360 مليون دولار يومياً خسائر القطاع العام!


أخبار بارزة, خاص 17 تشرين الثانى, 2021

كتبت ريمان ضو لـ”هنا لبنان”:

بدأت القصّة بالحضور بنسبة 50 % الى مكاتبهم بسبب نظام المداورة الذي أقرّته الدولة اللبنانية للتّخفيف من انتقال عدوى فيروس كورونا منذ العام 2020.

خفّت أعداد الإصابات في فيروس كورونا، إلا أن نظام المداورة استمر للوصول إلى العمل ليوم واحد في الأسبوع، لكن هذه المرة بسبب الانهيار الاقتصادي الحاصل.

هذه قصة موظفي الإداراة العامة في الدولة اللبنانية، الذين يبلغ عددهم حوالي 15 ألفاً بين موظف ملاك ومتعاقد وأجير، بعد تدهور قيمة رواتبهم بنسبة 100%، وتحوّل الراتب إلى بدل نقل يومي لتأمين البنزين للوصول إلى مكان العمل.

وبين خيار التوجّه اليوميّ إلى عملهم وإنفاق ما في جيوبهم على البنزين، أو البقاء في المنزل وإطعام عائلاتهم، اختاروا همّهم المعيشي مع الإبقاء على تسيير أمور الناس ومعاملاتهم.

فالموظفون الذين كانوا يعتبرون أنفسهم من أصحاب الدخل المتوسط وما فوق ارتباطاً برواتبهم وفئاتهم وأقلها الخامسة – الموظف العادي ويتقاضى مليون ليرة لبنانية (أي ما كان يوازي 666 دولاراً اميركياً) وصولاً إلى الفئة الأولى من مدراء عامين ومحافظين فرواتبهم لا تقل عن خمسة ملايين ليرة لبنانية (أي نحو 3،333 دولاراً اميركياً سابقاً)_ باتوا اليوم من الطبقات الفقيرة إذ لا تكفي رواتبهم لتأمين الحد الأدنى من الاستمرارية.

خسائر يومية بقيمة 360 مليون دولار

أمّا الخسائر المباشرة أو غير المباشرة التي يتكبدها القطاع العام يومياً، فبلغت ملايين الدولارات.

ففي عمليةٍ حسابيّةٍ بسيطة، بحسب الباحث في الدّولية للمعلومات محمّد شمس الدين، لموقع “هنا لبنان”، يمثل القطاع العام حوالي 60% من الناتج القومي أو مجمل الحركة الاقتصادية، فيما الدولة حالياً تعمل بقدرة 10% من طاقتها الفعلية.

وعليه، إذا كانت الخسارة السنوية تقدّر حاليا من الناتج المحلي حوالي 15 مليار دولار، وإذا احتسبنا عمل الدولة حاليا بقدرة 10 %، فإنّ الخسارة السنوية تقدر بحوالي 13.5 مليار دولار أي حوالي 360 مليون دولار يومياً.

وهذه الخسارة تتوزع بين عدم قدرة الدولة على تأمين إيرادات إضافية من خلال تحصيل الضرائب، وبين تضرر مصالح المواطنين، والتأخر بإنجاز بعض المعاملات وما يترتب على ذلك من أعباء مالية.

الانكماش الاقتصادي بلغ 160%

وفي علم الأرقام أيضاً، فبعد أن بلغ التضخم المالي مستوياتٍ قياسية وتخطّى الشهر الماضي حوالي 160%، وهو المؤشر الأعلى في العالم، وبلغ حجم الانكماش الاقتصادي أكثر من 25 %، ما زاد الطين بلّةً هو انعدام الإنتاجية وعدم تحصيل أيّ مردود انتاجي يغذي الناتج المحلي الذي يؤثر فيه القطاع العام بنسبة 25 إلى 30%.

فمعلوم، بحسب الخبير الاقتصادي د. محمود جباعي، أن “أساس الناتج المحلي يعتمد في الدرجة الأولى على القطاع العام، من خلال بعض مؤسساته كالمرافىء والكهرباء ودفع الرسوم والضرائب…. ناهيك عن إضراب موظفي القطاع العام يقضي على ما تبقى من هيبة الدولة وثقة المواطن فيها وثقة المجتمع الدولي بالدولة اللبنانية”.

واقترح جباعي، في حديث مع موقع “هنا لبنان”،”بطاقة إلكترونية مع راتب إضافي يمكن لأي موظف استخدامها في السوبرماركت أو محطات الوقود أو في شراء الأدوية، ولا يؤدي ذلك بالتالي إلى زيادة تضخم الكتلة النقدية بالليرة اللبنانية وبنفس الوقت نكون قد عززنا القدرة الشرائية للموظف”.

وأضاف أنّ “الحلّ الأشمل هو إقرار خطة تعافٍ شاملة متكاملة يكون إصلاح القطاع العام البند الأول فيها، ومن ضمنه تصحيح أجور الموظفين”.

النقابات تتحرك

النقابات المعنية رفعت الصوت مطالبة بتحسين الرواتب، وإن كان الموظفون يدركون، كما تقول رئيسة رابطة موظفي الإدارة العامة نوال نصر لموقع ” هنا لبنان”، الواقع المالي للدولة لكن يمكن تأمين الايرادات من خلال وقف الهدر وحصر النفقات، ولو شاءت لتمكنت من تغطية حاجات القطاع العام من مواردها الخاصة، نافيةً أن تؤدّي زيادة الرواتب إلى تضخم إضافي، بل إنعاش وتحريك السوق الراكدة بسبب الغلاء..

وصرّحت نصر، أنّ “ما يتم طرحه من تقديمات في هذه الفترة لا يلامس الحد الأدنى من المطالب التي تشكل جزءاً بسيطاً من حاجات الموظفين الأساسية وتطالب احتساب الرواتب والمعاشات التقاعدية وتعويضات الصرف على أساس مؤشر غلاء المعيشة بعد تفعيله أو على دولار سعر السوق الموازية إضافة الى استعادة قيمة التقديمات الصحية والاجتماعية: عن طريق دعم الصناديق الضامنة ورفع “بدل النقل” مقترحه تأمين قسائم بنزين تحدد كميتها وفقاً للمسافة التي يقطعها كل موظف من نطاق سكنه وبعده عن عمله. وتؤكد نصر أنّ الموظفين عادوا إلى العمل في الإدارات العامة يوم الأربعاء فقط لتسهيل شؤون المواطنين الّذين يعانون مثلهم، إلا أنهم سيعودون إلى الإضراب المفتوح في حال عدم صدور نتائج إيجابية عن اجتماع اللجنة الوزارية الذي سيعقد يوم غد الخميس.

وتختم نصر بالإشارة إلى “أنّ الموظفين يطلبون حقوقاً لا حسنات كي تتمّ مساومتهم وتحميلهم مسؤولية تأمين تمويلها، فالشتاء لا ينتظر وراتب الموظف لسنة لا يمكّنه من تأمين المازوت ولا حتى الدواء بعد رفع الدعم.

تبقى الإشارة إلى أن الخسائر التي تتكبدها الدولة، لا تعود فقط إلى إضراب الموظفين، فالمواطن اللبناني أصلا بات عاجزاً عن تسديد ضرائبه من جهة، في ظل الانكماش الاقتصادي الحاصل، إضافة إلى أن الإدارات العامة عاجزة أصلا عن توفير الخدمات اللازمة للمواطنين بسبب عدم القدرة على تأمين المستلزمات المطلوبة كالأوراق والحبر والقرطاسية والمازوت، فضلاً عن انقطاع الكهرباء أثناء ساعات الدوام الرسمي.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us