عودة المدارس: “عنادٌ” قد يتسبّب بكارثةٍ تربويّة!


أخبار بارزة, خاص 8 كانون الثاني, 2022

كتبت كريستل شقير لـ”هنا لبنان”:

على الرغم من إصرار وزيرَي التربية عباس الحلبي والصحة فراس الأبيض على العودة إلى التعليم الحضوري في المدارس اعتباراً من العاشر من كانون الثاني الحالي مع انقضاء عطلة عيدي الميلاد ورأس السنة الممدّدة لأنّ الواقع الصحي لن يتحسّن قريباً، لا يبدو أنّ الاثنين المقبل سيكون يوماً عاديًّا في المدارس التي تُخضع إداراتها المعطيات المتوفّرة لديها للنّقاش الجدّيّ قبل الإقدام على أيّ خطوة.

وفيما التركيز ينصبّ على المدارس الخاصّة لإدراك الجميع بعدم توجّه أيّ مدرسةٍ رسميةٍ لفتح أبوابها بسبب إضراب روابط الأساتذة والمعلّمين، ولم تنجح كلّ الاجتماعات والاتّصالات وحتّى الوعود في ثنيهم عن المضيّ قدماً بخطواتهم التحذيرية حتى الآن، القرار لدى المدارس الكاثوليكية لم يُحسم بعد، بانتظار حصيلة المشاورات القائمة التي يجريها المعنيون، كما أكد الأمين العام للمدارس الكاثوليكية الأب يوسف نصر لـ “هنا لبنان” كاشفاً عن اجتماعاتٍ ستعقد مساء السبت وصباح الأحد قبل الإعلان عن الموقف النهائي الذي سيحدد ظهر الأحد.

وتعوّل المدارس الكاثوليكية على الماراثون الذي سيُجرى نهارَي السبت والأحد لرفع نسبة التلقيح بين التلامذة والكادرين التعليمي والإداري. ذلك في وقتٍ أكّدت نقابة المعلمين في المدارس الخاصة عدم العودة للتدريس الاثنين المقبل وذلك لأسبوعٍ كاملٍ قابلٍ للتجديد إلى حين تحقيق مقوّمات العودة الصحية السليمة، وفتح باب الحوار الجدّي بغية إيجاد الحلول العملية للأزمة الاقتصادية المالية لمعلمي القطاع الخاص.

وإذ كان المشهد يشوبه الغموض مدفوعاً بالتريّث في أخذ القرار، الأمور بالنسبة للتعليم الرسميّ محسومة لأنّ كورونا ليس العائق الوحيد أمام عودة الكادر التعليمي في المدارس الرسمية إلى التدريس وما يتقدّم عليه هو الواقع الاقتصادي الآخذ في التدهور يوماً بعد يوم، وهو ما أكّده لـ “هنا لبنان” رئيس رابطة أساتذة التعليم الثانوي الرسمي نزيه جباوي جازماً بأنّ العودة يوم الاثنين غير واردةٍ على الإطلاق لأسبابٍ عدةٍ أبرزها اقتصادية.

ولم ينجح الاجتماع الأخير مع وزير التربية في تبديد هواجس المعلمين، ويقول جباوي في هذا السياق: “إنّ الوزير بات على علمٍ تام بواقع الأمور وقد تبّلغ قرارنا بعدم الحضور إلى المدارس”.

لا بل يذهب جباوي في التصعيد أكثر قائلاً: “وعود الحكومة التي فكّت على أساسها الروابط مقاطعة العام الدراسي، ومنها إعطاء (نصف أساس راتب شهرياً)، ومنح حوافز (90 دولاراً شهرياً) ورفع بدل النقل (65 ألف ليرة)، باتت مرفوضةً. لأنه حين بادر رئيس الحكومة الى إطلاق وعوده كان سعر صرف الدولار حوالى ١٥ ألف ليرة لبنانية مقابل الدولار الواحد واليوم يعانق الدولار الثلاثين ألف ليرة لبنانية في السوق الموازية ما يجعلنا نرفض هذه التقديمات التي لم تعد تساوي شيئاً”.

أضف إلى ذلك، تشترط الروابط تسليم المدارس الوسائل الضرورية لاتباع الإجراءات الوقائية وتأمين فحوصات pcr مجانية للمعلمين والتلامذة، ووضع مسار زمني لتصحيح الأجور أو احتسابها وتدويرها وفقاً لسعر صرف الدولار الرسمي.

على الضفة الصحية، تبدو الصورة مختلفةً تماماً في المقاربة خصوصًا أنّ وباء كورونا لن يختفي والأمور لن تتحسن في المدى القريب. وفي حديث إلى “هنا لبنان” يؤكد رئيس اللجنة الوطنية لإدارة اللقاح عبد الرحمن البزري أنه ومع الأخذ بالاعتبار لسلامة الجميع فالعودة إلى التعليم الحضوري ضرورية رغم مخاطرها وقد أثبتت الدراسات أنّ معظم التلامذة والمراهقين يكتسبون العدوى خلال نشاطات يقومون بها خارج إطار المدرسة، ووجودهم في المدرسة قد يشكل نوعًا من الأمان النسبي لهم.

وشدد البزري في الوقت نفسه على أنّ التحدي الأساسي يبقى في أخذ الإجراءات الضرورية داخل المدارس ومراقبة الإصابات الجديدة وكيفية التعامل معها بصورة علمية مذكراً بالكتيب الذي أصدرته وزارة التربية بالشراكة مع وزارة الصحة ومنظمة الصحة العالمية وفيه كل الإرشادات التي يجب اتباعها.

وبحسب البزري، “الواقع الصحّي لن يتحسّن قريباً ونسبة الإصابات ارتفعت بشكلٍ سريعٍ خارج إطار المدارس ما يعني أنّ التفلّت المجتمعي وتدني مستوى التلقيح هما السبب في ارتفاع الإصابات وليست المدارس، والثمن الصحي الذي سندفعه أقلّ بكثير من الثمن الذي يدفعه الأولاد خارج الصرح التربوي”، مشددًا على ضرورة حماية العام الدراسي ومعه المستوى التعليمي في بلدٍ يفاخر بتصديره الأبجدية. فكيف نحافظ على تميّز العنصر البشري ونحن نفرط بعامٍ دراسيٍّ تلو الآخر؟ سأل البزري الذي دعا إلى عدم التردد في تلقي اللقاح لرفع نسبة الملقحين لدى الفئة العمرية التي تتراوح بين 12 و17 عاماً وعلى مستوى الجهازين التعليمي والإداري أيضاً.

وتنظم وزارة الصحة العامة “ماراثون فايزر” لتلقيح التلامذة والقطاع التربوي وكل من يرغب بأخذ اللقاح (من عمر 11 سنة وما فوق)، يومي السبت والأحد، في الثامن والتاسع من كانون الثاني الجاري، من الثامنة صباحًا حتى الساعة الثالثة بعد الظهر؛ وذلك لضمان سرعة تلقيح القطاع التربوي وتوفير عودة مدرسية آمنة.

إذاً، إن كان من قبل الكادر التعليمي أو على مستوى الإصرار الرسمي على العودة “المشوّهة” إلى التعليم الحضوري الاثنين المقبل، لا شكّ بأنّ العناد على إختلاف مسميّاته سيتسبّب بكارثةٍ تربويةٍ لم تعد بعيدة!

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us