الطعون بقانون التمديد للمجالس البلدية أمام المجلس الدستوري: جلسة منتصف الأسبوع المقبل والقرار رهن التصويت


أخبار بارزة, خاص 11 أيار, 2023
الطعون

الطعون المقدّمة بقانون التمديد للمجالس البلدية والاختيارية أمام المجلس الدستوري تضعه أمام ثلاثة احتمالات: ردّ الطعن فيعود القانون نافذاً، قبول الطعن وإجراء الانتخابات، أو عدم اكتمال نصاب الالتئام للجلسة عندها يعتبر المجلس الدستوري عاجزاً.


كتبت ميرنا الشدياق لـ “هنا لبنان”:

تتجه الأنظار إلى المجلس الدستوري وما قد يصدر عنه في الطعون الثلاثة المتشابهة المقدّمة إليه بقانون التمديد للمجالس البلدية والإختيارية. بعد أن كان قد أصدر قراراً بتعيين مقرر وتعليق العمل بالقانون المذكور. ما فتح باب التكهنات والتحليلات حول مصير البلديات بعد انتهاء ولايتها في 31 أيار الجاري.

ولأن قانون التمديد قد جاء بصيغة ملتبسة لا سيما لجهة الحديث عن “تمديد ولاية المجالس البلدية والاختيارية لتاريخ أقصاه 31 أيار 2024″، تاركاً للحكومة حرية إجراء الانتخابات في الموعد الذي تراه مناسباً قبل انتهاء ولاية المجالس الممددة وأضيفت إليه عند النشر حيثيات نالت انتقادات كثيرة. فإن الطعون حالياً موضع دراسة تفصيلية من قبل رئيس وأعضاء المجلس الدستوري.

وسط هذا المشهد يتم التذكير بسابقة سُجلت في الرابع والعشرين من تموز من العام 1997 تتعلق بالطعن بتأجيل الاستحقاق الانتخابي للمجالس البلدية والاختيارية، حيث صدر آنذاك قانونان رقم 654 و 655 مددا ولاية المجالس البلدية والاختيارية حتى تاريخ 30/4/1999 بذريعة إجراء تعديلات على قانون البلديات من قبل رئيس الحكومة، لكن بعد الطعن بدستورية هذا القانون صدر قرار عن المجلس الدستوري قضى بإبطال قانون التمديد بحجة غياب الظروف الاستثنائية. فالظرف الاستثنائي هو ظرف غير متوقع ولا يمكن منعه مثلاً في حالة الحرب أو الاجتياح من قبل دولة أجنبية.
فما موقف المجلس الدستوري من هذه السابقة؟ وما هو توجهه؟وهل سيصدر القرار أو أن الأهواء السياسية ستوجه البوصلة إلى “اللاقرار”؟

مشلب: الجلسة مرجحة منتصف الأسبوع المقبل

رئيس المجلس الدستوري القاضي طنوس مشلب وفي حديثه لموقع “هنا لبنان” أكد أنه لا يمكنه أن يتكهّن بما سيصدر عن المجلس ولا يمكن تحديد توجهه بانتظار أن يرفع المقرر تقريره كحد أقصى السبت المقبل وبما أنه يوم عطلة بإمكانه التأجيل حتى الإثنين المقبل. يكون عندها أمام رئيس المجلس 5 أيّام لتبليغ الأعضاء بموعد الجلسة الأولى، على أن تتوالى الجلسات المفتوحة لحين إصدار القرار بمهلة أقصاها 15 يوماً، ما يعني إمكانيّة صدور القرار مع نهاية الشهر.

ولفت مشلب إلى أنه حالياً يدرس الملف كل عضو من أعضاء المجلس منفرداً، ولكل وجهة نظره العلمية التي سيطرحها من دون شك في الجلسة التي سيتم تحديدها، مرجحاً أن تكون في منتصف الأسبوع المقبل.

وإذا كان المجلس أمام خيار إما القبول بالطعن وبالتالي إبطال القانون أو رد الطعن، إلا أن مشلب يشير أيضاً إلى الأكثرية المطلوبة لاتخاذ القرار وعند عدم توفرها يكون حينها أمام “اللاقرار” عندها يعتبر القانون المطعون فيه نافذاً ويسقط قرار تعليق القانون.

وحول ما فسره البعض بأن تعليق المجلس للقانون وكأنه موافقة ضمنية على الطعن، شدد مشلب على أن هذا التفسير غير صحيح. و”اتخاذنا لهذا القرار انطلق من مبدأ أن لا ضرر من تعليق مفعول القانون لأسبوعين أو ثلاثة”.

أما عن إمكان ارتكان المجلس إلى سابقة القرار في العام 1997، لفت مشلب إلى أنه إذا كانت الظروف والأسباب مشابهة مئة بالمئة بتلك الموجودة اليوم، عندها يكون المجلس الدستوري مجبراً على التقيد بالاجتهاد السابق لأن هناك ما يسمى بالقانون “الاستقرار التشريعي”. وبالتالي يتم التدقيق إن كانت الظروف متشابهة.

وعن التدخلات السياسية في التأثير على اكتمال نصاب الجلسة، انطلق مشلب من تجاربه السابقة منذ توليه مهامه قبل ثلاث سنوات ليؤكد أن النصاب سيكون كاملاً خصوصاً أن لكل قاضٍ من القضاة في المجلس تاريخه على مدى أكثر من أربعين عاماً في السلك القضائي، ولن يسجل أحد منهم بطبيعة الحال غيابه عن تلك الجلسة. إلا أن مشلب لفت إلى أن الاختلاف في الآراء القانونية وارد عند النقاش في أي جلسة، وبالتالي التعذر في اتخاذ القرار وارد. وهنا شدد مشلب على أنه حتى اللحظة يدور النقاش إفرادياً ولم تتكوّن الصورة بعد عن التوجه النهائي.

مالك:لعدم الاستسلام للضغوط السياسية

الخبير الدستوري المحامي سعيد مالك أكد في حديث لموقع “هنا لبنان” أن المجلس الدستوري محكوم بمهل ليس باستطاعته تخطيها، ومجموع هذه المهل يبلغ شهراً واحداً كحد أقصى وبالتالي من المتوقع أن يصدر المجلس الدستوري قراره النهائي نهاية هذا الشهر أو كحد اقصى مطلع الشهر المقبل. أما لجهة الاحتمالات الممكنة:

– إصداره القرار النهائي بردّ الطعن عندها يعود القانون المطعون بدستوريته إلى السريان وتعتبر المجالس البلدية والاختيارية ممدداً لها حتى تاريخ أقصاه نهاية أيار من العام المقبل.

– إصداره القرار النهائي بقبول الطعن شكلاً وأساساً وتقرير عدم دستورية قانون التمديد المطعون فيه عندها يعتبر القانون المطعون فيه باطلاً ويتوجب على الحكومة فوراً المبادرة إلى إجراء الانتخابات البلدية والاختيارية دون أي تأخير.

– الاحتمال الثالث المرجح هو عدم اكتمال نصاب الالتئام المحدد بثمانية أعضاء من أصل عشرة أو عدم التمكن من تأمين الأكثرية اللازمة للبت بالطعن أي أكثرية سبعة أعضاء من أصل عشرة عندها يعتبر المجلس الدستوري عاجزاً عن الفصل بالمراجعات المقدمة أمامه ما سيؤثر سلباً على صورة المجلس الدستوري واستقلاليته.

لذلك نُصرّ على وجوب الفصل بالمنازعات إيجاباً أم سلباً وعدم الاستسلام للضغوط السياسية التي لن توفر جهداً إلا وستبذله لتعطيل رقابة المجلس الدستوري وشلّها.

ولفت مالك إلى أنه في حال عدم اكتمال النصاب وبعد مرور شهر يسقط الطعن ويعود القانون إلى السريان وبالتالي إذا لم يتمكن المجلس الدستوري خلال شهر من الوصول إلى قرار بإبطال القانون المطعون بدستوريته يعتبر الطعن ساقطاً وكأنه لم يكن ويعود القانون المطعون به إلى السريان.

وعن سابقة الطعن عام 1997 وهل تتوفر الظروف نفسها، أكد مالك أن القرار 97/1 هو قرار بالإمكان الارتكان عليه ولكن هل يعتبره المجلس الدستوري سابقة أم يعتبره قراراً يمكن مخالفته، هو قرار يعود إلى المجلس الدستوري. ولكن في العام 1997 كانت الظروف أصعب من الظروف التي نمر بها اليوم وعلى رغم ذلك أبطل قانون التمديد، وبالتالي اليوم بالأسباب الموجبة الحالية يفترض أن يصار إلى إبطال القانون المطعون فيه لا سيما أن الأسباب الموجبة المرفقة بالقانون مؤسفة جداً خصوصاً عندما يتحدثون عن أسباب ليس لها علاقة بالظروف الاستثنائية أو حال الضرورة ما يستتبع حكماً إبطال القانون.

وعن عبارة “تمديد ولاية المجالس البلدية والاختيارية لتاريخ أقصاه 31 أيار 2024″، شدد مالك على أن تحديد المهل هو عمل قانوني من عمل مجلس النواب وليس مجلس الوزراء ولا يمكن أن يتم التوجه إلى الحكومة بالقول” كحد اقصى…” إذ أن القوانين هي من تحدد ولاية البلديات. والقانون يفرض على مجلس النواب تحديد التواريخ وليس الحكومة ما يخالف المادة 16 من الدستور الفقرة “هـ”.

وفي حال قَبِل الدستوري الطعن وأبطل التمديد، ماذا سيحل بالمجالس التي تنتهي ولايتها في 31 أيار الحالي؟ هل سنكون أمام فراغ في السلطات المحليّة إلى حين تمكّن الحكومة من إجراء الإنتخابات؟
مالك يشير إلى سابقة حصلت بهذا الخصوص شبيهة بالسؤال المطروح حيث أن المجالس البلدية والتي كانت قائمة وانتهت ولايتها نهاية عام 1988 واستمرت بالعمل من 1989/1/1 حتى 1990/9/31 إلى أن صدر القانونان 90/15 و 90/16 ومددا العمل بالمجالس البلدية والاختيارية مع مفعول رجعي شرّع من خلالهما المشترع الأفعال التي قامت بها البلديات عن الحقبة المذكورة، ما يفيد على أنه في حال انتهت ولاية المجالس البلدية في 5/31 من دون إجراء انتخابات ودون تمديد، باستطاعة هذه المجالس أن تستمر في عملها ضمن إطار تصريف الأعمال بالمعنى الضيق بناء على تعميم من قبل وزير الداخلية أو من قبل الحكومة على أن يصدر قانون لاحقاً يشرعن الأعمال التي قامت بها البلديات والمجالس الاختيارية من 2023/6/1 حتى تاريخ صدور القانون.

إذاً كلّ شيء وارد، وأمام المجلس الدستوري اختبار صعب، فيما يبقى الأمر رهن التصويت وموازين القوى والاختلاف في الآراء القانونية.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us