عقارية بيروت… 1300 دولار لإنجاز معاملتك!


أخبار بارزة, خاص 25 أيلول, 2023
عقارية

“مشي الحال… مشيها”، بهذه العبارة يطمئن السمسار الموظف ويبلغه بأن الرشوة دفعت وبإمكانه إنجاز المعاملة وإمضاؤها من بين مئات الملفات العالقة


كتبت ناديا الحلاق لـ “هنا لبنان”:

مئات المعاملات المتراكمة في الدوائر العقارية في بيروت، ومواطنون ينتظرون دورهم لساعات وأيام وشهور، إذ أنّ الدوائر لا تفتح أبوابها سوى ليوم واحد في الأسبوع فيما إنجاز أي معاملة يتطلب وقتاً طويلاً، إلّا إذا حضر المال “بتنحل المشكلة” على قاعدة “معاملة بسمنة ومعاملة بزيت”.
فعن الرشاوى في عقارية بيروت حدّث ولا حرج، حتّى أنّ الـ 100 والـ 200 دولار لم تعد مقبولة بحسب أحد المعقبين الذي أكد لموقعنا أن بعض الموظفين باتوا يطلبون مئات الدولارات مقابل إنجاز معاملة بكل “عين وقحة” غير آبهين لحملة التوقيفات الأخيرة التي طالت زملاءهم في دوائر عقارية عدة.
“مشي الحال… مشيها”، بهذه العبارة يطمئن السمسار الموظف ويبلغه بأن الرشوة دفعت وبإمكانه إنجاز المعاملة وإمضاؤها من بين مئات الملفات العالقة، بحسب المعقب.

محمد مواطن لبناني يشكو من سوء المعاملة في عقارية بيروت والمماطلة في إنجاز معاملته لأنه رفض دفع الرشوة التي فرضها عليه أحد السماسرة لتسهيل أموره، أكثر من 10 أشهرمضت ومحمد ما زال بانتظار دوره لإنجاز معاملته وتسجيل عقار اشتراه منذ فترة، فتارة يقولون له بأن الـ “system” معطل وليس بإمكاننا إدخال المعاملة على الكومبيوتر وإعطاؤه رقماً تسلسلياً، وتارة يتذرّعون بعدم وجود إفادات عقارية أو نفاذ الحبر أو الورق أوالمازوت، أما الحجة الأقوى فهي أن الأولوية للملفات القديمة المتراكمة والموظفين “مش ملحقين”. في حين أن عباس نجح في تمرير معاملته في غضون 5 أيام بعد أن دفع مبلغ 1300 دولار للموظفين لتخليض معاملته.
مصدر من عقارية بيروت يؤكد لـ “هنا لبنان” أن العقارية تعمل يوماً في الأسبوع لتمرير المعاملات الدسمة، وعلى الرغم من أن الجميع يعلم بالفساد المستشري في الدوائر العقارية إلا أن جشع الموظفين تعاظم في الآونة الأخيرة، ويقول بسخرية: على ما يبدو أنهم يريدون مواكبة غلاء المعيشة فالمبالغ السابقة لم تعد تكفيهم وبطونهم كبرت، حتى أصبحت الرشاوى المطلوبة تفوق الـ 1000 دولار إذ يختلف السعر وفقاً لنوع المعاملة وقيمتها”.
ويضيف المصدر: “من يدفع المبلغ للموظفين تسير معاملته بأمان أما من يتخلف عن الدفع فتبقى معاملته في أدراج المغارة العقارية إلى أجل غير مسمى”.

بدوره يؤكد المحامي علي عباس من المرصد الشعبي أن “العمل في الدوائر العقارية عالم مبني على الرشوة وهي ظاهرة موجودة في معظم الادارات الحكومية في لبنان، إذ لا يستبعد “التسعيرة” الجديدة للرشوة في عقارية بيروت والمقدرة بـ 1300 دولار خصوصاً وأنها تفتح أبوابها يوماً واحداً في الأسبوع ما زاد من مشكلة تراكم الملفات وتكدسها”.
ويتابع: “ما يحصل مع المواطنين اليوم هو أنهم باتوا يتسابقون على دفع الرشاوى المحددة من قبل السماسرة مقابل إنجاز معاملاتهم كي لا تفوتهم الفرصة ويضطروا للانتظار لأشهر وربما سنوات”.
ويلفت إلى أن “الموظفين غالباً ما يعتمدون أساليب التهويل وإيهام المواطن بأن معاملته تستغرق وقتاً طويلاً حتى تنجز، فيرضخ للأمر الواقع ويدفع الرشوة”.
وبحسب عباس إن “المرحلة التي شهدها لبنان مؤخراً ساعدت في كشف بؤر الفساد في الدولة اللبنانية وتحديداً في الدوائر العقارية التي شهدت توقيفات موظفين وسماسرة بالجملة، إلا أن محاكمات المتورطين تسير ببطء حتى وأن بعضهم قد أخلي سبيلهم ويطالبون بالعودة إلى وظائهفم لمتابعة نهب المؤسسة رغم عدم صدور أحكام قضائية بحقهم”.
ويأسف لأن “المواطن أصبح رهينة للمافيات المتحكمة بالدوائر العقارية ليس في بيروت فحسب بل في جميع المناطق، مشدداً على ضرورة معالجة الأمور في الوقت المناسب قبل الوصول إلى مرحلة أفظع من الابتزاز ويطلب فيها السماسرة والموظفون 2000 و3000 دولار مقابل إنجاز معاملة”.
كما يشدد عباس على ضرورة مكننة المعاملات العقارية عن طريق الربط الإلكتروني بين الدوائر العقارية وكتّاب العدل ووزارة المالية للحد من حالات الفساد ومعاناة المواطنين”.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us