ديفيد شينكر في لقاء صريح مع “This is Beirut”.. الحلّ في لبنان يجب أن يكون داخلياً ونفوذ الحزب لم يتراجع!

شينكر

أجرى  موقع”This is Beirut” مقابلة مع مساعد وزير الخارجية الأميركية السابق لشؤون الشرق الأدنى، ديفيد شينكر، وفي ما يلي تفاصيل الحوار الذي أجرته الزميلة تيليا الحلو:


1- ما رأيك باجتماع الدوحة المتعلّق بلبنان، هل حقّق نجاحاً أم لا؟

من السابق لأوانه إطلاق الأحكام. من الجيد أنّ مختلف الأطراف قد التقت في الدوحة، وأقصد بذلك الولايات المتحدة، السعودية، قطر، فرنسا، ومن الجيد أيضاً أنّها قد توصلت إلى اتفاق حول ضرورة اختيار مرشح رئاسي.

ولكن هناك إشكالية في مسألة الأولويات، إذ لا يهم انتخاب رئيس في لبنان لا يلتزم بالإصلاحات، ضعيف، وغير مستعد لاتخاذ الإجراءات اللازمة لفرض المساءلة وحلّ الأزمة، وإلّا سنجد أنفسنا أمام رئيس جديد وحكومة جديدة دون أي أفق للخروج من هذا الواقع.

وأكرّر، الحكم على نتائج الاجتماع سابق لأوانه.

2- هل تقصد بهذا الرئيس سليمان فرنجية؟

أجل، وأيّ أسماء أخرى لن تلتزم تنفيذ الإصلاحات، وستعمل على المحافظة على النظام القائم حالياً في لبنان.

ولأكون أكثر وضوحاً، الأمر لا يتعلّق بـ”رئيس”، وإنّما بشخص لديه الحضور القوي لفرض الإصلاحات الضرورية.

3- هل تعتبر قائد الجيش العماد جوزيف عون مرشحًا مقبولاً؟

سبق وقلت منذ أشهر، في النهاية سنجد أنفسنا مع جوزيف عون بسبب عدم القدرة على التوصل إلى توافق.

قائد الجيش هو شخصية مقبولة تماماً من الجميع برأيي، ويبقى أن نرى ما إذا كان سيكون قادراً على تنفيذ الإصلاحات، وهو طبعاً سيحتاج إلى الكثير من الدعم لتحقيق ذلك.

والمشكلة أنّ الجزء الأكبر من المنظومة السياسية بما فيها حزب الله والقوى المتحالفة معه، ماضون في الفساد والإدارة السيئة ورفض المحاسبة.

4- يبدو أن العقوبات الأمريكية لم تردع جبران باسيل. كيف يمكن التعاطي معه اليوم؟

شريحة كبرى من المنظومة السياسية في لبنان، لا تمضي قدماً، والعقوبات ليست عصا حصرية بقدر ما هي تعبّر عن خيبة أمل واستياء، وهي وإن كانت تهدف إلى تغيير السلوك غير أنّ ذلك لا يتحقق دائماً، وبالتالي يجب فرض عقوبات جماعية ويجب أن تكون فرنسا في مقدّمة هذه الخطوة، فهي اللاعب الأكثر أهمية على الساحة اللبنانية.

5- ترغب العديد من الدول الغربية في فرض عقوبات على من يعرقلون الانتخابات الرئاسية. رأينا ذلك الأسبوع الماضي بعد بيان المجلس الأوروبي. هل تعتقد أن هذه التدابير جادة؟ هل هناك من بحث جدّي في هذا الموضوع؟

أتمنى ذلك، كنا قد سمعنا من الفرنسيين بعد انفجار المرفأ أنّ هناك توّجه لفرض عقوبات على شخصيات لبنانية، لكن ذلك لم يحدث أبدًا. بالنسبة لي أرى أن فرنسا تتردد في الشروع في فرض العقوبات، ولا يتم التركيز جدّياً على قضايا المساءلة في لبنان.

6- لماذا؟

بالنسبة لي أرى أنّهم يبحثون عن مصالحهم في لبنان، وهم يعتقدون أنّ المساءلة قد تعرّض الاستقرار للخطر بشكل أو بآخر، هذه الصيغة غير مجدية، وهي تبقي لبنان في مأزقه، إذ لا عقاب على أيّ جرم يرتكب.

7- هل تعتقد أن النهج الفرنسي الحالي صحيح؟

برأيي إنّ العمل مع اللجنة الخماسية هو خطوة إيجابية، وأرى أنّ الاستمرار في استخدام سياسة العصا والجزرة مفيد، علماً أنّ هذه السياسة متبعة حديثاً تجاه لبنان.

8- هل تتفق الولايات المتحدة مع النهج الفرنسي؟

يبدو أن هناك نوعاً من الاتفاق استنادًا إلى التقارير الواردة من الدوحة. ولكن حتى لو انتخب في لبنان رئيس للجمهورية، هل يعني ذلك الخروج من الأزمة؟ لا أعتقد أن الأمرين متطابقان.

وهنا علينا أن نسأل: هل ينبغي أن نركز على الرئيس أم على سيادة القانون؟

برأيي على حاكم مصرف لبنان رياض سلامة التحدث وأن يكشف للمجتمع الدولي كيف وصل لبنان إلى هذه الأزمة. ومن هي الجهات المسؤولة عن سياسات الفساد التي أدّت لتدهور الوضع في لبنان.

9- هل يجب أن يكون الرئيس سيادياً؟

أجل، أعتقد أنّ هذا سيكون مفيداً للبنان، ولكن هناك إشكالية حول تدخل المجتمع الدولي، فلبنان دائماً ما يتطلع إلى إيران أو الغرب لتخطّي الصعوبات.

على اللبنانيين أن يتجاوزوا مشاكلهم، بأنفسهم، وعلى لبنان أن يكون دولة ذات سيادة وألّا يكون محتلاً أو خاضعاً لدول أخرى، وأن يحتكر وحده القوة، ولكن على ما يبدو فإنّ تحقيق هذا الأمر ما زال بعيداً.

10- هل ترى أنّ مهمة لودريان عبثية؟

ليست عبثية، يهمنى أنّ أرى اهتماماً بلبنان، في واشنطن كان التركيز الأوّل على الترسيم البحري مع إسرائيل.

حالياً لا أرى لبنان أولوية، بالنظر إلى ما يحصل في العالم، الانقلاب في النيجر، الحرب الأهلية في السودان وتداعياتها على جميع دول الساحل أو جنوب الساحل. الخطر الذي يهدّد نهر النيل والبحر الأحمر، وهناك أيضاً أوكرانيا، روسيا، والصين.

ولكن بالتأكيد، ولتحقيق الاستقرار في الشرق الأوسط، يجب أن نعتبر لبنان أولوية. وبالتالي يجب أن يُولى المزيد من الاهتمام للبنان في المرحلة الحالية.

من جهتي أتمنى أن يكون لدى اللبنانيين هذا الشعور بالأولوية كي يتخطّوا الأزمة، وليس فقط لدى فرنسا والمجتمع الدولي.

11- في حال اشتعلت الجبهة الجنوبية، هل سيبقى الترسيم البحري قائماً؟

عند توقيع اتفاق ترسيم الحدود، قلت أنّه في حال اندلعت حرب، فإنّ حزب الله لن يلتزم بعدم استهداف المنشآت الإسرائيلية، مثل شركة “شفرون” و”قرش”. لذا أعتقد أن هذه المنشآت قد تكون معرضة للهجوم، ولن تكون محصنة ضد أيّ استهداف.

من ناحية أخرى، لا أستطيع تصوّر إسرائيل وهي تستهدف منشأة لشركة “توتال”. لذلك، يمكن اعتبار لبنان في منأى عن ذلك.

12- حزب الله لا يزال المسيطر على المشهد السياسي، كيف يمكننا التحرّر من هيمته؟

من الصعب التخلص منه، اليوم هناك ميليشيا واحدة في لبنان تحتفظ بكامل أسلحتها خلافًا لاتفاق الطائف، وتهيمن على الدولة وتقتل خصومها السياسيين دون أيّ ردّة فعل.

ومن الواضح أن هذا يتم دعمه من إيران وسوريا، النظام الإيراني يعمل على دعم الميليشيات لتقويض الاستقرار الإقليمي، وقوة الحزب في لبنان تنبع من هذه العلاقة، ولم يظهر هذا الحزب أيّ مؤشرات تدل على أنّه سيغيّر من سلوكه أو نهجه، يضاف إلى ذلك أنّه يستفيد من انهيار النظام المالي وانهيار الليرة، فكلّ ذلك يصبّ في مصلحة النظام المصرفي الخاص به، أي القرض الحسن.

الحزب مرتاح اليوم، وليس لديه أيّ نيّة للذهاب نحو الإصلاح.

13- ألا تعتقد أن التقارب بين إيران والسعودية سيساهم في تقليل تأثير حزب الله في لبنان بشكل عام؟

لا، لا أعتقد أن إيران ستتخلى عن حزب الله، تمامًا مثلما لن تتخلى عن “الحشد الشعبي”، أو دعمه. ولن تتخلّى أيضاً عن دعم نظام الأسد، أو حتى عن دعم الحوثيّين.

وقد قال تيم ليندركينغ، المبعوث الأمريكيّ إلى اليمن، في حديثه الأخير، إنّ إيران تستمرّ في تزويد الحوثيّين بالأسلحة.

ربّما قد يحصل اتفاق في النهاية على هدنة مع السعوديّة، لكنّ الحوثيين في نهاية المطاف ميليشيا مدعومة من إيران، وكذلك حزب الله.

ولكن إن قرّرت إيران تقييد حركة حزب الله، ربّما يمكن حينها التحرّر. غير أنّني لا أراهن على هذا الأمر، فالحزب لا شيء يردعه، رأينا تصرفاته الأخيرة، ونصب الخيم واستفزاز اسرائيل.

الحزب، للأسف ينظر إلى ما يحدث في إسرائيل على أنّه نقطة ضعف، وهذا أمر خطير.

14- في لبنان لا رئيس، هناك حكومة تصريف الأعمال، حاكم المصرف المركزي أوشكت ولايته على الانتهاء وكذلك قائد الجيش، والتعيينات ما زالت متوقفة، ورغم كل ذلك تبدو الطبقة السياسية غير مهتمة، كيف سيتغلّب لبنان على كل ذلك؟

النخب اللبنانية لا تشعر بالمسؤولية، ولا بالفراغ الحاصل، ولا بمعاناة الشعب بعد انخفاض قيمة الليرة بنسبة تتراوح بين 98% و99%.

لا يرى هؤلاء أنّ 75% من اللبنانيين هم تحت خط الفقر، وأن مرتكبي جريمة مرفأ بيروت في الرابع من آب، والتي أدت لمقتل مئات الأشخاص وإصابة الآلاف وخسارة ما يقارب الـ 300000 شخص لمنازلهم، ها هم اليوم يسرحون ويمرحون بلا عقاب.

الطبقة السياسية لا تكترث برفاهية اللبنانيين، وآمل أن تؤدي الجهود الدبلوماسية المشتركة في الدوحة وفي غيرها من الدول أو العواصم، إلى دفع لبنان نحو الأمام.

وأتمنى أن يكون هناك تحرّك نحو التوافق والبدء بالإصلاح، فعقوبات المجتمع الدولي لن تحقّق هذه الخطوة ولن يقوم أيّ طرف بإرسال قواته إلى لبنان، القرار أخيراً هو بيد النخب وعلى الشعب أن يحدّد مساره.

وبرأيي لبنان قادر على ذلك، فاللبنانيون متعبون من ممثليهم، وآمل أن يشجع التوافق الدولي على التحرّك ولكني لست متفائلاً.

في المرحلة المقبلة سيكون هناك في لبنان رئيس للجمهورية، وآمل أن يكون جيدًا، وأن يكون لديه تأثير، لأنّ سياسة التعطيل والتعنت المتبعة حالياً لن تؤدي إلى أيّ إصلاحات أو تغيير.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع ذات صلة :

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us