حركة سياحيّة نشِطة لاستقبال العام الجديد مع حفلات رأس السنة!


أخبار بارزة, خاص 28 كانون الأول, 2022

كتب أنطوني الغبيرة لـ “هنا لبنان”:

رغم الانهيار ها هو اللّبناني ينتفض على اليأس بالأمل ويغتنم الفرص لتحديّ قساوة الحياة. نحن اليوم على بُعد خطوات ضئيلة من استقبالنا العام الجديد، وتكثُر الأسئلة عن أين سيستقبل اللّبنانيّ سنته الجديدة. بين فترة الأعياد وبين حفلات رأس السنة حركة اقتصاديّة واجتماعيّة كبرى يشهدها لبنان، فكيف تؤثّر عليه؟

للإحاطة أكثر بمعلومات حول هذا الموضوع تواصلنا في “هنا لبنان” مع نائب رئيس نقابة أصحاب المطاعم والمقاهي والملاهي والباتيسيري في لبنان “خالد نزها”، الّذي أشار إلى أنّ حضور المغترب اللّبناني من الدول العربيّة وأفريقيا وأوروبا مشجّع في هذه الفترة رغم أنّ العطلة هي لأسبوعين فقط، ولكن هذا يولّد حركة نشهدها اليوم في المطاعم والشوارع التي صنّفت بالسياحيّة خلال العصر الذهبي في لبنان كبدارو ومار مخايل، الجميزة، مونو، الحمرا…

وأشار، نحن كنقابة كنّا ننتظر السياحة الشتوية ولكن الثلوج لم تهطل بعد. هذه العطلة صغيرة، تخلق حركة جيّدة رغم وقتها القليل مقارنةً مع فصل الصيف. وأكمل “نطمح ونعمل اليوم على أن تكون السياحة اللبنانية مُستدامة وليس فقط في فترة الأعياد، والنقابة تُثني على المجهود الّذي يقوم به أصحاب المطاعم والمقاهي والملاهي والباتيسيري ومحلاّت السهر الّذين خلقوا الحياة بعد الأزمة الصعبة التي مرّ بها لبنان”.

مدّخرات المطاعم في الصيف تتبخّر في الشتاء على المازوت والمياه والمواد الأساسيّة. فمن الصعب أن يستطيع القطاع التغلّب على الصعوبات وإعادة لملمة نفسه من جديد، رغم كل المآسي في ظلّ استقالة الدولة من مسؤولياتها. فمصروف الطاقة يشكّل 35% من الفاتورة التشغيلية الأمر الذي يشكّل عبئاً كبيراً على المطاعم. أصحاب المؤسسات خاصةً الذين لديهم مغريات للسفر إلى الخارج، ما يزالون صامدين في لبنان ومصرّين على الاستمرار. في حين خسر القطاع قسماً كبيراً من المتخصصين في عالم الضيافة والشرب والمطاعم بسبب عدم الاستقرار. والأمل كبير بأن تكون المرحلة المقبلة أفضل.

بدوره أشار الخبير الاقتصادي محمّد الشامي أنّه يصعب اعتبار حركة موسم الأعياد في لبنان اجتماعيّة فقط، بل هي أيضاً اقتصاديّة وركيزة أساسيّة من ركائز القطاع السياحي والخدماتي. وهذا القطاع هو طوق النجاة في لبنان ولا يمكن بناء اقتصاد لبناني دونه.

وأضاف، حفلات رأس السنة وموسم الأعياد تفيد الفقراء وذوي الدخل البسيط، فالمؤسسات تحتاج إلى عاملين وعاملات إضافيين، وقد تزيد عدد موظفيها -من عاملي نظافة إلى إداريين- إلى نحو 30%. كما أنَّ الفقير يستفيد من الدورة الاقتصادية قبل الغنيّ، فالحركة الاقتصادية لا تشمل جغرافيا معيّنة بل تمتدّ على مختلف الأراضي اللّبنانيّة، فالعامل يترك مكان سكنه للعمل في مناطق أخرى.

إلى ذلك، فالعائدات الإقتصاديّة تبشّر بالخير، الحجوزات جيّدة نسبياً، صحيحٌ أن عهد السياحة السابق لن يشهده لبنان في هذا الموسم ولكن السياحة موجودة؛ فالسياحة في لبنان ليست موسميّة بل هي شهريّة. لبنان بلد الفصول الأربعة وبلد الطوائف، فوجود 18 طائفة والاحتفال بأعياد داخل كل طائفة يساهم بشكل كبير بتنشيط السياحة، وعلينا الاستثمار بهذا التنوّع.

واعتبر نزها أنّ اللبناني في هذه المرحلة وخاصةً بعد جائحة كورونا والغلاء، يبحث عن المطاعم وبيوت الضيافة في القرى النائية، ويتعرّف على مأكولات جديدة، هذا ما يحرّك السياحة الداخلية والقطاع؛ فنشطت سياحة معارض المونة مثلاً.

أمّا بالنسبة لحجوزات رأس السنة، المطاعم اليوم تختلف تسعيرتها بحسب البرنامج وأعداد وأنواع المأكولات المُقدّمة. فهناك تذاكر بالدولار وأخرى بالليرة اللبنانيّة، والموقع الجغرافي يؤثّر، وهذا الأمر مرتبط بالعرض والطلب. بسبب وجود السواح والمغتربين في لبنان هناك عدد جيّد من الحجوزات كون أغلب هؤلاء القادمين من الخارج قدرتهم الشرائية تسمح لهم بالسهر. لطالما اعتمدنا على المقيم اللبناني لكن اليوم يختلف الوضع، فالمقيم لديه همّ وأولوية الاستشفاء والتعليم وتأمين قوته.

وبالعودة إلى الخبير الاقتصادي محمد الشامي فنتائج هذه الحركة الاقتصادية في هذا الموسم تنعش القطاع ولكن على مدى محدود، فالاستفادة الآنية، المرحلية، الظرفية، لا تشكّل تعافياً لقطاع السياحة والخدمات ولا يمكن الاعتماد عليها كونها عائدات مرحليّة خاصةً مع ارتفاع كلفة التشغيل كالمازوت، المياه، والإنترنت … ونتائج هذه الدورة الاقتصادية لن تدوم طويلاً، لكن إذا عرفنا كيفية تسليط الضوء على هذه الحفلات وتأمين الرخاء السياسي والجوّ الآمن والمُستقرّ بلبنان، عندها تكون العائدات الاقتصاديّة عائدات على مدار السنة؛ وبعد مرور بعض المواسم الناجحة والآمنة على لبنان نكون نسير بخطوات الصحيحة لتنشيط السياحة.

وختم الشامي أنه في مختلف دول العالم وفي موسم الأعياد وخاصةً في فترة عيدي الميلاد ورأس السنة تختلف السهرات وتتنوّع بحسب القدرة الشرائية والمادية للأفراد. ولبنان بلد الحياة وثقافة الحياة من خلال الاقتصاد الناجح؛ واللّبناني الّذي لا يستطيع دفع بطاقة سهرة رأس السنة أو غيرها ليس مُهمّشاً. فالفرد الذي يعيش في جوّ آمن ومستقرّ يستطيع الاحتفال داخل منزله ويشعر بالفرح.

بدورها أكّدت خبيرة الصحّة النفسية رانيا نصّار أنّنا نستطيع الاحتفال ليلة رأس السنة بفرح بغضّ النظر عن المكان الّذي سنتواجد فيه، فرغم الظروف الاقتصادية والاجتماعيّة يبقى الأمل بغدٍ أفضل أقوى. مواجهة الواقع وتشجيع النفس من خلال طريقة التكلّم مع الذات هي مفتاح القدرة لمواجهة صعوبات الحياة، والتي هي سبب تغييرنا نحو الأفضل، لكي نصبح أفراداً أقوى وأوعى ولتغيير نظرتنا بالحياة. القرار يبقى بيد الفرد وحده، لذا عليه أن يستفيد من الحياة وأن يعيشها في كلّ لحظة. ليس فقط ليلة رأس السنة مميزة، كل ليلة من حياتنا هي ليلة جديدة.

اليأس ليس من صفات اللّبناني، والاستسلام لن يمتزج بثقافة الحياة. فالأمل والرجاء أكبر من الضعف والخيبة، ويبقى الصمود التحدّي الأكبر. وكلّ عام وأنتم بخير من “هُنا لبنان”.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us