتابعة عملية تسليم الطوابع المالية وبيعها من خلال صناديق طوابع المرخصين في بيروت الذين يتعدّى عددهم 700 مرخّص، ومنعاً للاحتكار ولوضع حدّ لأيّ استغلال أو تلاعب في السوق السوداء”.

وللمفارقة، تواصل موقع “هنا لبنان” مع أكثر من مختار، للاستفسار عمّا إذا سمعوا عن إعلان وزارة العمل، الصادر منذ 3 أشهر، ليتبيّن أنّ أيّا من المخاتير قد تبلّغ أو سمع بقرار وزارة العمل”.

أمّا عن طريقة تأمينهم للطوابع لتخليص المعاملات أجاب المخاتير أنّ “هذه الأخيرة وبمعظمها، تتمّ عن طريق اعتماد استيفاء بدل الطابع عبر OMT و Western Union وWhish وذلك بالنسبة لمن يملكون رقماً مالياً. بحيث يطلب إلى صاحب المعاملة الدخول إلى موقع وزارة المالية وتحديد نوع معاملته ورقمه المالي ليتم إرسال نموذج له يقوم بتعبئته إلكترونياً وتستوفي وزارة المالية من خلاله رسم الطابع المالي. وقد باتت معظم المعاملات التي تتم عبر هذه الشركات خالية من الطوابع. فيما المعاملات التي كانت تجرى عبر “ليبان بوست” فكان يتم استيفاء قيمة الطوابع فيها نقداً”.

فيما أكّد بعض كتّاب العدل في حديثهم لموقع “هنا لبنان”، استبدالهم طوابع من الفئات الصغيرة، بماكينات الوسم التي لديهم أو بنموذج ص14 الذي لا يحدّد حدّاً أدنى أو أقصى لقيمة الطوابع”.

حلّ أزمة الطوابع مربوط بإضراب موظفي الماليّة
من جهته يوضّح الخبير الاقتصادي والمالي، د. خلدون عبد الصمد في حديثه لموقع “هنا لبنان” أنّ “الدولة كانت قد أصدرت، منذ أوّل هذا العام، عدّة قرارات بخصوص أزمة الطوابع، الناتجة عن احتكارها في الأسواق ما أدّى إلى شحّ في الكميات. وكان آخرها قرار وزارة الماليّة بالتوقّف عن استخدام الطوابع الصادرة قبل العام 2021. على أن تقوم الوزارة بطباعة طوابع جديدة من الفئات الصغيرة، أيّ فئات الـ1000 ليرة والـ5000 ليرة والـ10 آلاف ليرة”.

إلاّ أنّ المشكلة بحسب عبد الصمد هي بإضراب الموظفين، حيث يتوجّب على هؤلاء إحصاء الطوابع القديمة والتأكّد من انتهاء تواقيع المرخصين وعدم حيازتهم على طوابع قديمة. حيث في لبنان 700 مكتب مرّخص لهم بيع الطوابع، غير السوق السوداء طبعاً. وهو ما أجّل العمل بقرار “الماليّة”.

واستشهد عبد الصمد بحديث المدير العام لوزارة المالية، يوسف الخليل، الذي أعلن أنّه وحتى حلحلة إضراب موظفي الماليّة، سيتمّ إصدار قانون مفصّل، ينصّ على حصر طوابع الـ1000 والـ5000 والـ10 آلاف القديمة، على أن تسلّم لوزارة الماليّة، دون تبديل، فتعيد الوزارة لأصحاب هذه الطوابع ثمنها، ليشتروا طوابع من الفئة الجديدة لكتّاب العدل والمكاتب المرخّصة. أمّا المكاتب غير المرخّصة فستحرم من استخدام الطوابع القديمة، بعد توقيف “الماليةّ” العمل بها وبالتالي ستكون الوزارة قد أوقفت أرباحهم غير الشرعيّة.

ويضيف “وبما أنّ هذا الحلّ يصعب تنفيذه، لكونه مرتبطاً بإضراب الموظّفين، غير المعروف مداه. تقوم بعض الوزارات باعتماد ماكينات الوسم، والتي لا تتوفّر إلا لدى بعض الوزارات، كوزارة الخارجية والماليّة، فيما الوزارات الأخرى غير قادرة عن تأمين هذه الماكينات، خصوصاً الصغيرة منها”.

وإلى جانب ماكينات الوسم، أصبح بإمكان الأفراد قطع وصل في صندوق السجل العدلي على أن يدفع هذا الوسم في المراكز المرخّصة كالـ”ليبان بوست”، أو الـ”omt”.

وأكّد الصمد أنّ “قرار وزير المال لم يصدر بعد، على أن يصدر بعد حلحلة إضراب الموظفين والعمل على ضمان عدم وجود طوابع قديمة في السوق محتكرة أو غير محتكرة. وأمام هذا الواقع، يمكن على المواطنين استخدام الطوابع التي تعود إلى العام 2021 وما قبل لحين صدور قرار عن وزير المال بوقف العمل بالطوابع القديمة بشكل نهائي”.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us