“التنمّر المدرسي” آفة تقتحم البيئة التعليمية… إلى متى؟


أخبار بارزة, خاص 28 نيسان, 2023
التنمّر المدرسي

وفقاً لتقرير دراسة “التنمّر في لبنان “، فقد تعرض ما يصل إلى 42% من الأطفال للركل أو الضغط، وأشكال من الاستقواء البدني، في حين أن 30% منهم تمّ الإساءة إليهم لفظياً أو سمعوا ملاحظات مسيئة عن مظهرهم أو جنسهم أو وضعهم الاجتماعي والاقتصادي أو عرقهم أو دينهم.


كتبت ناديا الحلاق لـ “هنا لبنان”:

وفقاً لدراسة وطنية حديثة أطلقتها جمعية إنقاذ الطفل في لبنان فإن طفلاً من أصل اثنين يتعرض للتنمّر في لبنان خلال إحدى مراحل حياته، حيث يعاني الأطفال من القلق والتسرب المدرسي نتيجة تعرضهم لأشكال مختلفة من العنف في محيطهم التعليمي والمجتمعي.
ووفقاً لتقرير دراسة “التنمّر في لبنان “، فقد تعرض ما يصل إلى 42% من الأطفال للركل أو الضغط، وأشكال من الاستقواء البدني، في حين أن 30% منهم تمّ الإساءة إليهم لفظياً أو سمعوا ملاحظات مسيئة عن مظهرهم أو جنسهم أو وضعهم الاجتماعي والاقتصادي أو عرقهم أو دينهم.

تروي سمر لـ “هنا لبنان” معاناتها مع التنمر، وهي الفتاة الخجولة المهذبة التي فقدت ثقتها بنفسها لمجرد أن سوء حظها أوجدها مع “شلّة” من المتنمرين وسط غياب دور المدرسة التوعوي لهذه الظاهرة.
“لم أكن أعرف أن جو المدرسة سيؤثر على طفولتي بهذا الشكل، ولم أتوقع يوماً أنني سأتعرض لحرب نفسية من زملائي على مقاعد الدراسة. أنا تلك الطالبة التي عانت من “بوطة” المتنمرين الذين عيّروني بسمنتي وحجمي مقارنة بأحجامهم، فكانوا ينادونني بـ “يوكوزونا” ويسخرون مني”.
وتتابع سمر: “منذ المرحلة الابتدائية وحتى الثانوية كنت ضحية هؤلاء المتنمرين الذين أفقدوني ثقتي بنفسي، لم أتجرأ يوماً على مواجهتهم إذ أصبحت أرى نفسي كما يصفونني. كنت أنتظر العطلة الصيفية بفارغ الصبر كي أمارس الرياضة القاسية للتخلص من الدهون الزائدة ومعها “البوطة” المؤذية”.
وبحرقة تكمل: “نعم، كرهت المدرسة والمعلمين ورفاقي وحياتي، فكان هاجسي الوصول إلى جسم أنثوي، لكنني لم أنحج.
حاولت كثيراً، وبعد أن فشلت كل محاولاتي في خسارة الوزن بدأت صراعات تظهر بداخلي وتدمر كل شيء وتقضي على طموحاتي، بدأت أرى الحياة بلونين فقط الأبيض والأسود، عندها قررت اللجوء إلى عملية تكميم المعدة كونها تعمل بفعالية في إنقاص الوزن.
ونجحت في خسارة الوزن (80 كيلوغراماً) ومعه خسرت الفيتامينات والمعادن وعانيت من ترهل الجلد، مشاكل في المرارة، الأنيميا واضطرابات في الجهاز الهضمي، فلهذه العملية أضرار تؤثر على الجسم والصحة، وفي أحيان كثيرة تعرض المريض لخطر الموت”.

أما مارك وهو أيضاً من التلاميذ الذين عانوا وما زالوا من تنمر رفاقهم في المدرسة وخصوصاً من تلاميذ الصفوف الأعلى، فشخصيته الهادئة وطبعه الخلوق، مكّنا المتنمرين من التمادي بتصرفاتهم وسلوكهم العدواني خصوصاً أثناء الفسحة المدرسية التي كانت الفترة الأصعب بالنسبة له، فرؤية هذه المجموعة كانت تشكل عذاباً نفسياً وجسدياً له.
ويروي مارك لـ “هنا لبنان” كيف كان يتعرض للضرب واللكم والركل من قبلهم.
وبدأت بعدها علامات العزلة والصمت تظهر على مارك في المنزل، كما عانى من مشكلة الأرق والخوف وعدم القدرة على النوم خلال الليل. وقد حاول إخفاء الموضوع عن أهله، لكن أمه اكتشفت الأمر ولاحظت تغيرات طبعه ومزاجه فعرضته على طبيب نفسي لمساعدته على مواجهة المشكلة.
والدة مارك أخبرت المدرسة بما حصل مع إبنها، والإدارة وعدتها باتخاذ الإجراءات المناسبة بحق “شلة المتنمرين” ولكن حتى اليوم ما زال مارك يتعرض للأذى النفسي والجسدي من هؤلاء.

ومن جهتها توضح رئيسة لجنة الأهل السابقة في مدرسة بيروت الحديثة والمهتمة بالشأن التربوي ملاك حرقوص لـ “هنا لبنان” أنّ “ظاهرة التنمر الدراسي تزداد انتشاراً في المدارس، وهو ما يهدد بتدمير صحة الأطفال الجسدية والنفسية، وتبدأ هذه الظاهرة في الصفوف الابتدائية لتزداد في الصفوف المتوسطة، حيث يحاول مجموعة من “المتنمرين” الاستقواء والسيطرة على زملائهم الأضعف منهم والتسبب بالأذى النفسي والجسدي لهم”.
وتشير حرقوص إلى غياب دور المدارس في نشر التوعية حول ظاهرة التنمر علماً أن هذه المشكلة قابلة للحل إذا تضافرت جهود المدارس والأهل معاً”.
وتلفت إلى ضرورة “إعطاء صفوف توعوية عن ظاهرة التنمر في المدارس وتثقيف التلاميذ وتعريفهم بأضرارها وكيفية التغلب عليها، كما يجب على المدرسة تعليم الأطفال السلوك الحميد والتصرفات الحسنة مع بعضهم البعض”.
وتشدد حرقوص على ضرورة “تفعيل دور الطلاب في التصدي لظاهرة التنمر، وتواجد المعلمات في الأماكن التي يكثر فيها التنمر في المدرسة، بالإضافة إلى التحدث مع المتنمرين على انفراد واتخاذ إجراءات فورية وجدية بحقهم”.
كما تؤكد على “ضرورة التعرف على مجالات التكامل بين الأسرة والمدرسة وأساليب تحقيقها وتحديد دور المعلم من أجل مكافحتها، خصوصاً وأن المدارس في لبنان تفتقر إلى التوعية النفسية وإلى دور وزارة التربية والتعليم في مكافحة الظاهرة بمختلف أشكالها بين الطلاب”.
وتمنت على “المركز التربوي للبحوث فرض البرامج التوعوية على المدارس وإلزامها بتطبيقها كما على المدارس بتدريب أساتذتها على كيفية التعامل مع المتنمرين ومع الطلاب الذين يتعرضون للتنمر من أجل تنشئة الأطفال تنشئة سليمة”.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us