أعداد المغتربين المسجّلين للإقتراع إلى 200 ألف قريبًا.. هل يقلبون المعادلة البرلمانيّة؟


أخبار بارزة, خاص 17 تشرين الثانى, 2021

كتبت نوال الأشقر لـ”هنا لبنان”:

تُواكَبُ عملية تسجيل المغتربين للإقتراع في الإنتخابات النيابية، باهتمامٍ إعلاميّ محليّ بارز، وباستنفار حزبيّ ملحوظ، خصوصًا أنّ أعدادًا لا يستهان بها، بلغتها نسبةُ المغتربين اللبنانيين المنتشرين في العالم، الذين يحق لهم بالإقتراع، بحيث قاربت المليون ناخب. بطبيعة الحال نتحدث هنا عن مشهدية عدديّة من شأنها أن تقلب المعادلة البرلمانيّة رأسًا على عقب، أو أن تكرّسها وتعزّزها. ذلك يتوقف على جملة عوامل، في مقدمها مجموع المغتربين المسجّلين، النسبة التي سوف تقترع من إجمالي المسجّلين، واتجاهات تصويتهم. وهنا لا يمكن النظر إلى المغتربين كمجموعة واحدة، بل على العكس من ذلك، المغتربون شأنهم شأن المقيمين، تحكم خياراتهم الإنتخابية عوامل مذهبية وطائفية وسياسية وربما مناطقيّة أيضًا، خصوصًا بظل القانون الإنتخابي الحالي.

أعداد المغتربين المسجّلين في منحى تصاعدي يومي، يوم السبت الماضي بلغ عدد المسجّلين 126999، ارتفع الأحد وسجّل 138566، الإثنين قفز إلى 150409، واصل الثلاثاء وتيرته التصاعدية وبلغ 165481، والعدد مرشّح لمزيد من الإرتفاع، مع بدء العد العكسي لانتهاء مهلة تسجيل المغتربين، في 20 تشرين الثاني الحالي.

على بعد ثلاثة أيام من إقفال باب التسجيل، نجري قراءة في الأرقام وتأثيراتها في الإستحقاق التشريعي المقبل، مع الباحث في الدوليّة للمعلومات محمد شمس الدين، بحديثه لـ “هنا لبنان” رأى في أعداد المغتربين المسجلين مؤشّرًا إيجابيًّا “عام 2018 بلغ عدد المسجّلين حوالي 83 ألف ناخب، اقترع منهم حوالي 47 ألف ناخب، أي بنسبة 56.4% من المسجّلين، شكّلوا نسبة 2.5% فقط من إجمالي المقترعين. اليوم نتحدث عن رقم مضاعف، وهناك ارتفاع يومي في نسبة المسجّلين بمعدل 10 آلاف ناخب، وقد نصل إلى مجموع 200 ألف ناخب مسجّل، وهو رقم جيّد مقارنةً بانتخابات 2018، ولكنّه ضئيلٌ مقارنةً بعدد اللبنانيين المقيمين في الخارج، والذين يحقّ لهم الإقتراع، والبالغ عددهم 970 ألف مغترب”.

مع اقتراب انتهاء موعد إغلاق باب التسجيل، تنهال الدعوات والتصريحات وتتكثّف الحملات لحضّ المغتربين على التسجيل، وتنشط الماكينات الإنتخابية للأحزاب في دول الإغتراب، ويتبلور الخطاب الإنتخابي شيئًا فشيئًا. وسائل الإعلام لاسيّما المرئية تنخرط بهذه العملية، فتخصّص مساحاتٍ في نشراتها لمواكبة أعداد المسجّلين، وتحضّهم على المشاركة. في ظل هذه المشهدية، يبدو السؤال مشروعًا، عن الفرق الذي يمكن أن يحدثه إقتراع المغتربين، في الولاية المجلسيّة المقبلة؟

وفق مقاربة شمس الدين، لا بدّ من انتظار مسألتين في غاية الأهمية “الأولى تتعلق بمصير طعن التيار الوطني الحر بشأن آلية اقتراع المغتربين. هناك مهلة شهر أمام المجلس الدستوري للبتّ بالطعن، وإصدار قراره لجهة استحداث ستة نواب للمغتربين موزّعين على ست قارات، أو إعطائهم الحق بالإقتراع للدوائر الـ 15 أسوةً بالمقيمين. بناءً عليه يختلف التصرّف في كلّ من الحالتين، فإذا قبِل المجلس الدستوري الطعن بهذه المادة، ومنح المغتربين ستة نواب، ستخف حماسة المغتربين للإقتراع. بالتالي لا يمكن حسم تأثير صوت المغترب في المعادلة الإنتخابيّة قبل قرار المجلس الدستوري”.

وأضاف شمس الدين أنّ “المسألة الثانية الواجب اتخاذها بعين الإعتبار، هي بُعد مراكز الإقتراع عن أماكن إقامة المغتربين والعامل المناخي، فإذا حصلت الإنتخابات في آذار أو في أيار قد تفرمل الثلوج والظروف المناخية اندفاع الناخبين. بالإضافة إلى توافر المستندات الضرورية للإقتراع كالهوية أو الباسبور. وكلّها أمور لا بدّ من أخذها بالحسبان، كونها تؤثر في نسبة إقتراع المغتربين المسجّلين”.

الدولية للمعلومات أجرت دراسة عام 2018 حول اتجاه تصويت المغتربين، بموجبها حازت كلّ من القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر على العدد الأكبر.

حزب القوات اللبنانية 8,568 صوتًا

التيار الوطني الحر 8,206 صوتًا

حركة أمل 4,731 صوتًا

حزب الله 4,273 صوتًا

تيار المستقبل 3,210 صوتًا

“المجتمع المدني” 2,379 صوتًا

الحزب التقدمي الاشتراكي 2,226 صوتًا

جمعية المشاريع الخيرية الإسلامية 1,324 صوتًا

حزب المردة 1,120 صوتًا

حزب الكتائب 1,086 صوتًا

ميشال معوض 867 صوتًا

حزب الطاشناق 745 صوتًا

الحزب السوري القومي الاجتماعي 562 صوتًا

تيار العزم 398 صوتًا

النائب فؤاد مخزومي 259 صوتًا

النائب نعمة إفرام 169 صوتًا

الكتلة الشعبية (ميريام سكاف) 102 صوت

النائب سيزار معلوف 104 أصوات

النائب ميشال الضاهر 98 صوتًا

الجماعة الإسلامية 63 صوتاً

ينطلق شمس الدين من هذه الأرقام ليشير إلى أنّ اللبنانيين في الخارج لم يقترعوا بطريقة مغايرة عن المقيمين، والمجتمع المدني حصل على أقل من 2400 صوت “بنظرة أوليّة لست أكيدًا من أنّ أصوات المغتربين ستُحدث فرقًا في المشهد الإنتخابي، حتّى لو كان عدد المسجّلين كبيرًا وكذلك المقترعين، وهناك خشية من أن يكون انتخابهم في برلمان 2022 كما كان عام 2018، أي لمصلحة القوى الحزبيّة والسياسيّة”.

بالنظر إلى خريطة توزيع المسجّلين في آخر تحديث في الساعات الماضية، نرى أنّ أوروبا سجّلت العدد الأكبر (حوالي 53 ألف ناخب)، تلتها آسيا (حوالي 42 ألف ناخب)، بالمقابل سجّلت أميركا اللاتينية النسبة الأدنى (حوالي 4 آلاف ناخب) وأفريقيا (حوالي 14 ألف ناخب). هذه الأرقام تشير إلى طبيعة المعركة الإنتخابية وما تتطلبه من حشد للأصوات، حيث ستتركّز المنافسة الشرسة في الدوائر المسيحيّة، في جبيل وكسروان وزغرتا وبشري والبترون والكورة وبيروت الأولى وزحلة، وبعبدا والشوف وعاليه، لذلك نجد حماسة في التسجيل في صفوف المغتربين المسيحيين، في البلدان حيث الإنتشار المسيحي أكبر، وفق قراءة شمس الدين. بالمقابل أرقام المسجّلين في أفريقيا متدنّية، ذلك يعود إلى غياب المعركة في الدوائر حيث الناخب الشيعي، فالنتائج شبه محسومة في الجنوب وبعلبك.

لا يمكن التكهن باتجاه تصويت المغتربين، أو الأحزاب التي ستكون مستفيدة من أصواتهم، قبل معرفة كيف تمّ توزيع أصواتهم على الدوائر. المجتمع المدني يعوّل على نقمة المغتربين الذين تركوا البلد في الآونة الأخيرة بظل الأزمة المالية والإقتصادية، لكن وفق شمس الدين “النقمة شيء والإقتراع شيء آخر، إذ يمكن لناخب أن يكون ناقمًا على الحزب والزعيم، ولكن هذا لا يعني أنّه سيذهب للإقتراع ضده”.

بأي حال، أعداد المغتربين المسجّلين ونسبة اقتراعهم واتجاهات أصواتهم ستشكّل مادّة جديرة بالدراسة، لاسيّما وأنّ الإستحقاق التشريعي المنتظر سيشكّل أول برلمان بعد مشهدية 17 تشرين، وما تلاها من انهيار مالي غير مسبوق في تاريخ البلاد، وتسعير للصراع الإقليمي والدولي في بلاد الأرز، يدفع المغترب كما المقيم فاتورة ويلاته.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us