بلاد على شفير الهاوية!


أخبار بارزة, خاص 22 آب, 2023

دفع اللبنانيون أثماناً باهظة للحفاظ على الحريات ومسؤوليتهم الجماعيّة أن يحافظوا عليها

كتب رامي الريّس لـ “هنا لبنان”:

الخطاب السياسي والإعلامي في لبنان يأخذ أبعاداً خطيرة في منحنياته الطائفيّة والمذهبيّة وينذر بأجواء ملبدة تفاقم الأزمات المتوالية التي تحاصر اللبنانيين في لقمة عيشهم وحياتهم وكرامتهم، وهو يذكر بحقبات غابرة حين كانت الوتيرة الطائفيّة في أوجها وأدّت تدريجياً، مع جملة من العوامل الأخرى، إلى الانفجار الكبير.
بات أي كلام سياسي أو تحليل منطقي أو تفسير لظاهرة معيّنة أو انتقاد لطروحات خطيرة يُصنّف في إطار مذهبي خطير ويُقدّم وكأنه موجّه ضد طائفة أو مذهب أو فئة معيّنة، دون معالجة الأفكار الرئيسيّة أو الرد المنطقي عليها. سرعان ما تذهب الأمور في البلاد إلى التصنيف الطائفي والمذهبي دون احتساب أي طائل لها في مختلف المجالات.
لذلك، يبدو الحذر مطلوباً أكثر من أي وقت مضى. يكفي البلاد توترات متنقلة، بعضها من خلفيّات سياسيّة وبعضها الآخر ينطلق ببساطة من واقع الانهيار الأخلاقي والمجتمعي بحيث تتكاثر أعمال السلب والقتل والاغتصاب والتحرش وسواها من الظواهر الخطيرة.
مطلب عقلنة الخطاب السياسي والإعلامي لا يعني السكوت عن الحق أو التراجع والانهزام أو حتى الانكسار والتخلي عن الثوابت، وهو لا يعني مطلقاً الابتعاد عن مناخ الحريات والذهاب نحو سياسة كمّ الأفواه. لقد دفع اللبنانيون أثماناً باهظة للحفاظ على الحريات ومسؤوليتهم الجماعيّة أن يحافظوا عليها.
مطلب عقلنة الخطاب السياسي والإعلامي يعني، في مكان معيّن، الإبتعاد عن مقاربة الملفات والقضايا الوطنيّة والمصيريّة الحساسة من الزاوية الطائفيّة والمذهبيّة بما يتيح فعلاً تلافي التوتير السياسي وتالياً الأمني في البلاد، خصوصاً أن مقولة أن الأمن في لبنان سياسي لا تزال تطغى على ما عداها من المعادلات الأمنيّة وتبدو كأنها الخيار الأمثل لحفظ الاستقرار الداخلي.
طبعاً، بموازاة ذلك، لا مناص من المطالبة المتكررة، من دون كلل أو ملل، بإعادة تنشيط المؤسسات الدستوريّة بدءاً برئاسة الجمهوريّة وصولاً إلى تشكيل حكومة جديدة وتجديد الحياة السياسيّة برمتها، ومن ضمنها الذهاب العام المقبل دون تأجيل جديد أو تسويف لإجراء الانتخابات البلدية والاختيارية التي من شأنها تفعيل الحياة المحليّة في القرى والأرياف.
وأيضاً بموازاة ذلك، لا بد من المباشرة بتطبيق خطوات إصلاحيّة جديّة وجذريّة يمكن من خلالها وضع لبنان على سكة الإنقاذ مع دخول الأزمات المتراكمة عامها الرابع دون أن تقرّ التشريعات والإصلاحات المطلوبة مثل “الكابيتال كونترول” وإصلاح القطاع المصرفي وضبط تلاعب سعر الصرف وسواها من الخطوات التي باتت معروفة والتي يشكل إقرارها مدخلاً حتمياً لاستعادة لبنان قدراته التمويليّة مع المجتمع الدولي.
المهم هو عدم تفجير البلاد لا من أولئك الذين يملكون فائض القوة، ولا من أولئك الذين يواجهونها. البلاد على شفير الهاوية!

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us