عندما يعرّف “السيد” الإرهاب!


أخبار بارزة, خاص 6 كانون الثاني, 2022

كتبت رولا حداد لـ “هنا لبنان” :

لا تكترثوا كثيراً للهجوم العنيف الذي شنّه الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله على المملكة العربية السعودية في خطابه الأخير، ولا تعيروه اهتماماً، لأنّه في العمق ناتجٌ عن تبدّل صورة معركة مأرب في اليمن، والتي توهّم نصرالله وحلفاؤه أنّهم سيحسمونها قبل أسابيع طويلة، فإذا بالوقائع الميدانية تخذلهم وباتوا يستغيثون بالأميركيين والوسطاء الدوليين لوقف الهجوم المعاكس للجيش اليمني على ميليشيات الحوثيين وداعميهم.

كونوا على ثقةٍ أنّه فيما لو توصّلت إيران اليوم إلى تفاهمٍ مع السعودية، فسترون نصرالله يعتمد خطاب الغزل بالمملكة وقيادتها الحكيمة وسموّ ملكها ووليّ عهدها، وستعود المملكة رمزاً للاعتدال والانفتاح، وهي الصفات التي تليق أساساً بالمملكة، وسينسى نصرالله وربّما يعتذر ويطلب المغفرة علناً عن كلّ الاتّهامات والإساءات التي اقترفها بحقّ السعودية، ليس حرصاً على المصالح اللبنانية العليا والعلاقات اللبنانية التاريخية مع المملكة، إنّما حرصاً على المصالح الإيرانية فقط!

ولكن، ولضرورات النّقاش الموضوعي ليس أكثر، لا بدّ من التوقّف عند أهمّ نقطةٍ في خطاب نصرالله، وهي تعريف الإرهابي:

الإرهابي بنظر نصرالله “هو الذي أرسل داعش والانتحاريين إلى العراق ويشنّ الحرب على اليمن منذ 7 سنوات ويحتجز آلاف اللبنانيين في الخليج رهينةً يهدّد بهم لبنان كلّ يوم”. وبتدقيقٍ بسيطٍ بالوقائع يتبيّن أنّ من أخرج قادة داعش الأوائل من السّجون كان الرئيس السوري بشار الأسد بموجب عفوٍ عام بعد انطلاق الثورة السورية بأشهر، والهدف كان واضحاً وهو الوصول إلى وضع المجتمع الدولي بين خيارين: إما داعش وإما بقاء نظام الأسد. كما أنّ النظام السوري هو الذي كان يرسل الانتحاريين إلى العراق وذلك بموجب اتهاماتٍ دامغةٍ من رجل إيران الأول في العراق رئيس الوزراء السابق نوري المالكي. هذا من دون إغفال دور إيران المباشر و”حزب الله” في رعاية الإرهاب والإرهابيين، من احتضان قادة تنظيم القاعدة في قلب إيران وليس انتهاءً بالحرص على تهريب عناصر داعش من جرود جبال لبنان الشرقية ومنع الجيش اللبناني من اعتقالهم منعاً لفضح المستور ومن هو “أبو داعش” وراعيها!

وبخصوص الحرب في اليمن فالإرهابي هو من قتل الرئيس علي عبدالله صالح علناً وانقلب على الشرعية ليستعمل اليمن للانطلاق بهجماتٍ إرهابيةٍ ضدّ السعودية عبر الصواريخ البالستية والمسيّرات المفخّخة التي يرسلها بشكلٍ شبه يوميّ، ومن يستعمل المدنيين في اليمن كدروعٍ بشريةٍ في حربٍ عسكرية.

أما في ما يتعلق باللبنانيين في الخليج الذين قال عنهم نصرالله إنّهم “رهائن”، فتكفي الإشارة إلى حلم أكثرية اللبنانيين بالانتقال إلى العيش والعمل في إحدى دول الخليج العربي حيث تتأمّن لهم أفضل سبل العيش الكريم بكلّ احترامٍ ويؤمّنون المستقبل لأولادهم والعيش اللائق لذويهم وعائلاتهم في الجحيم اللبناني. ويكفينا أن نتابع كيف عاد هؤلاء “الأسرى” في عطلة الأعياد إلى لبنان لإنفاق ملايين الدولارات على ذويهم وتحريك الاقتصاد المنهار.

وبالعودة إلى تعريف “الإرهابيّ” فهي الصفة التي على أساسها يتمّ تصنيف “حزب الله” في أكثر من 80 دولة متقدّمة حول العالم تعتمد أرفع المعايير في التقييم والتصنيف. ويمكن اعتبار الإرهابيّ من يرتكب جريمة اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الشهيد رفيق الحريري ويرفض التعاون مع القضاء المحلي والدولي ويرفض تسليم المتهمين أولاً والمحكوم لاحقاً، تماماً كما يرفض اليوم التعاون مع القضاء المحلي في جريمة العصر، تفجير مرفأ بيروت.

كما يمكن إطلاق صفة الإرهابيّ على من يقوم بسلسلة اغتيالاتٍ لشخصياتٍ لبنانيةٍ من وزراء ونوّاب ومفكرين وصحافيين وأهل رأي، وعلى من يجتاح العاصمة بيروت والجبل ويحاول إخضاع اللبنانيين، وعلى من يحاول اجتياح عين الرمانة بمئات المسلحين وقبلها خلدة، وعلى من يقاتل كمرتزقةٍ خارج حدود بلده ويُنشئ الخلايا التخريبية… ولن ننسى طبعاً أنّ الإرهابيّ هو من يبرّر العمليات الانتحارية ويعطيها أوصافاً دينيّةً بهدف التشجيع عليها، وهو أيضاً من يقوم بخطف الطائرات والرهائن ومن يحفل تاريخه بكلّ أنواع الأعمال الإرهابية…

كم كان مفيداً للسيد نصرالله لو تجنّب الدخول في تعريف الإرهاب ووسم الآخرين به!

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us