الملف الأمني وحدود تصريف الأعمال… هل تبيح الضرورات المحظورات؟


تصريف الأعمال

كيف يمكن لحكومة تصريف الأعمال مواجهة الاستحقاقات الأمنية؟ وهل تبيح الضرورات المحظورات؟ وهل يمكن دعوة المجلس الأعلى للدفاع للإجتماع؟


كتبت ميرنا الشدياق لـ”هنا لبنان”:

منذ أن دخل لبنان في دوامة “الشغور الرئاسي” ازدادت المخاوف من تأثيرات أمنية تضرب الساحة اللبنانية.

وعلى الرغم من الإشتباك السياسي القائم بشكل شبه دائم حول صلاحيات حكومة تصريف الأعمال فإنّ الرئيس نجيب ميقاتي كان يؤكد مراراً وتكراراً أنّ حكومته ستواصل القيام بمسؤولياتها وأنّ الأمن خط أحمر.
وقد أثارت الاشتباكات الفلسطينية في مخيم عين الحلوة مخاوف من فوضى أمنية ومن مخططات مشبوهة لافتعال توترات أمنية داخل المخيمات وخارجها خصوصاً وأنّ هذا الاقتتال يشكّل انتهاكاً صارخاً للسيادة اللبنانية.

أمام هذا الواقع، كيف يمكن لحكومة تصريف الأعمال مواجهة الاستحقاقات الأمنية؟ وهل تبيح الضرورات المحظورات؟ وهل يمكن دعوة المجلس الأعلى للدفاع للإجتماع؟

في هذا الإطار أكّدت مصادر مطّلعة لموقع “هنا لبنان” وجوب التمييز بين الشقّ الأمني المتصّل بالقيادة العسكرية والأجهزة الأمنية والقرارات التكتيكية التي يمكن أن تتخذها من جهة والغطاء السياسي الذي يمكن أن تؤمنه الحكومة من جهة أخرى.

في الشقّ الأمني، تنسّق المؤسسات الأمنية على اختلافها، ووفق أعلى المستويات في ما يتعلّق بموضوع الجهوزية الأمنية.
وكان الوضع الأمني قد شهد استقراراً بفضل الجهود التي يبذلها الجيش اللبناني المنتشر على كافّة أراضي الوطن، كما بهمّة باقي القوى الأمنية والتي تقوم بدورها كلٌّ وفق اختصاصه ومسؤولياته، لكن هذا لا يمنع حصول بعض الحوادث أو التجاوزات الأمنية بين الحين والآخر، علماً أنّ العمليات الأمنية – الإستباقية التي يقوم بها كل من الجيش والقوى الأمنية دائماً ما ينتج عنها توقيف المطلوبين وسوقهم إلى العدالة بغية السيطرة على الوضع ومنع الأمن من التفلّت.

إلى ذلك، أكّدت مصادر متابعة للواقع الأمني، لـ”هنا لبنان” على أنّ “الجيش يتدخل عند اللزوم وكذلك الأمر بالنسبة إلى القوى الأمنية الأخرى التي تقوم بدورها في حفظ الأمن في ظل التزام أفراد القوى الأمنية والعسكرية بمهامهم ورسالتهم وتحمّلهم المسؤولية بشكل كامل في الدفاع عن الوطن”.

وتشدّد المصادر على “وعي القيادات الأمنية والعسكرية لدورها في الحفاظ على تماسك الوحدات كي تبقى المؤسسة العسكرية الضامن للأمن والاستقرار في لبنان”.

سياسياً، توضح المصادر أنّ “الحالة الطارئة يمكن أن تبرر تجاوز حكومة ميقاتي المعنى الضيق لتصريف الأعمال، واتّخاذ أيّ إجراءات سريعة حرصاً على ضمان أمن وسلامة الدولة”.

تتابع المصادر: “ممارسة حكومة تصريف الأعمال لبعض الصلاحيات، وإن كانت محدودة بعد استقالتها، هو من الضرورات الملحة في بعض الحالات الاستثنائية، إذ من غير المنطقي القبول بالفراغ المطلق في السلطة لحين تشكيل حكومة جديدة، لا سيّما في مرحلة انعدام الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي والسياسي والأمني”.

في السياق نفسه يؤكد الخبير الدستوري المحامي سعيد مالك لـ”هنا لبنان” أنّه “من الثابت أنّ الحكومة الحالية هي حكومة تصريف أعمال بالمعنى الضيق، وذلك عملاً بأحكام الفقرة 2 من المادة 64 من الدستور، ولكن مبدأ تصريف الأعمال بالمعنى الضيق لا يجوز أن يشكل عائقاً أمام الحكومة لاتّخاذ التدابير اللازمة والآيلة إلى منع التعدّي أو التعرض على أمن الوطن والمواطنين. وبالتالي فإنّ المسألة الأمنية اليوم تشكّل أولوية وهي حاجة ملحّة تفرض على مجلس الوزراء أن يجتمع لاتخاذ ما يراه مناسباً من تدابير وقرارات فالأمر لا يتعلق بكونها حكومة تصريف أعمال بل بكونها الجهة المسؤولة عن أمن المواطن وسلامته ووحدة أراضي الوطن، وبالتالي فصحيح أنّ حكومة تصريف الأعمال لا  يمكن لها أن تجتمع في الحالة الطبيعية، غير أنّها يجب ويقتضي عليها أن تجتمع من أجل اتخاذ التدابير اللازمة بهذا الشأن”.

وعن حدود ما يمكن أن تتخذه حكومة تصريف الأعمال من قرارات متّصلة بأمن الوطن، وإن فرضنا مثلاً أنّ الحاجة كانت ملحّة إلى إعلان حالة الطوارئ؟

وفق مالك فإنّ “إعلان حالة الطوارئ هو من صلاحيات الحكومة، وهذا ما تنصّ عليه الفقرة 5 من المادة 65، ومن الممكن أن يوصي المجلس الأعلى للدفاع بإعلان حالة الطوارئ، غير أنّ من يتخّذ القرار هو مجلس الوزراء في حال اجتمع، فهذا التدبير من صلاحياته وباستطاعة رئيس الحكومة أن يدعو استثنائياً المجلس الاعلى للدفاع للانعقاد كونه نائب رئيس المجلس الأعلى للدفاع. وبالتالي فإنّ الأمور اليوم مفتوحة على كل الاحتمالات، وذلك رهناً بالتطورات التي ستفرضها الأيام المقبلة”.

إذاً يشكّل الملف الأمني تحدّياً أمام حكومة تصريف الأعمال. ولا خيار في أيّ مرحلة حرجة إلّا التصدّي لأيّ خطر قد ينال من أمن الوطن والمواطن..

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us

Skip to toolbar