لبنان يدخل نادي الدول النّفطية مع بدء عمليات الحفر والتنقيب.. والأمن من الأولويات


أخبار بارزة, خاص 26 آب, 2023

اتّفاق ترسيم الحدود البحرية الذي نال لبنان بموجبه حقوقه في مياهه كان السبب الرئيسي في عودة الشركات إلى عملية التنقيب، فقد كان عاملاً جاذباً وقوياً لا سيّما لشركة “توتال إنيرجيز” الفرنسية

كتبت شهير إدريس لـ “هنا لبنان”:

دخل لبنان فعلياً نادي الدول النفطية مع بدء أعمال التنقيب عن النفط والغاز في البلوك رقم 9، بعد انتظار دام لسنوات خمس في ظل أزمات سياسية واقتصادية متتالية أخّرت حضور كونسورتيوم الشركات المولجة عملية الحفر والتنقيب، إلّا أنّ اتّفاق ترسيم الحدود البحرية الذي نال لبنان بموجبه حقوقه في مياهه كان السبب الرئيسي في عودة الشركات إلى عملية التنقيب وليس لاهتمامها بالجانب التجاري فقط، فالاتّفاق كان عاملاً جاذباً وقوياً لا سيّما لشركة “توتال إنيرجيز” الفرنسية التي أوفدت منصة الحفر “ترانس أوشن” والتي بدأت العمل فعلياً في بلوك ما سمي “قانا 96 ” في المياه الإقليمية اللبنانية وكذلك لشركتي “إيني” الإيطالية وشركة “قطر للطاقة”.
ثلاثة أشهر من بدء عملية الحفر هي المدة المتوقعة لمعرفة الكميات المتواجدة ، وبحسب مصادر معنية في وزارة الطاقة لموقع “هنا لبنان” فإن عملية تلزيم كافة الخدمات قد انتهت بعد أن جرى استقدام المعدّات المطلوبة مشيرة إلى أنّ كافّة الفرق باتت جاهزة وبدأت عملها تحت إشراف شركة توتال الفرنسية، وقد أصبح لدى هيئة قطاع البترول كلّ الإحداثيات اللازمة تقنياً وجيولوجياً وستتابع عن كثب كل ما يجري في عملية الحفر والتنقيب.
وتوقعت مصادر خبيرة في مجال النفط والغاز لموقعنا أنّه مع انتهاء عمليات الحفر بعد 90 يوماً من الآن ووجود كميات الغاز التجارية في مكمن مشترك مع الجانب الإسرائيلي فإنّ شركة توتال قد تقوم بإجراء اتّفاق مالي مع الإسرائيليين والعودة بعد ذلك لتطوير الحقل في لبنان.
ومع انطلاق عملية الحفر والتنقيب كان لافتاً ما أعلنه وزير الطاقة والمياه في حكومة تصريف الأعمال وليد فياض حيال منح رخصة استطلاع لاتّحاد شركات عالمي للقيام بمسح زلزالي ثلاثي الأبعاد لجمع البيانات في البلوك رقم 8 في المياه البحرية اللبنانية وتعليق آمال كبيرة عليه بعد أن كان في منطقة متنازع عليها قبل ترسيم الحدود البحرية، مما يزيد التّنافس على إمكانيّة حصول لبنان على أفضل شروط تجاريّة له، في ما يتعلّق باقتسام الأرباح والموارد من جرّاء مشاركة القطاع الخاص والشّركاء المستقبليين.

ومن جهتها، أكّدت الخبيرة في شؤون الحوكمة والنفط والغاز في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لوري هايتايان لـ “هنا لبنان” أنّ قيام وزارة الطاقة بإعطاء تراخيص لعمليات المسح في البلوك رقم 8 كان لجذب الشركات إلى لبنان وفق خطة جديدة بعد أن كانت هذه الرقعة في المنطقة المتنازع عليها قبل إتفاق ترسيم الحدود البحرية وكانت 20 % من عمليات المسح متوقّفة بعد أن تمّ مسح 80 % وتبيّن وجود 42 مكمن موزعة في أنحاء المنطقة الاقتصادية الخالصة وتقسيمها إلى 10 بلوكات ممّا أدّى إلى تأجيل جولة التراخيص الثانية، إضافة إلى الاستفادة من الأموال الّتي ستتمّ بها عملية التمويل عبر تسويق الداتا. ورأت هايتايان أن أهمية هذه المسوحات تكمن في شرائها من قبل شركات الكونسورتيوم التي تريد إجراء تقييم للمناطق المحيطة بالبلوك رقم 9 ومعرفة مكامنها.
وقد وضعت شركة توتال كامل إمكانيّاتها لبدء عملية الحفر بعد أن حصلت على الضمانات المطلوبة لا سيّما الأمنية منها من فرنساً أوّلاً ومن الولايات المتحدة راعية اتّفاق ترسيم الحدود ومن إسرائيل إضافة إلى التزام لبنان لا سيّما حزب الله بعدم حصول أيّ إشكالات أمنية في المنطقة الإقتصادية الخالصة وبمحاذاة البلوك رقم 9، وأشارت هايتايان الى أنّ كونسورتيوم الشركات وضع تكلفة أكبر بسبب مسألة المخاطر الأمنية مما كان عند البدء بالحفر في البلوك رقم 4 نظراً لحساسية الوضع عند الحدود بين الجانبين اللبناني والإسرائيلي. وكان المدير العام لشركة توتال انيرجيز رومان دو لا مارتينيز قد أكد أنّ بدء عملية الحفر والتزام شركة توتال يعود للترسيم السلمي للحدود البحرية.
هذا الأمر سينعكس أيضاً على قرار التمديد لقوات اليونيفيل أواخر شهر آب الجاري إذ أنّ الفرنسيين الذين وضعوا مسودة القرار رحبوا فيها بترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل في العام 2022 والذي ذكرت فيه دولة إسرائيل قرابة 30 مرة مما يشير إلى أنّ الاتّفاق حصل مباشرة بين الدولتين، وتساهم قوات اليونيفيل البحرية في حماية الحدود البحرية وفقاً للقرار 1701 وتدعم القوات البحرية اللبنانية في مراقبة مياهها الإقليمية وتأمين السواحل ومنع دخول الأسلحة غير المصرّح بها أو المواد ذات الصلة إلى لبنان عن طريق البحر.
وبحسب مصادر ديبلوماسية لموقع “هنا لبنان” فإن لبنان يسعى غلى تعديل هذه الفقرة عبر التأكيد على أنّ الإتفاق جرى مع الولايات المتحدة الأميركية وليس مع إسرائيل التي تعتبر طرفاً ثالثاً، ولفتت المصادر إلى أنّ لبنان قد ينجح في هذا التعديل بوجود فريق تقني من الجيش في عداد الوفد المرافق لوزير الخارجية على الرغم من التشدد الحاصل لجهة التعديل في مسألة حركة قوات اليونيفيل بالتنسيق مع الجيش اللبناني، لكن الأمور بحسب المصادر تبقى رهن كيفية تعاطي لبنان مع هذا القرار المهم والحساس وتعاطي الدول الفاعلة في مجلس الأمن وأبرزها فرنسا التي لديها مصالح جمة في لبنان بدءاً من الملف الرئاسي وصولاً إلى شركة توتال التي تقوم بعملية التنقيب عن النفط والغاز في البلوك رقم 9.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us

Skip to toolbar