“التيار” لـ” الحزب”: “أنا زعلان راضيني”… ماذا في كواليس الإنقلاب العوني؟


خاص 27 شباط, 2024

ما الذي جرى حتى “شطح” الاثنان تلك “الشطحة” عن الحليف، وبعد طول انتظار من رافضي ذلك التحالف الذي دخل عامه الـ 18 منذ أيام في ذكرى توقيعه وإذا به يسقط بالضربة القاضية

كتبت صونيا رزق لـ”هنا لبنان”:

حين استمع اللبنانيون منذ اسبوع إلى المقابلة المتلفزة التي أجريت على المحطة البرتقالية، مع الرئيس السابق ميشال عون، ومن ثم إلى كلمة رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، بعد إجتماع تكتل لبنان القوي، شعروا على الفور بأنّ الرجلين أغلقا الباب أمام حارة حريك، فيما فتح باسيل باب عين التينة، موجّهاً بعض “الغزل” على غير عادته إلى رئيس المجلس النيابي نبيه برّي، لكن تحت عنوان “المصلحة الخاصة تقتضي ذلك”، فهمَ المستعمون على الفور أنّ عون وباسيل “عتبانين ومكترين” على الحزب الحليف، لذا وجّها له رسائل في إتجاهات عدة، مفادها “نحنا زعلانين لازم تراضونا”، لذا ضربا بعرض الحائط كل تلك المواقف السابقة، وهذا ما بدا في كلام عون حين رفض شعار وحدة المصير والساحات، وانتقد فتح جبهة الجنوب تضامناً مع غزة بالقول: “لسنا مرتبطين بمعاهدة دفاع مع غزة، ومَن يمكنه ربط الجبهات هو جامعة الدول العربية، لكن قسماً من الشعب اللبناني قام بخياره، والحكومة عاجزة عن أخذ موقف، والانتصار يكون للوطن وليس لقسم منه، والدخول في المواجهة قد لا يبعد الخطر بل يزيده”.

النائب باسيل أطلق بدوره موقفاً مشابهاً قائلاً: “لسنا مع تحميل لبنان مسؤولية تحرير فلسطين، فهذه مسؤولية الفلسطينيين، ولسنا مع ربط لبنان بجبهات أخرى، وتحديداً ربط وقف حرب الجنوب بوقف حرب غزّة”.

الأمر الذي شكّل مفاجآة للبنانيين لم تدم سوى يومين، عادوا بعدها إلى الوعي والتأكيد بأن لا مبرّر لظهور تلك المواقف في هذا التوقيت بالذات، بعد مرور ما يقارب الخمسة أشهر على بدء الحرب في غزة وجنوب لبنان، لكن ما الذي جرى حتى “شطح” الاثنان تلك “الشطحة” عن الحليف، وبعد طول إنتظار من رافضي ذلك التحالف، الذي لم يقدّم أي شيء للمسيحيين واللبنانيين عموماً، سوى ألغاز ووعود لم يتحقق منها شيء، برزت في بنود تفاهم مار مخايل، الذي دخل عامه الـ 18 منذ أيام في ذكرى توقيعه، وإذا به يسقط بالضربة القاضية، على الرغم من إعلان الطرفين قبل فترة، بأنّ اللجنة المشتركة البرتقالية والصفراء ستنعقد لتنقيح بعض البنود وتطويرها بما يخدم مصلحة لبنان، التي لم نشهدها في تلك الورقة، لأنّ المصالح الخاصة المشتركة بين “التيار” و”الحزب” فعلت فعلها.

إلى ذلك ثمة أسئلة تطرح حول الإستدارة العونية المتأخرة، فهل هي رسائل موجهّة إلى حارة حريك على خلفية التباينات والخلافات السياسية؟ وهل انكسرت الجرّة بين الحليفين؟ وماذا في الكواليس والخبايا؟

في هذا الإطار يقول عضو تكتل “لبنان القوي” النائب جورج عطالله لـ” هنا لبنان”: “لا يمكن وصف ما جرى بالإستدارة المتأخرة، لأنّ النائب باسيل لطالما تحدث عن هذا الموضوع، خصوصاً حين كان وزيراً للخارجية، إذ كان يعلن دائماً “إننا ضد انخراط حزب الله في معارك اليمن والعراق وفلسطين، وفي ذلك الوقت كان الجنرال عون رئيساً للجمهورية، مما يعني أنه لا يمكن أن يطلق هكذا تصاريح، مع تأكيدنا بأننا مع المقاومة ضد إسرائيل وضد أي اعتداء على لبنان من قبلها، أما وحدة الساحات وتحميل لبنان وحده كل التبعات والتداعيات، فكل هذا مرفوض من قبلنا”.

وأشار عطالله إلى أنّ العلاقة متوترة مع حزب الله، والخلاف على المقاربة الرئاسية، وما يجري ليس وليد اليوم بل منذ العام 2017، حين شعرنا بأنّ الحزب مع الثورات الخارجية، وليس مع ثورة الداخل على الفساد، فيما كانت مواقف مسؤوليه تدعو دائماً إلى مكافحة الفساد. لافتاً إلى أنّ الحزب في العام 2018 لم يكن داعماً لبعض الملفات التي طرحناها، كذلك الأمر في المقاربة الحكومية. إذ كان يغضّ النظر عن التجاوزات، وقد أدى ذلك إلى تراكم الخلافات أكثر، كما ازدادت توتراً إثر مشاركة وزراء الحزب في جلسات حكومية أثمرت تعيينات، كان آخرها تعيين رئيس أركان للجيش، فضلاً عن مشاركة نواب حزب الله في جلسة التمديد لقائد الجيش، ولفت عطالله إلى أنّ التفاهم معهم من الآن فصاعداً سيكون على القطعة.

في السياق علم موقع “هنا لبنان” بأنّ نائباً سابقاً في “التيار الوطني الحر” من أكثر المعارضين لرئيسه، وصف خلال مجلس خاص مواقف عون وباسيل بـ”المسرحية المتأخرة”، التي تهدف إلى كسب الشعبية المسيحية، بعدما تضاءلت بنسبة كبيرة، وبعد أن فقد باسيل كل الآمال بإمكانية وصوله إلى بعبدا وتلقيه أي دعم من حزب الله، الذي قالها له بالفم الملآن عبر رسالة ووسيط، “بأنّ قرار دعم رئيس تيار المردة سليمان فرنجية اتُّخذ، ولا رجعة عنه ونقطة على السطر وإنتهى الكلام”، عندها وصلت الرسالة الحازمة بقوة إلى مسامع رئيس”التيار”، فتأكد أنه خسر الكثير ولم يربح ما هدف إليه على مدى 18 عاماً، فكانت السقطة بمثابة الخطيئة التي لا تغتفر، بعدما كرّست دور سلاح الحزب إلى الأبد، بتأييد مسيحي لطالما بحث عنه حزب الله، ووجده على طبق من فضة وبأنامل عونية.

لذا اختار عون وباسيل هذا التوقيت الحرج لإنتقاد الحليف، على أمل أن يعود إليهما سالماً ويتراجع عن موقفه الرئاسي، ويحلحل بعض الخلافات السائدة، وينظر إلى مصلحته ومصلحة التيار البرتقالي، لأنه يحتاج دائماً إلى حليف مسيحي لن يجده في أرجاء تيار المردة، الذي لا يملك شعبية سوى في بعض المناطق الشمالية المعروفة.

من هذا المنطلق يصارع الرجلان حارة حريك ،علّهما يربحان الرهان ويعود التيار الوطني الحر من جديد، للعب دور الشريك المسيحي الوحيد الذي يغطي الحزب، المحتاج دائماً إلى ذلك المكوّن أمام المجتمع الدولي، من هنا يلعب عون وباسيل على الوتر الحساس وبطريقة “الصولد”، ليعودا إلى أسوار الضاحية الجنوبية ومن الباب العريض، على أن “يزكزكا” قيادتها عبر انعطافة عونية قريبة في إتجاه المعارضة المسيحية، علّ تلك “الزكزكة” تعيد الحزب إلى أحضان التيار.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us