لا حصانة مالية للوزراء بعد اليوم: الشورى يسمح بمحاسبة كلّ وزير هَدَرَ المال العام


أخبار بارزة, خاص 13 أيار, 2023
مجلس شورى الدولة

أسقط مجلس شورى الدولة الحصانة عن الوزراء وأعطى ديوان المحاسبة حق فرض الغرامات على الوزراء ومحاسبتهم مالياً، معززاً دور الهيئات الرقابية والقضائية في المحاسبة دون العودة إلى مجلس النواب.

كتبت ريمان ضو لـ “هنا لبنان”:

في السابع والعشرين من نيسان الماضي، صادق مجلس شورى الدولة على قرار ديوان المحاسبة الذي ألزم فيه وزير الأشغال العامّة والنقل السابق محمد الصفدي بدفع غرامة بقيمة مليونين و500 ألف ليرة لبنانية، إضافة إلى غرامة تساوي راتب ثلاثة أشهر تُحتسب بناءً على الراتب الذي كان يتقاضاه عندما كان وزيراً. وذلك بسبب مخالفة تتعلّق بتلزيم مشروعِ إقامة جسور في منطقة البحصاص – طرابلس، قبل استكمال الدراسات اللازمة، مع علم الوزير المسبق بعدم إمكانية تنفيذ هذا المشروع.

واستند ديوان المحاسبة في قراره إلى المادة 112 من قانون المحاسبة العمومية والتي تنصّ على أنّ “الوزير مسؤول شخصيًّا على أمواله الخاصة عن كل نفقة يعقدها مُتجاوزاً الاعتمادات المفتوحة لوزارته مع علمه بهذا التجاوز، وكذلك عن كل تدبير يؤدي إلى زيادة النفقات التي تصرف من الاعتمادات المذكورة إذا كان هذا التدبير غير ناتج عن أحكام تشريعية سابقة”.

وبعد قرار ديوان المحاسبة الصادر في 25 أيلول 2020، تقدّم الصفدي بطلب نقض للقرار أمام مجلس شورى الدولة متذرّعاً بعدم صلاحية الديوان في محاكمة أيِّ وزير ماليّاً، مستنداً إلى المادة 70 من الدستور التي تنص على أنّ محاكمة الوزراء تبقى منوطة حصراً بالمجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء ومعتبراً “أنّ رقابة ديوان المحاسبة تشمل فقط الموظفين من دون الوزير في التسلسل الإداري”.

الأهمية القانونية لقرار مجلس شورى الدولة أنّ من شأنه الحدّ من الإفلات من العقاب وتهرب المسؤولين من المحاسبة بحجّة الحصانات الدستورية، والأهم أنّه سيصبح مرجعاً لمحاسبة كلّ وزير، بعد أنّ ثبّت حق ديوان المحاسبة بمحاكمته ماليّاً من دون العودة إلى المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء.

وفي هذا السياق أوضح الأستاذ الجامعي المتخصّص في القانون الدستوري وتاريخ الفكر السياسي وسام اللحام في حديث لـ “هنا لبنان” أنّ “القرار صدر عن مجلس القضايا لدى مجلس الشورى وهو أعلى سلطة قضائية، وقد أصدر الشورى قراره بصفته سلطة نقض”، شارحاً أن “العقوبة الوحيدة التي يمكن أن يفرضها ديوان المحاسبة هي الغرامة المالية، على أن يقوم بتبليغ مجلس النواب لوضع يده على المخالفات لملاحقته أمام المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، إلا أنّ أهمية القرار أنه أكد أنّ قانون ديوان المحاسبة وقانون المحاسبة العمومية أثبتا أن رقابة الديوان تشمل أيضاً الوزير ولا تعطي أي استثناء”.

ويقول اللحام إنّ “القرار دحض الحصانة الوزارية أمام ديوان المحاسبة، مضيفاً أنّ الغرامة رمزية وتدفع من جيب الوزير الخاصة، مع الإشارة إلى ضرورة تعديل قيمة هذه الغرامات. لكن الأهم، بنظر اللحام، يجب أن يكون تغريم الوزير بدفع الأموال التي صُرفت وهُدرت.”

ويشير اللحام إلى أنّ “المادة 70 من الدستور تشير إلى ضرورة وجود “قانون خاص يحدد شروط مسؤولية رئيس مجلس الوزراء الحقوقية”، والمقصود بالمسؤولية الحقوقية هي المسؤولية المدنية أي ضرورة تحمّل الوزير مادياً وزر الأخطاء التي يرتكبها في معرض ممارسته لمهامه والتي ينتج عنها ضرر يلحق بالدولة أو بالأفراد. ويوضح أنّ هذا القانون لم يصدر حتى اليوم، وبالتالي فإن مجلس الشورى يقول، طالما أنّ القانون لم يصدر بعد، فلا استثناءات. ويشدد اللحام على ضرورة صدور هذا القانون الذي يحدد المسؤولية الحقوقية للوزراء، وكيف يمكن للدولة أن تدعي على الوزير المخالف، وتجبره على دفع الأموال من جيبه، وهذا ما يحصل في فرنسا على سبيل المثال، إذ يحاسب الوزير حتى على تصريحاته إذا تضمنت أي معلومات خاطئة.”

أسقط الشورى الحصانة عن الوزراء وأعطى ديوان المحاسبة حق فرض الغرامات على الوزراء ومحاسبتهم مالياً، وعزز في هذا القرار التاريخي والسابقة القضائية، دور الهيئات الرقابية والقضائية، في المحاسبة دون العودة إلى مجلس النواب، وهو بذلك كرّس نهجاً جديداً في ملاحقة كلّ فاسد ومتهم بهدر الأموال العامة.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us