اتفاق الترسيم مؤشر لمرحلة استقرار في المنطقة… والحزب لن يكافأ!


أخبار بارزة, خاص 9 كانون الأول, 2022

كتب طارق وليد لـ “هنا لبنان”:

يعتبر حزب الله أن “الخدمة” التي قدمها لواشنطن لإنجاز اتفاق الترسيم البحري بين لبنان وإسرائيل هي مهمة “مقدّرة” من قبل الأميركيين والفرنسيين وحتى الإسرائيليين. فلولا هذه الخدمة لما كان تم الاتفاق، تخول هذه الخدمة الحزب وفق أوساطه أن يشكل الضمانة للاتفاق وأن يكون الساهر على سلامة التنفيذ وعلى الأمن وعلى الاستقرار في المنطقة الاقتصادية الخالصة في بحر الجنوب خلال عمليات التنقيب واستخراج الغاز.

لم يجد الحزب رغم موقفه وتسريبات “أبواقه الإعلامية” من “يصرف” هذه الخدمة أميركياً وأن “يقرشها” عملياً وبقيت آمالاً وأحلاماً محلية، رغم أن الحزب أرفقها بنفي أن يكون الاتفاق هو بين لبنان وإسرائيل بل هو بين لبنان وأميركا، وذلك لتبديد ما يمكن أن يعلق في أذهان المواطنين من تسريبات إعلامية إسرائيلية بأن ما جرى هو اتفاق بين لبنان وإسرائيل ويعتقد البعض أن الاتفاق ليس سوى مشروع “تطبيع بزنس”، وكل هذا ليتجنب الحزب أي انتقاد واتهام.

وإن اللافت في الأمر أن أكثر من مسؤول غربي لا سيما الوسيط الأميركي في عملية الترسيم آموس هوكشتاين أعلن أن ضمانة الاتفاق هي أميركية، في حين أوضح مسؤولون فرنسيون أن الضمانة هي لبنانية عبر مؤسسات الدولة أي الجيش والقوى الأمنية، وأنه لا يمكن لشخص أو فئة أو حزب ولو كان مسلحاً أن يضمن مثل هذا الاتفاق.

وتأكيداً لهذه المعطيات حرص الرئيس الأميركي جو بايدن خلال استقباله الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في البيت الأبيض، في زيارة دولة هي الأولى في ولاية بايدن، على الإشادة بدور فرنسا في الترسيم عندما قال: “إنني أثمن الجهد الفرنسي لإتمام الاتفاق البحري بين إسرائيل ولبنان”، مشيراً إلى “أننا نعمل مع فرنسا من أجل دعم الازدهار في الشرق الأوسط”. وأكد بايدن على التصميم لحض قادة لبنان على انتخاب رئيس يباشر بتنفيذ الإصلاحات الجذرية والنهوض بلبنان”.

يؤكد هذا الموقف أن ضمانة اتفاق الترسيم هي دولية أميركية فرنسية وإقليمية قطرية (حلت محل روسيا) إسرائيلية ومحلية عبر الدولة ومؤسساتها ولا يمكن لأي فئة مهما كانت أن تضمن مصالح دولية أو إقليمية وفق أوساط دبلوماسية غربية.

كما لم يكتفِ الجانب الأميركي بالتأكيد على دوره ودور فرنسا في ضمان الاستقرار في “بحر لبنان” وحماية التنقيب في المنطقة الاقتصادية الخالصة للبنان وإسرائيل بل أصدرت دائرة مراقبة الأصول الأجنبية التابعة لوزارة الخزانة الأميركية، وبالتزامن مع تسريبات حزب الله عن دوره في ضمانة اتفاق الترسيم، إجراءات ضد أشخاص وشركات مقرها لبنان لتقديم خدمات مالية للحزب وتسهيل حصوله على السلاح وذلك لدحض ادعاءات الحزب بأن خدمته مقدرة بتكليفه ضمانة الاتفاق.

في المقابل، وفي سياق استعجال خطوات التنقيب، أنجزت شركة توتال الفرنسية مع الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين الشق اللبناني الإسرائيلي من اتفاق الترسيم. ولم يُكشف النقاب عن مضمون الاتفاق بين توتال وإسرائيل، وعما يتردد عن مكافأة لبعض الجهات السياسية، الأمر الذي لم يؤكده أي مصدر حتى الآن. إلا أن ما بات مؤكداً أن الاتفاق يؤشر لمرحلة جديدة في المنطقة تقوم على تحصين الاستقرار. لقد أعادت أوساط عسكرية مطلعة الاهتمام الغربي والعربي بلبنان، لأهمية دوره في توطيد الاستقرار، خوفاً من وقوع مواجهات بين لبنان وإسرائيل لن تبقى محصورة ضمن الحدود بل ستتعداها إلى المنطقة بأسرها وفق الأوساط.

وانطلاقاً من هذه المعطيات تستبعد أوساط دبلوماسية غربية أي دور للحزب في اتفاق الترسيم وعدم حصوله على مكافأة على “الخدمة” التي أسداها لإنجازه. وتضيف بأن لغة العنف قد ولت مع توقيع الاتفاق وهنالك ضوابط لا يمكن لأحد تجاوزها، ومن سيحاول نسف الاتفاق سيدفع الثمن الغالي.

لقد تزامنت هذه المعطيات مع ثورة الحجاب في إيران التي انطلقت منذ أيلول الماضي بعد مقتل مهسا أميني إثر توقيفها من قبل شرطة الأخلاق، وقد تطورت هذه الثورة لتشمل كل المناطق وقد سقط مئات القتلى برصاص الشرطة لمنع التظاهرات ووقف الثورة الآخذة بالتصعيد والاتساع. وقد بادر النظام إلى تعليق عمل شرطة الأخلاق وإعادة النظر في إلزامية الحجاب. إن تسارع التطورات في ايران والمستجدات في المنطقة والسعي إلى ضبط الأوضاع تحضيراً للتسوية الكبرى باتت تفرض على اللبنانيين استعجال انتخاب رئيس، فإذا فشلت القوى السياسية في تحمل مسؤوليتها، عندها ستُفرض عليهم التسوية الخارجية، واسم الرئيس عبر صفقة تشمل انتخاب الرئيس، وتشكيل حكومة، وتنفيذ إصلاحات، واتفاق على مؤتمر دولي خاص بلبنان للدول المانحة لمساعدته.

يقول سياسي أوروبي لايمكن للبنان أن يرعى التنقيب في البحر عبر توتال مطلع العام من دون انتخاب رئيس وتشكيل حكومة اختصاصيين كاملة الصلاحيات ومؤسسات تعمل. ولذلك فإن الضغط الخارجي يتفاعل في هذا المجال وربما زارت شخصيات عربية وغربية لبنان للمساعدة على انتخاب رئيس ووضع خريطة طريق لإنقاذ لبنان.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us