تجارة الكتب تزدهر رغم الأزمات المتلاحقة
كتبت فاتن الحاج حسن لـ “هنا لبنان” :
منذ أن ظهر الإنترنت والكتب الرقميّة، والكتاب الورقي في تراجعٍ ملحوظٍ، إن على مستوى لبنان أم على مستوى العالم العربي وأيضاً على مستوى العالم أجمع وبشكلٍ متفاوتٍ بين منطقةٍ وأخرى.
فلا شكّ بأنّ مناطق من العالم مثل أوروبا الشرقيّة والغربيّة وأميركا الشماليّة ودول قارّة أوقيانيا هي الأكثر قراءةً وبالتالي ازدهاراً للكتاب.
بينما يقلّ الإقبال على الكتاب والمطالعة في العالم العربي على سبيل المثال، مع تقدّم بعض المجتمعات العربيّة الأخرى في القراءة واقتناء الكتب مثل العراق ودول الخليج عموماً وكلّ من المغرب والجزائر.
وفي ظاهرةٍ غير متوقّعة، لوحظ بأنّ طفرة الإنترنت والهواتف الذكيّة وأجهزة الأندرويد حفّزت بعض الشعوب على الإقبال على الكتب أكثر فأكثر.
فالإنترنت يصبح – لمن يريد ويبتغي القراءة – دليلاً سهلاً للكتب من كلّ صنف.
وتعود ظاهرة ازدهار الكتب في ظلّ الثورة الرقميّة إلى الجوّ الاجتماعي السائد، فمجتمع كالمجتمع الفرنسي على سبيل المثال يعتمد القراءة كجزءٍ أساسيٍّ من حياته اليوميّة ونشاطاته الاعتياديّة، بينما لا يكترث مجتمع آخر بالكتاب ولا يلقي للمطالعة بالاً مع استثناءاتٍ فرديّة.
ومنذ بداية انتشار جائحة كورونا التي طوت عامها الثاني، والأزمات تتلاحق وأبرزها الأزمة الاقتصاديّة والمعيشيّة والغذائيّة التي شملت العالم كلّه.
وفي لبنان، ترافقت الأزمة مع انهيارٍ اقتصاديٍّ كبير، ما جعل ميزانيّة الأفراد والأُسر اللبنانيّة في تراجعٍ وتقهقر.
فكان من المنطقي تراجع القدرة الشرائيّة للّبنانيّين عموماً، واقتصار الصرف – لدى الأكثريّة- على الحاجيّات الضروريّة لا الكماليّة.
ومن المعلوم أنّ كتب المطالعة لا تعتبر من أولويّات الحياة في لبنان، وبالتالي فهي كماليّات.
فكيف، وفي هذه الحال، نشهد انتعاشاً لسوق الكتب وتجارتها في لبنان؟
فبسؤال العديد من تجّار الكتب ودُور النشر المعروفين في لبنان، وبرصدٍ طويلٍ للظاهرة، تبيّن أنّ هذه التجارة (تجارة الكتب الثقافيّة) في حالة صعودٍ وازدهارٍ متزايد!
أمّا أسباب هذا الانتعاش في سوق الكتب فقد تكون كما يلي:
أوّلاً، الوضع الذي فرضته جائحة كورونا على الناس، من حجرٍ إلزاميٍّ في البيوت لأوقاتٍ طويلة، ما يحفّز الإنسان على تناول الكتاب وقراءته لتجنّب الملل.
ثانياً، ظاهرة توقّف العديد من الناس عن العمل بسبب الأزمة الاقتصاديّة التي أدّت لصرف البعض من أعمالهم أو ترك الموظّفين لأشغالهم بسبب التضخّم وبالتالي عدم تناسب أجورهم مع مصاريفهم. فالبطالة هي أيضاً حفّزت البعض على العودة إلى القراءة لملء الوقت.
ثالثاً، الوضع نفسه الذي خلقته كورونا في دول العالم وبخاصّةٍ في دول الخليج، حفّز أولئك أيضاً على زيادة شراء واقتناء وقراءة الكتب، فكان مقصدهم – كالعادة – دُور النشر اللبنانيّة.
رابعاً، سعر الكتاب المقبول قياساً على أسعار الأشياء الأخرى وعلى سعر الدولار.
عوامل كثيرة تضافرت معاً وأدّت إلى ازدهار تجارة الكتب في لبنان، “فرُبّ ضارّةٍ نافعة”.
مواضيع مماثلة للكاتب:
قطاع تربية النحل بين الإهمال الحكومي والاهتمام الأممي | فؤاد شهاب .. “الرئيس القائد”! | متلازمة الفيبروميالجيا: الأسلوب الأفضل للعلاج |