بيان نواب الحاكم: دفاعاً عن الميثاقية ومنعاً للفراغ الأخطر!


أخبار بارزة, خاص 9 تموز, 2023
الحاكم

لبّ المشكلة، ليس في البيانات والبيانات المضادة بل في الفراغ الذي يعصف بالمواقع الدستورية الأهم في الدولة من رئاسة الجمهورية إلى رئاسة الحكومة وصولاً إلى أي موقع وظيفي سواء عسكري أو مالي أو مدني..


كتبت كريستل شقير لـ “هنا لبنان”:

في بلد اعتاد مسؤولوه الترقيع والاجتهاد عند كل استحقاق، عكّر بيان نواب حاكم المصرف المركزي صفو عطلتهم الصيفية ورحلات الاستجمام والحفلات والاحتفالات، فهم كانوا يتوقعون
سيناريو هادئاً وتخريجة مغايرة تماماً بعد تموز.
فمع بدء العد العكسي لنهاية شهر تموز الجاري ومعه نهاية ولاية حاكم مصرف لبنان رياض سلامة الذي شغل المنصب منذ عام ١٩٩٣، تنشغل الأوساط السياسية قبل الاقتصادية بالقراءة ما بين سطور بيان نواب الحاكم الذي يدعو إلى ضرورة تعيين حاكم جديد في أقرب وقت وإلا سوف يضطرون إلى اتخاذ الإجراء الذي يرونه مناسباً للمصلحة العامة.
وجاء الردّ عليه على لسان نائب رئيس الوزراء في لبنان سعادة الشامي الذي قال: سيتعين على نواب حاكم مصرف لبنان المركزي إدارة المصرف في حال عدم تعيين من يخلفه بحلول نهاية الشهر.
لكن لبّ المشكلة، ليس في البيانات والبيانات المضادة بل في الفراغ الذي يعصف بالمواقع الدستورية الأهم في الدولة من رئاسة الجمهورية إلى رئاسة الحكومة وصولاً إلى أي موقع وظيفي سواء عسكري أو مالي أو مدني وهو الفراغ الدستوري نفسه الذي جعل من قضية انتهاء ولاية رياض سلامة معضلة كبرى تضاف إلى لائحة المعضلات الوطنية.

مدير “مركز إشراق للدراسات”، الباحث في الشأن الاقتصادي والسياسي الدكتور أيمن عمر وفي حديث لـ “هنا لبنان” قرأ في بيان نواب الحاكم خطوة استباقية إدراكاً منهم لحجم المسؤوليات التي ستترتب عن شغور منصب الحاكم، وطرح عدداً من السيناريوهات المتوقعة في قضية حاكمية مصرف لبنان:
– التمديد لسلامة أو استقالة نوّابه والفراغ الكامل في المجلس المركزي لمصرف لبنان.
– تعيين حاكم جديد.
– استلام نائب الحاكم الأول منصب الحاكمية.

لكل خيار من هذه الخيارات تداعياته السلبية، أما السيناريو الأخطر فهو استقالة نوّاب الحاكم في حال شغور المنصب، وتاليًا الفراغ القاتل في رأس مصرف لبنان والانهيار النقدي الكامل وتفلّت سعر صرف الليرة مقابل الدولار بشكل جنوني مما سينعكس انهيارات على المستوى الاجتماعي والاقتصادي، بالإضافة إلى التخبّط الذي سيصيب القطاع المصرفي وخاصّة في ما يرتبط بالتعاميم التي تنظّم سحوبات الودائع.
فيما السيناريو الثاني بتعيين حاكم جديد دونه عقبات جديدة تتمحور حول عدم قدرة مجلس الوزراء المستقيل على القيام بهكذا نوع من التعيينات لأنها تخالف مبدأ تسيير الأعمال وكذلك لتجنّب إعطاء الحكومة صلاحيات استثنائية في ظل الفراغ الرئاسي، إلا إذا حدث ذلك على الطريقة اللبنانية القائمة على خرق الدستور والقانون بشكل اعتيادي. ومن ضمن العقبات أيضًا التعيينات في المواقع الأخرى وأهمها العسكرية، وفي ظل هذا الاستعصاء السياسي تصبح عملية التعيينات كسلّة متكاملة عملية صعبة المنال.
أما تولّي نائب الحاكم الأول وسيم منصوري مهام المنصب وفق المادة 25 من قانون النقد التسليف، فخيار تشوبه الخطورة إذ يمس بميثاقية المواقع ومراكز الفئة الأولى وتوزيعها التاريخي بحيث ينتقل هذا الموقع من نصيب الطائفة المسيحية إلى الطائفة الشيعية ما سيغير في موازين المراكز العامة.
في المقابل، يبقى خيار التمديد لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة حتى انتخاب رئيس للجمهورية وعودة الانتظام العام إلى كل المؤسات الدستورية والعامة، الأوفر حظًّا لأنه الأسهل في التطبيق وسهولة إيجاد مخرج قانوني، بالإضافة إلى أنه يضمن الاستمرار في الإجراءات النقدية والتعاميم السابقة وفي مّقدمها منصّة صيرفة وما تلعبه من دور مهم في الفترة الأخيرة في تحقيق نوع من الاستقرار النقدي نظرًا لما تضخّه من مئات ملايين الدولارات في السوق.
بعيداً من الخيارات المطروحة لما بعد نهاية تموز، تردد أن نواب الحاكم الأربعة وسيم منصوري، بشير يقظان، سليم شاهين والكسندر مراديان، يتجهون في المقبل من الأيام إلى مزيد من الخطوات في حال لم يظهر أي حل مناسب من قبل السلطات الدستورية وتردد أنهم يدرسون إصدار بيان ثانٍ بعد نحو عشرة أيام، يعلنون فيه الخطوات التي يعتقدون أنها المناسبة ربطاً بما سيحصل من تطورات خلال الفترة الفاصلة.
ويصرّ نواب حاكم المصرف على نفي أن يكون الهدف من البيان الضغط من أجل النظر في تمديد ولاية سلامة، ونقل عن أحد نواب الحاكم القول: “رسالتنا كانت واضحة، نريد من الطبقة السياسية أن تفعل اللازم وتعين حاكماً جديداً”.

إذًا، تبدو الصورة قاتمة إلى حد بعيد وبالتأكيد فإنّ حدوث الفراغ الكامل في قيادة المصرف المركزي سيؤدي حتماً إلى أسوأ فترة من أزمة لبنان المالية حتى الآن، كما يجمع الخبراء والمحللون.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us