باسيل يلتف على “الخماسية” ويبلف المسيحيين


أخبار بارزة, خاص 31 تموز, 2023
باسيل

إنّها مقايضة بطبيعة الحال يسعى إليها باسيل محاولاً، أولاً الإلتفاف على توجهات اللجنة الخماسية وقطع الطريق على قائد الجيش الذي يدفعه العداء له إلى حدّ القبول بفرنجية خصمه اللدود في الشمال رئيساً.


كتب سعد كيوان لـ”هنا لبنان”:

غادر جان إيف لودريان بيروت مطمئناً إلى أنّه تمكن من إقناع الأفرقاء اللبنانيين بمنزلة وسطى ما بين فخّ الحوار الذي يصرّ عليه الثنائي الشيعي والاحتكام إلى صندوق الإقتراع الذي تؤكد عليه المعارضة وينصّ عليه الدستور. منزلة هي بمثابة “طاولة عمل” كما أسماها لودريان نفسه للتشاور وتبادل الآراء في أيلول المقبل “حول مواصفات الرئيس ومهمّاته بعد انتخابه” يتمّ بعدها الانتقال إلى مجلس النواب لإتمام عملية انتخاب الرئيس. وبغضّ النظر عن مدى حظوظ نجاح هذه العملية، فإنّ المبعوث الشخصي للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون نجح في التوفيق بين مهمته التي لم تعد فقط فرنسية، والدور الذي أنيط به كمترجم لتوجهات اللجنة الخماسية، المؤلفة من فرنسا والسعودية والولايات المتحدة ومصر وقطر، والتي عقدت اجتماعاً في الدوحة في 17 تموز الماضي صدر عنه بيان صعّب مهمة لودريان، وجاء معاكساً تماماً لما كان يتوقعه الثنائي الشيعي بعدم تبنّيه الحوار ودعوة الفريقين إليه.
وذكّر البيان النواب بمسؤولياتهم الدستورية وبـ”أن يشرعوا في انتخاب رئيس للبلاد” وليس التحاور بخصوصه، رئيس يحظى بائتلافٍ واسعٍ وشاملٍ حوله، وهدّد بإتخاذ إجراءات ضدّ المعرقلين.
ناهيك عن تأكيد البيان على ضرورة الإلتزام بـ”اتفاق الطائف” والقرارات الدولية الصادرة عن مجلس الأمن بخصوص لبنان. ما يعني عملياً أنّه أسقط خيار سليمان فرنجية مرشح الثنائي بتركيزه على “ائتلاف واسع وشامل” حول الرئيس المقبل. وهذا ما يفسّر الحملة التي شنّت من قبل الثنائي على ما أسموه “التدخل الخارجي” عشية وصول لودريان والتي تزامنت مع تأكيد تمسكهم بفرنجية.

ولكن ما هي الورقة غير المعلنة التي تخفيها معظم دول اللجنة الخماسية؟ والتي استمزج لودريان آراء البعض حولها؟
إنّها على الأرجح ورقة قائد الجيش جوزف عون التي دفعت رئيس التيار العوني جبران باسيل إلى ممارسة عملية الهروب إلى الأمام – هي عملياً بمثابة عودة إلى الوراء – بإصلاح ذات البين مع “حزب الله”، الذي قدّم في النهاية رئاسة الجمهورية لميشال عون على طبق من فضّة وسهل تغلغل باسيل وأزلامه داخل مؤسسات وإدارات الدولة على مدى ست سنوات.
واستؤنف التواصل من خلال وفيق صفا، وتوقّف عنده باسيل وبرّره في اليومين الأخيرين بأنّه نوع من بازار يقوم على انتزاع اللامركزية الإداراية والمالية الموسعة والصندوق الإئتماني (لعائدات النفط والغاز) مقابل الموافقة على فرنجية.
إنّها مقايضة بطبيعة الحال يسعى إليها باسيل محاولاً، أولاً الإلتفاف على توجهات اللجنة الخماسية وقطع الطريق على قائد الجيش الذي يدفعه العداء له إلى حدّ القبول بفرنجية خصمه اللدود في الشمال رئيساً.
وثانياً، وهذا الأهم، يبدو أنّ باسيل يحاول بلف المسيحيين عبر اللعب على عواطف ويأس قطاعات كثيرة منهم، وملاقاة الأصوات المرتفعة بينهم التي تدعو إلى الفدرالية، بإغرائهم أنّه انتزع “لهم” اللامركزية التي تمكّنهم من إدارة شؤونهم بأنفسهم بعيداً عن شركائهم في الوطن، هؤلاء الشركاء أنفسهم، الذين يعقد هو الصفقات معهم.
علماً أنّ اللامركزية الإدارية الموسعة هي بند أساسي من بنود وثيقة الوفاق الوطني أيّ “اتفاق الطائف” (1989)، والذي لم تسعَ المنظومة لتطبيقه كغيره من البنود رغم مرور أكثر من ثلاثة وثلاثين سنة على إقراره.
وبالتالي ما يحصل اليوم، هو نوع من “تربيح الجميلة” للمسيحيين (ولجميع اللبنانيين) من كيسهم. في حين أنّ السؤال الأهم هو: كيف لـ”حزب الله” أن يلتزم باللامركزية المالية التي يرفضها منذ عشرات السنين، ويعتبرها مع حليفه حركة أمل تندرج في سياق التقسيم؟
أما الصندوق الائتماني فهو بمثابة وعد خيالي بأمر غير موجود ولا يمكن تحقيقه، إذ كيف يمكن إنشاء صندوق تحفظ فيه أموال لعائدات من ثروة نفطية – غازية لا تزال على الورق، ثروة قد لا تتشكّل أبداً. وفي حال استخرجت وتمّ الإستثمار بها وتسويقها، فأيّ عائدات لن يحصّلها لبنان قبل سبع أو ثماني سنوات على الاقل؟ والأدهى والأطرف في كل ما ورد أنّ باسيل يشترط إقرار هذين المطلبين مسبقاً بقوانين مبرمة في مجلس النواب!

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us