دفع البلاد إلى الخراب!


أخبار بارزة, خاص 12 أيلول, 2023

إذا كانت نظريّة “الهروب إلى الأمام” هي الخيار المفضّل لدى بعض الجهات، فإن الخوف هو أن تؤدي هذه المقاربة، عن قصد أو غير قصد، إلى إشعال الحرب مجدداً مع كل ما يعنيه ذلك من دمار ومآسٍ وويلات

كتب رامي الريّس لـ “هنا لبنان”:

الطبيعة تكره الفراغ والسياسة تكره الفراغ. غالباً ما تتمدد الفوضى لملء الفراغ، فكيف إذا كان الفراغ في بلد مثل لبنان معقد بتركيبته وتتناتشه التجاذبات السياسيّة في أبعادها المحليّة والخارجيّة.

ثمّة موازين قوى قائمة في لبنان لم يعد ممكناً إشاحة النظر عنها فرضتها مجموعة من التطورات والسياسات والظروف الدوليّة والاقليميّة والداخليّة ودفعت بها نحو مسارات جديدة. هل هو الميزان الأمثل الذي يتلاءم مع التركيبة اللبنانيّة بتعدديتها وتنوعها؟ قطعاً، كلا!

ولكن السؤال الجوهري يتمحور حول السبل المثلى لتعديل موازين القوى وإنتاج مناخات سياسيّة ووطنيّة جديدة في لبنان على ضوء ذاك التغيير المنشود؟ بمعنى آخر، ما هي الأدوات السياسيّة والسلميّة المتاحة لإحداث هذا التحوّل المطلوب من دون إشعال الحرب الأهليّة مجدداً ومن دون تفجير الوضع الداخلي اللبناني وإغراقه في مستنقع جديد من الاقتتال الداخلي الذي سبق أن جُرّب من قبل في حقبة ١٩٧٥- ١٩٩٠ وكانت نتائجه كارثيّة على المستويات السياسيّة والاقتصاديّة والاجتماعيّة دون استثناء؟

هذا السؤال المجرّد من أي أهداف فئويّة، أي “البريء” بشكل أو بآخر، إنما يأتي رداً على بعض الأصوات النشاز التي تستهل جر البلاد مجدداً إلى أتون الحرب من خلال إطلاق مواقف شعبويّة لا تمت إلى المنطق أو العقل بصلة وتستدعي مصطلحات الحقد والكراهيّة والبغضاء وتشوّش على فكرة السلم الأهلي وسبل الحفاظ عليه بكل الوسائل المتاحة والممكنة.

ماذا يعني، عمليّاً، أن تنتعش بعض الأدبيّات التي تعيد إنتاج مناخات الحرب الأهليّة وتبنيها رويداً رويداً في الأوساط الشعبيّة المهيأة أصلاً لتلقف كل الكلام التقسيمي نتيجة مواظبة أطراف وقوى سياسيّة معيّنة على التحريض المنهجي في قضايا تتصل بتقاسم السلطة والصلاحيات والقصف المتواصل على إتفاق الطائف؟

إذا كانت نظريّة “الهروب إلى الأمام” هي الخيار المفضّل لدى بعض الجهات، فإن الخوف هو أن تؤدي هذه المقاربة، عن قصد أو غير قصد، إلى إشعال الحرب مجدداً مع كل ما يعنيه ذلك من دمار ومآسٍ وويلات.

ليس المقصود من كل هذا الكلام تبرير مواقف القوى الأخرى القابضة على زمام الأمور والتي تمعن في الإساءة إلى “الفكرة اللبنانيّة” والتي تمارس تشويهاً منظماً لديمقراطيتها الطرية العود، بل على العكس فإن المسؤوليّة الأساسيّة تقع على عاتقها في تخريب التوازنات اللبنانيّة الدقيقة وقد مد لها يد العون في ذلك الفريق المتحالف معها تحقيقاً لمآربه الخاصة التي تقف على طرفي نقيض مع المصلحة الوطنيّة اللبنانيّة.

المقصود هو إعلاء الصوت دون تفجير الوضع والدفع في إتجاه إحداث التغير سلمياً في لحظة مؤاتية محلياً واقليمياً ودوليّاً، وكل ما عدا ذلك لا يعدو كونه دفع البلاد إلى المجهول… والخراب!

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us