جريمة العودة للحرب


خاص 20 حزيران, 2025

التجارب السابقة دلّت على أن الحروب المتوالية لم تحقّق الوعود الوردية التي وُعد بها من كانوا وقودًا لهذا المشروع: فلا فلسطين تحرّرت، ولا توازن الرّعب تحقّق، ولا رفاهية، ولا استثمار، ولا عيشٌ كريمٌ، ولا تزال ذيول الحرب الأخيرة ماثلةً أمام أعين الجميع.

كتب بسام أبو زيد لـ”هنا لبنان”:

لم يكن مسموحًا أن تُثار في لبنان تساؤلات لجهة ما إذا كان حزب الله سينخرط في الحرب الإسرائيلية – الإيرانية، لأنه يُفترض، وبعد حرب الإسناد الكارثية واتفاق وقف إطلاق النار، أن تكون الدولة هي صاحبة قرار الحرب والسلم، ومن الطبيعي أن ينأى لبنان الرسمي وغير الرسمي بنفسه عن هذه الحرب. فماذا سيجني منها إن انخرط فيها؟ وما علاقته بها؟ وأعني هنا أنه من غير المسموح إطلاقًا أن تعاود فئةٌ من اللبنانيين أخذنا وأخذ البلد إلى حيث لا نريد، متذرّعةً بولاءٍ لدولةٍ أخرى ولمشروعها في تصدير ثورةٍ إلى خارجِ الحدود.

إنّ المواطَنة بالمفهوم المُتعارف عليه تعني الولاء للوطن والدولة التي ينتمي إليها الإنسان، وكل ولاءٍ خارج الحدود هو بمثابة التخلّي عن الوطن الأم وتغليب مصالح غريبة على المصلحة اللبنانية. والسؤال هنا: لماذا يريد بعض اللبنانيين القتال من أجل هذه الدولة أو تلك؟ ولماذا يريدون الموت في سبيلها، وهي تركتهم يواجهون مصيرهم المحتوم؟

إنّ كل حديث أو تلويح عن إمكان الانخراط في الحرب هو في غير مكانه، ويُعدّ جريمةً بحقّ الشعب اللبناني ومصالحه. فبأيّ حقّ، وتحت أيّ عنوان، يحقّ لفريقٍ أن ينخرط في قتال لصالح فريقٍ آخر غير لبناني؟ إزهاق أرواح اللبنانيين وتدمير أملاكهم لم يعد أمرًا جائزًا ومسموحًا.

فالتجارب السابقة دلّت على أن الحروب المتوالية لم تحقّق الوعود الوردية التي وُعد بها من كانوا وقودًا لهذا المشروع: فلا فلسطين تحرّرت، ولا توازن الرعب تحقّق، ولا رفاهية، ولا استثمار، ولا عيشٌ كريمٌ، ولا تزال ذيول الحرب الأخيرة ماثلةً أمام أعين الجميع. فالقتل والاغتيالات مستمرّان، وإعادة الإعمار معطّلة، ولبنان كلّه ما زال أسير سلاحٍ يُفترض أن يُسلّم إلى الدولة اللبنانية.

فهل يُعقَل، في ظلّ كلّ هذه التعقيدات والمآسي، أن يواصل البعض التفكير في التضحية بدماء وأرواح وأملاك اللبنانيين كُرمى لعيون الغير؟

لقد تعب لبنان من مغامراتٍ قاتلةٍ ومن عناوينَ فارغةٍ، وحان الوقت لتغليب لغة العقل والمَنطق، ولقراءة الحقائق بطريقةٍ علمية. ففي ذلك راحةٌ للبلد وأهله، فهم تعبوا وملّوا من قرع طبول الحرب ومن “المطبّلين” في هذه المعركة وما سبقها. ألا تريدون أن تنعموا بحياةٍ هانئةٍ وتستمتعوا بما فيها؟.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us