الممانعة تستعيد أوهامها


أخبار بارزة, خاص 15 آذار, 2023

تدلّ الوقائع على أنّ السعودية لن تُعطي أيّ دعمٍ أو أيّ غطاءٍ لرئيس تابع للحزب، وقد تبلّغ الجميع في الداخل والخارج هذه الحقيقة، وسيكون الاتفاق مع طهران عاملاً مرسخاً لهذه الحقيقة، التي سيكون أول ضحاياها عاجلاً أم آجلاً، المرشح سليمان فرنجية.


كتب أسعد بشارة لـ “هنا لبنان”:

من الوهلة الأولى لتوقيع الاتّفاق السعودي الإيراني برعاية صينية، والممانعة تستعد للقفز إلى قصر بعبدا، استنتاجاً لوهم أن المملكة العربية السعودية، قد سلمت لإيران في لبنان، بانتخاب سليمان فرنجية رئيساً ، لكن حسابات الحقل الممانع لم تنطبق على حساب البيدر الصيني، لأن الاتفاق المعلن الذي تضمن مجموعة من المبادئ، التي هي قيد الاختبار في الأسابيع والأشهر المقبلة، لن يكون في عداده، أيّ قبول سعودي بالعودة عن خريطة الطريق التي وضعتها السعودية، والتي ترجمت في معظم المحافل والاجتماعات الدولية، بسلسلة مواقف لا لبس فيها، لا تترك للموقف السعودي أي فرصة للعودة إلى الوراء، والقبول باستنساخ تجربة انتخاب ميشال العون المريرة.
قبل إعلان الاتفاق وبعده، كان السفير السعودي في بيروت وليد البخاري، يبلغ المعنيين بوضوح، وفي طليعتهم بكركي، أن المواصفات السعودية للرئيس المقبل لا تنطبق على مرشح حزب الله، ولا تتّسع لأيّة تسويات عرجاء كالتي حصلت في العام 2016. وقد كرّر البخاري بعد لقائه رئيس المجلس النيابي نبيه بري هذه المواصفات، ما دفع ببرّي إلى إعلان موقف يبالغ فيه بحسنات المرشح فرنجية وفرادته، ما فُسّر على أنّه نعي مؤجل لهذا الترشيح، لا سيّما وأنّ برّي أرفق كلامه، بالتأكيد على أنّه لن يسير بأيّ مرشّح لا توافق عليه السعودية.
ما فات الممانعة، أنّ السعودية عندما عارضت التوجّه الفرنسي للقبول بفرنجية في اللقاء الخماسي بباريس، كانت تفاوض إيران تحت المظلّة الصينية، وأنها عندما تمسكت برفض ترشيح فرنجية بعد الإعلان عن الاتفاق، إنّما كانت تترجم سياسة ثابتة لن تحيد عنها في الملف اللبناني، وهي التي لسعت مرات ومرات من سياسات الخداع التي مورست معها، ما دفعها إلى إعلان الطلاق مع المجموعة الحاكمة في لبنان، التي ما زالت تلعب دور واجهة حزب الله، الممسك الحقيقي بالسلطة في لبنان.
وما فات الممانعة أنّ السعودية التي أعلنت عن الاتفاق بالأحرف الأولى مع إيران، لن تقايض ملفاً بآخر، وأنّ الملف اليمني منفصل عملياً عن باقي الملفات، وأنّ لكلّ ملفٍّ تفاصيله وطريقة التعامل المختلفة معه.
ولو كان للممانعة بعض القدرة على النظر إلى أبعد من المنخار، لكانت تابعت بدقة، حركة السعودية على المستويين العربي والدولي، حيث بدأت المملكة منذ زمن طويل، بتصفير المشاكل مع القوى الدولية، وتصفير المشاكل هنا لا يعني التسليم لإيران بمكاسبها التخريبية في المنطقة، بل الاتفاق معها على سبيل الاختبار، ومن دون توقعات ايجابية مبالغ بها، ومن دون تقديم أي تنازل مجاني حتى ولو كان هامشياً.
تدلّ الوقائع على أنّ السعودية لن تعطي أيّ دعمٍ أو أيّ غطاءٍ لرئيس تابع لحزب الله، وقد تبلّغ الجميع في الداخل والخارج هذه الحقيقة، وسيكون الاتفاق مع طهران عاملاً مرسخاً لهذه الحقيقة، التي سيكون أول ضحاياها عاجلاً أم آجلاً، المرشح سليمان فرنجية.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us