سياسة الرّافعة بين التيّار والحزب


أخبار بارزة, خاص 23 كانون الأول, 2021

كتب بسّام أبو زيد لـ “هنا لبنان” :

منذ التفاهم الذي جرى التوقيع عليه بين العماد ميشال عون والسيد حسن نصرالله في قاعة كنيسة مار مخايل في منطقة الشياح عند خطوط التماس في الحرب، لم يشهد التباين بين الفريقين الحالة التي هو فيها الآن، إلّا أنه ورغم ذلك يحاول الطرفان عدم كسر الجرّة فلا التيار الوطني الحر يرغب بذلك ولا حزب الله أيضاً والدليل على ذلك هو أنّ حملة التيار ضدّ الحزب لم تكن منظمةً وبقرارٍ مركزي، والتزم الحزب بالمقابل بعدم الرد لإبقاء شعرة معاوية في التواصل المقطوع حاليًّا بشكلٍ مؤقّت.

في الوقائع، قد تكون حاجة التيار الوطني الحر لحزب الله هي أكبر من حاجة الحزب للتيار ولا سيما في الانتخابات النيابية، فالتيار هو الذي يحتاج لدعم من الأصوات الشيعية في العديد من الدوائر كبعبدا والمتن وكسروان-جبيل وزحلة وبعلبك الهرمل وحتى في دائرة الكورة والبترون وزغرتا وبشري، وهو لن يفرّط بهذه الأصوات، مستنداً في المقابل إلى أمرٍ ما زال يعتقد بأنه أمرٌ مُلحٌّ لدى الحزب وهو الحصول على غطاءٍ مسيحيٍّ لا يؤدّي إلى عزل الحزب والطائفة الشيعية عن باقي المكوّنات اللبنانية.

في الذكرى السنوية لتفاهم عون – نصر الله قال التيار الوطني الحر في بيان له: “إن هذا التفاهم لم يؤدِّ إلى مشروع بناء الدولة وسيادة القانون”، ولفت التيار أكثر من مرة إلى أنه يُجري والحزب مراجعةً لهذا التفاهم وتطبيق بنوده، ولكن كل هذا الكلام بقي في الحقيقة حبراً على ورق باعتبار أن التيار لم يلمس أن الحزب قد وقف إلى جانبه في المواجهات السياسية التي كان يخوضها ولا سيما مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، لا بل تقول أوساط التيار إنّ الحزب كان داعماً لرئيس مجلس النواب في كل خطواته وأن التنسيق بينهما هو الذي يؤدي إلى تشبث رئيس مجلس النواب بمطالبه ومواقفه، ولفتت هذه الأوساط إلى أنّ الأزمة الأخيرة المتعلقة بالقاضي طارق البيطار وتعطيل حكومة الرئيس ميقاتي كانت الدليل الأقوى على أنّ ثنائي أمل – حزب الله لا تهمّه سوى مصلحته حتى أنه يستكثر على الرئيس عون أن ينهي السنة الأخيرة من عهده بأقلّ قدرٍ من الأضرار والخسائر.

ليس في الأفق ما يشير إلى أن تفاهم قاعة كنيسة مار مخايل حتّى ولو عُدِّل سيؤدي إلى بناء الدولة وسيادة القانون، لا سيما وأن حزب الله يخشى أيضا أن يفقد التيار الوطني الحر الأكثرية المسيحية في الانتخابات النيابية المقبلة التي تأتي قبل أشهر من انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون وبالتالي ورغم إدراك الطرفين حاجة كلٍّ منهما للآخر إلا أنهما يعيشان حالاً من التخبط في كيفية العودة إلى تفاهمٍ لم يعطِ التيار الوطني الحر مكاسب سياسية مستدامة على الساحتين المسيحية والوطنية بل أكسب النائب جبران باسيل عقوبات كان بغنى عنها، ولم يجعل من حزب الله قوة مقبولة لدى المسيحيين حتى لدى جمهور التيار الذين لم يروا فيها سوى رافعة أوصلت العماد عون إلى الرئاسة الأولى ويأملون في استخدامها لإيصال النائب باسيل إلى المنصب ذاته.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us