مين ما طلعلو وسام؟
تسليم الوسام لمستحق أو غير مستحق يُشعر رئيس البلاد، ولو بالشكل، أنه ما زال قابضاً على السلطة، خرج من بعبدا ولم يخرج من المشهد السياسي مثل العماد البحار إميل لحود
كتب عمر موراني لـ “هنا لبنان”:
في كانون الأول الماضي، وفي خلال وجوده في مصر لمتابعة أعمال فنية، “زحط” ملحن الأجيال الصاعدة سمير صفير في “جاكوزي” فندق الـ “فور سيزنز” وأصيب بكسور في جمجمته وإصابة بالغة في أذنه. ومع عودة الملحن العوني إلى بيروت سالماً معافى، أبلغته دوائر البروتوكول في قصر الرابية أن صاحب الفخامة “شايلّو” وسام على جنب، وسام الأرز الوطني من رتبة فارس، فصعد إليه وأخذا صورة تؤكد الخبر.
جاءت زحطة الملحّن العوني في الجاكوزي بعد مرور أكثر من شهر على مغادرة العماد عون قصر بعبدا. فهل كان الوسام ضائعاً في شنطات الثياب وعثرت عليه الست نادية وهي ترتّب جوارير الثياب؟ ولماذا لم يُستدع صفير إلى بعبدا قبل انتهاء الولاية الدستورية لتقليده الوسام وليس بعدها؟ أو يكلّف سفير لبنان في القاهرة بالمهمة؟
ينظر العونيون إلى إلههم الجنرال، كرئيس للجمهورية مدى الحياة، ما يعني حكماً أنه يستطيع ممارسة صلاحياته متى شاء وكيفما اتفق، ويعاملونه على هذا الأساس.
ففي قدّاس عيد مار يوسف في حارة حريك (في 19 آذار) أجلسوه على كرسي فخم متقّدم على كافة مؤمني الصف الأول. لم يمانع بالطبع الحفاظ على هذا الإمتياز السخيف. لا بري يجلس على يمينه، بتراجع قليل، ولا ميقاتي على يساره. رئيس مطلق واحدٌ أحد ومثله لا أحد. يحرّك الجنرال، لواعج المحبين ويسعّر الإشتياق إلى راكيل؛ بطلة”أنت أو لا أحد”.
تسليم الوسام لمستحق أو غير مستحق، يُشعر رئيس البلاد، ولو بالشكل، أنه ما زال قابضاً على السلطة، يعاونه ولي العهد الأورنجي باسيليوس الثالث عشر. خرج من بعبدا ولم يخرج من المشهد السياسي مثل العماد البحار إميل لحود، الذي يعيش أحلى أيامه ما بين الكوت دازور وسطيحة برج الغزال. آخر استقبالاته: السفير السوري علي عبد الكريم علي. زاره مودّعاً والدموع على خدّيه شآبيب. ومن وقت إلى آخر يستقبل الرئيس البحّار شخصيات نوعية مثل أمين الهيئة القيادية في “المرابطون” العميد المتقاعد مصطفى حمدان، أو معن بشّور أو رئيس حركة النضال النائب السابق فيصل الداوود. يختار لحّود أصدقاءه بعناية. جميعهم يقصدونه كمَحَجَّة وأيقونة. فينعكس اللون البرونزي على وجوهم فيخرجون من الزيارة ليس كما دخلوا.
ترك الجنرال لحود الرئاسة خلفه. تركها ناقماً على معظم الموارنة، وعلى بري وجنبلاط والحريري. إبتعد عن الناس. ناسه البيئة الحاضنة. إبتعد عن الإجتماعيات والتلفزيون. إكتفى بلعب بطولة سداسية “إميل لحود القائد، الرئيس، الإنسان” واعتزل بكامل نشاطه.
عون إجتماعي أكثر. يطيب له أن يستقبل الأتباع والمعجبين، ويلبي دعوات العشاء والغداء والقداديس… ومن وقت إلى آخر يسأل أحد معاونيه: مين من جماعتنا بعد ما طلعلو وسام؟
مواضيع مماثلة للكاتب:
كريم بقرادوني وهنري كيسينجر | ماذا يخفي الحزب؟ أيّ سلاح سري؟ | “الحزب” على طاولة القمار |