الأونصة إلى 4000 دولار… واللبنانيون “يضحّون” بـ “الأصفر”


أخبار بارزة, خاص 27 كانون الثاني, 2023

اللبنانيون يتسابقون على بيع مجوهراتهم مستغلين ارتفاع أسعار المعدن الثمين علهم يوفرون السيولة لديهم لتأمين حاجاتهم في ظل الارتفاع الجنوني لسعر صرف الدولار

كتبت ناديا الحلاق لـ “هنا لبنان”:

عند المرور بمحال المجوهرات في سوق الذهب في منطقة بربور تظهر زحمة الزبائن، وبعد الاستفسار يتبين أن السبب للبيع وليس الشراء. فمع ارتفاع أسعار الذهب عالمياً، ومعها ارتفاع سعر صرف الدولار بلا حدود محلياً، يتسابق اللبنانيون على بيع مجوهراتهم، خلافاً لكل دول العالم، فالملاذ الآمن بالنسبة لكثر أصبح ثروة مجمدة يمكنهم اليوم بيعها واستبدالها بالدولارات للاستفادة منها في تمويل استهلاكهم اليومي عند نفاد رواتبهم بسبب الغلاء الفاحش.

أحد تجار الذهب في سوق بربور يقول لـ “هنا لبنان”: “اليوم الأسود حلّ”، اللبنانيون يتسابقون على بيع مجوهراتهم مستغلين ارتفاع أسعار المعدن الثمين علهم يوفرون السيولة لديهم لتأمين حاجاتهم في ظل الارتفاع الجنوني لسعر صرف الدولار، فتكاد لا تمر ساعة علينا إلا ويدخل فيها زبون لبيع “الصيغة”. فيما يختلف رأي رئيس نقابة تجار الذهب والمجوهرات في لبنان نعيم رزق في ذلك، لافتاً إلى أن “ثقة اللّبناني بالذهب ما زالت كبيرة، وهناك عدد لا بأس به من الناس يقبلون على الشراء رغم الظروف الصعبة، إلا قلة قليلة جداً يبيعون “الصيغة” لأسباب طارئة”.

فهل استبدال اللبنانيين “الأصفر” بـ “الأخضر” خيار صائب؟

الأونصة إلى 4000 دولار؟

الخبير الاقتصادي البرفسور بيار الخوري يقول: “اللبناني ومنذ بداية الأزمة يحاول التعايش مع الواقع بشتى الطرق ومنها بيع مقتنياته الثمينة من أجل سد حاجات طارئة، باعتقادي لا علاقة لارتفاع أسعار الذهب عالمياً بإقبال اللبنانيين على تسييل مجوهراتهم”.

ويتابع “قد يكون هناك جزء من اللبنانيين “المضاربين” يرغبون في التعامل مع السوق صعوداً أو هبوطاً لكن هذا لا ينطبق على المصوغات بل على الأونصة والليرة فقط”.

ويضيف الخوري: “قد يلجأ اللبنانيون إلى بيع الذهب لاعتقادهم أن الدولار سيوفر لهم سيولة لمصاريفهم الشهرية المهددة في ظل تفلت سعر صرف الدولار والغلاء الفاحش للسلع إلا أنّ خيارهم ليس صائباً”.

وعن أسباب ارتفاع أسعار الذهب عالمياً يقول: زيادة الطلب ساهمت في ارتفاع الأسعار ففي ظل إنتاج محدود يزداد الطلب لأغراض صناعية واستثمارية، وأيضاً الأوضاع الجيوسياسية العالمية كانت سبباً في الارتفاع، كما وأن البنوك المركزية في معظم الدول ولا سيما في آسيا وأوروبا، تحوّلت إلى جهات شراء للذهب خلافًا لما كان عليه وضعها السابق كجهات بيع، وهو ما ينقل من الحكومات إلى الشركات إلى الأفراد تنويع محافظ الذهب كي تصبح وسيلة لعدم التعرض لخسائر كبيرة في ظل ظروف تتميز بعدم اليقين واحتمال انقلاب صور اقتصادية سريعاً بسبب الأزمة.

وفي توقعات سابقة، توقع موقع Allegiance Gold، أن يبلغ سعر الذهب بعد خمس سنوات 3000 دولار، على أن يصل إلى 17000 دولار خلال العام 2032. فيما توقع محللون بشركة “إدارة الأموال فات بروفيتس” أن يبلغ الذهب المستوى المرتفع الجديد 2100 دولار للأوقية (الأونصة) خلال العام 2022.

هنا يوضح الخوري: “بالنسبة إلى متابعاتي لتحليلات مراكز الأبحاث فإن معظمها يرجح أن سعر الأونصة سيتراوح بين 3000 و4000 دولار، ما يعني أن الظروف التي تدفع الناس إلى الشراء هي الحاجة النفسية لدى الناس والتوقعات العالية أساساً”.

الحاجة تدفع اللبناني لبيع “النفيس”

من جهته، يرى المحلل الاقتصادي د. محمد أبو الحسن أن الحرب الاقتصادية والحصارين الداخلي والخارجي على الشعب اللبناني قلّصت الخيارات أمامهم، فبعد أن تآكلت مدخراتهم وأصبحت فاتورتهم الاستهلاكية الأعلى عالمياً ووصلوا إلى الحضيض، لم يبق أمامهم سوى خيار “التضحية بالمعدن الثمين” من أجل البقاء والاستمرار لسد حاجاتهم الأساسية، وهو ما يعني أن بيعهم للذهب ليس من مبدأ استثماري بل بسبب ضغط وحاجة”.

وينصح أبو الحسن اللبنانيين بعدم بيع مجوهراتهم لأنه وبحسب توقعات البنوك الاستثمارية الكبرى حول أسعار الذهب في العام 2023 فإنها ستشهد مزيداً من الارتفاع حتى تستقر على سعر مرتفع جداً، كل ذلك سببه الصعوبات الاقتصادية في أميركا وأوروبا والتحديات التنافسية وصعوبة تزويد القطاعات الإنتاجية بالمواد الأولية وشحها، وضيق الأسواق”.

ويختم: “هذه العوامل تؤدي إلى زيادة الطلب على الذهب في العالم رغم ارتفاع أسعاره، أما في لبنان فتجري السفن بعكس مصالح الناس الاستثمارية من جراء الحرب الاقتصادية التي تحاصر حياتنا اليومية”.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us