ملاعب لبنان تنتظر من ينتشلها من حالتها المزرية.. مئات آلاف الدولارات لإعادة التأهيل


خاص, رياضة 23 آذار, 2023

خاص هنا لبنان – كتابة موسى الخوري

ملاعب لبنان لا تحتضن فقط مباريات كرة القدم إنما أحداثاً أخرى ككرة السلة وألعاب القوى وبعض الرياضات الفردية والرياضات الأقل شعبية كالروغبي وكرة القاعدة وغيرها من الألعاب.

ولكن، بما أن كرة القدم هي الأكثر شعبية واستقطابًا للجماهير، فقد فرضت فعالياتها خلال الموسم المنصرم تسليط الضوء على أوضاع الملاعب المزرية التي وصلت إليها بفعل الإهمال الذي سبّب تراكمه تآكلًا في هيكلية الملاعب وبناها التحتية إلى حد لم يعد يحتمل وأصبح من الواجب دق ناقوس الخطر لإنقاذ ما يمكن إنقاذه وحفاظًا على ما تبقّى من بقايا وأشلاء ملاعب. فهل يعقل أن تجري مباريات الدوري اللبناني لكرة القدم وكل لقاءاته الحساسة على ملعب واحد هو مجمع فؤاد شهاب الرياضي في جونية؟ أين بقية الملاعب؟ وماذا حل بالملاعب التي جُهِّزت لاستقبال فعاليات كأس آسيا عام ٢٠٠٠ والتي علينا أن ننتظر ٢٠٠٠ سنة ضوئية لاستقبال مسابقات مثيلة لها في حال بقيت الملاعب في لبنان على هذه الحال؟

قد يقول البعض: “ولكن ملعب الصفاء كان يستقبل معظم مباريات كرة القدم خلال آخر عقدين من الألفية الثانية”. هذا الكلام صحيح، ولكن ما إن هدأت الأوضاع الأمنية مع بداية تسعينيات الألفية المنصرمة حتى بدأ العمل على تأهيل ملاعب بالتعاون مع الاندية والاتحادات بهدف تسهيل ممارسة الرياضة ومشاهدة المباريات من قبل اللبنانيين.

كذلك، سمعت عدة اعتراضات على موضوع تأهيل ولو بعض من الملاعب بحجة تردي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية وأنّ كلفة التأهيل باهظة جدًا وأنّ الأولويات الآن تصب في خانات أخرى. ولكن، وفي وضعنا الحالي هذا، ماذا عن كلفة التنقل بين ملعب وآخر؟ تصوروا أن فريقًا من طرابلس يضطر للذهاب إلى بحمدون للقاء فريق آخر بسبب قلة الملاعب والمنشآت الرياضية!

باختصار، أمور كثيرة تعيق تقدم رياضتنا اللبنانية ومشكلة الملاعب تزيد الطين بلّة.

وإذا عدنا بالذاكرة إلى ما قبل عقدين ونيّف، نجد أن لبنان كان لديه عدد لا بأس به من الملاعب المجهزة التي كانت تحتضن عدة مسابقات وتسمح للمشاهدين بالتمتع بمشاهدة رياضاتهم المفضلة وللرياضيين بمزاولة ألعابهم. قد لا يذكر الجيل الجديد هذه الملاعب أو قد يذكر بعضها ويغفل بعضها الآخر، لذا سنعود بالذاكرة للإضاءة على أبرز الملاعب التي كانت تحتضن الألعاب الرياضية كافة.

ملعب مدينة كميل شمعون الرياضية: تم تأهيله بعد نهاية الحرب الأهلية اللبنانية وقد صرفت الدولة مبالغ كبيرة لجعله مؤهلًا لاستقبال أبرز الأحداث الرياضية بسعة ٥٠٠٠٠ متفرج. استقبل العديد من المسابقات كالدورة العربية عام ١٩٩٧ واحتضن أبرز مباريات ونهائي كأس آسيا عام ٢٠٠٠، كما أجريت عليه مسابقات كثيرة في ألعاب القوى وكان مسرحًا لأبرز مباريات الدوري اللبناني لكرة القدم. أصابه الإهمال منذ عدة سنوات ولم تنفع المساعي المختلفة في حلحلة وضعه، حتى قاعة بيار الجميل التي تحتضن مباريات لكرة السلة تم تأهيلها لتستقبل مباريات المنتخب اللبناني الذي يبلي البلاء الحسن في مبارياته الأخيرة ويستقطب عددًا كبيرًا من المشجعين لم تستقبل سوى عدد قليل جدًا من اللقاءات. مصيرها بيد الدولة التي من واجبها إبعاد التجاذبات عن إدارتها بهدف إعادتها على خارطة الرياضة المحلية وحتى القارية في المستقبل القريب.

ملعب صيدا البلدي: أنشئ بهدف احتضان كأس آسيا عام ٢٠٠٠ ويتسع لحوالي ٢٠٠٠٠ متفرج. موقعه المميز القريب من البحر وقربه من الكثير من المناطق ساعده في أن يكون من أفضل الملاعب. وبالرغم من الجهود الكبيرة التي بذلها القيمون عليه، إلا أنه متروك منذ بضعة سنين لقدره.

ملعب طرابلس البلدي: كان أحد أجمل الملاعب اللبنانية وأكثرها رونقًا يوم تشييده. يتسع لحوالي ٢٢٠٠٠ متفرج وقد شيدته الدولة تمهيدًا لاستقبال كأس آسيا ٢٠٠٠ أسوة بملعب صيدا. كل من كانت له فرصة مشاهدة مباريات على أرض ذلك الملعب يشهد على جماله من كل النواحي. لكن الإهمال طال الملعب شأنه شأن باقي المنشآت فتحول من ملعب إلى “خربة” وأصبح بحالٍ يرثى لها ويحتاج إلى مبالغ طائلة من أجل إعادة تأهيله. لكن لا شيء مستحيل في حال قررت الدولة بالتعاون مع الاتحادات الرياضية والأندية وبعض الجهات الخاصة أن تؤهل أرضيته وبنيته التحتية ليعود ويستقبل المباريات ويعطي شيئًا من الأمل لأهالي مدينة طرابلس المحرومين من كل شيء بما في ذلك الرياضة.

هذا بالإضافة إلى ملاعب أخرى لو اتخذ القرار بتحسينها لأصبح للبنان وللاعبيه وأنديته وجمهوره ملاعب ممتازة تصلح لاستقبال شتى أنواع الرياضات ونذكر من أبرزها:

ملعب بيروت البلدي الواقع في منطقة طريق الجديدة في بيروت والخاص بنادي الأنصار الرياضي. يتسع لحوالي ٢٠٠٠٠ متفرج، أعيد تأهيله مع نهاية الألفية السابقة ووسّعت البلدية مدرجاته فاستقبل العديد من المباريات سواء في كرة القدم أو في مسابقات ألعاب القوى. ولكن الإهمال طاله أيضًا فأصبح خارج الخدمة. مؤخرًا، طرح النائب نبيل بدر رئيس نادي الأنصار فكرة إعادة تأهيل المنشأة ولاقت استحسانًا من الكثيرين ولكن الوضع على حاله الآن، لذا يأمل الناس بتحريك هذا الملف ليعود الملعب إلى نشاطه السابق ويدخل البهجة إلى قلوب الرياضيين والمشجعين.

ملعب بلدية برج حمود: كان مسرحًا لمعظم مباريات أيام الحرب الأهلية في ثمانينات القرن الماضي واستمر في احتضان الكثير من اللقاءات بعد تلك الفترة إلى أن صدر قرار بهدم الجزء المقابل من المنصة بهدف تحويله إلى مرآب لركن السيارات كون المنطقة مكتظة سكانيًا مما يساعد على حل مشكلة السير. وقيل أن المدرج سيعاد إعماره بعد ذلك ولكن شيئًا من ذلك لم يحصل وبقي الملعب الذي كان يتسع لحوالي ٥٠٠٠ متفرج على حاله وسط تحسّر أبناء المنطقة على وضع ملعب كان قبلة لأكبر مباريات لبنان ليصبح في غياهب النسيان.

ملعب مجمع فؤاد شهاب الرياضي: موقعه في منطقة جونية الكسروانية يجعله قريبًا من الجميع. تجري على أرضه حاليًا معظم مباريات البطولة وكل تلك المنقولة تلفزيونيًا كون الملعب مجهز لهذا الأمر وذلك بالرغم من كون أرضيته من العشب الاصطناعي على عكس كل الملاعب المذكورة آنفًا. يتسع لحوالي ٤٠٠٠ متفرج وفيه صالة لكرة السلة كانت تجرى عليها مباريات في بطولة لبنان للدرجة الأولى. ينتظر أن يعاد زرعه بالعشب الطبيعي لكي يلعب عليه اللاعبون دون الخوف من شبح الإصابات التي يتضاعف احتمال حدوثها على الأرضيات الاصطناعية.

ملعب أمين عبد النور في بحمدون: من أقدم الملاعب اللبنانية، يتسع لحوالي ٢٠٠٠ متفرج ولكن هذا الرقم قابل للزيادة في حال قررت البلدية توسيع المدرج الحالي وزيادة قسم مقابل المنصة حيث هناك مساحة كافية ووافية للقيام بذلك.

ملعب العهد على طريق المطار: وهو ملعب صغير يتسع لحوالي ١٥٠٠ متفرج ويخص نادي العهد الرياضي ويستقبل كل مباريات فريق الضاحية الجنوبية عندما يلعب على أرضه. أرضيته الاصطناعية جيدة ولكن لا بديل عن العشب الطبيعي في الملاعب، فالفريق الذي يبرز في مختلف الفئات العمرية يجب أن يتعاون مع القيمين على الملعب من أجل تأهيل الأرضية بالعشب الطبيعي وتكبير المدرجات لكي يصبح ملعبًا لائقًا بفريق جيد مثل العهد.

ملعب بلدية صور: يشغله نادي التضامن صور ويتسع لحوالي ٢٥٠٠ متفرج. يحتاج إلى أرضية عشبية وكذلك إلى توسيع مدرجاته وتحسين حاله لكي يليق بمدينة من أكبر وأعرق مدن لبنان كمدينة صور.

ناهيك عن عدة ملاعب منتشرة في لبنان وتحتاج إلى صيانة وإعادة تأهيل كملعب الرئيس رشيد كرامي في طرابلس وملعب الإصلاح البرج الشمالي في صور وملعب النبي شيت واستاد جمال عبد الناصر في الخيارة وملعب الصفاء الذي حمل وزر كل المباريات خلال فترة الحرب الأهلية وامتد بعد ذلك إلى ملاعب كثيرة أخرى نسيها الاتحاد وأهملتها البلديات لتصبح في غياهب النسيان. كل تلك الملاعب إذا أهلتها الجهات المختصة تصبح قبلة للرياضيين وتخلق بعض فرص العمل للمواطنين والمستثمرين وغيرهم.

الملاعب كما الكثير من المشاريع بحاجة لضخ الأموال ولكن الأهم هي بحاجة إلى قرار لإعادة تأهيلها وإعادة الرياضة على الخارطة اللبنانية، فلا رياضة بدون ملاعب.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us