سعد الحريري بين “الاعتدال” و”العدالة”


أخبار بارزة, خاص 31 كانون الثاني, 2022

كتب جان الفغالي لـ “هنا لبنان” :

في إحدى مراحل العصر الذهبيّ لتيّار المستقبل، أو على الأقلّ العصر الأقلّ سوادًا، صدر كتابٌ عن التيّار عنوانه “الاعتدال إنْ حكى”.

عنوان أحد فصول الكتاب: “الاعتدال السنّيّ، من لبنان الكبير إلى رفيق وسعد الحريري”.

المفارقة أنّ واضع هذا الفصل هو الدكتور رضوان السيّد الذي أصبح في المقلب الآخر بالنسبة إلى الرئيس سعد الحريري.

يتحدّث الدكتور السيّد عن “الضغوط الأسديّة على الناس باسمِ العروبة، والضغوط الإيرانيّة على الإسلام، تارةً باسم المظلوميّة وطورًا باسم المقاومة”.

ويتابع الدكتور رضوان السيّد: “رفيق الحريري واجه الأمرَّيْن بأسلوبيّن متوازييْن: “اللملمة والاستيعاب” ضمن السّنَّة لأنه امتلك سمعةً أسطوريةً وثقةً لا حدود لها في صفوفهم، ومحاولة إقناع النظام السوري في لبنان بأن لا مصلحة لكم ولا لنا في النزاع الشيعي – السنّي، لكنّ رفيق الحريري قُتِل وهم نجحوا فيما لم ينجح فيه السلفيون الجهاديون الذين يسمونهم تكفيريين”.

ويتابع: “لا إسلام من دون العرب ولا عرب من دون العروبة، لقد خرجنا من مطلع القرن العشرين من نير الترك ولن ندخل تحت نير الإيرانيين”.

بهذا العمق تحدَّث “مُنظِّر الحالة الحريرية” رضوان السيد، وحدَّد المفهوم الحقيقي للإعتدال، وما عدَّد من خِصالٍ حميدةٍ تمتَّع بها الرئيس رفيق الحريري، كأنّه أراد أن يقول أنّ هذه الصفات لا يتمتَّع بها وريثه السياسي، في مرحلةٍ من المراحل، نجله سعد.

انطلاقًا من هذه المقارنة، كيف يمكن تحديد مفهوم الإعتدال بالنسبة إلى الرئيس سعد الحريري؟

في مراجعةٍ بانوراميةٍ لأداء تيار المستقبل في عهد الرئيس سعد الحريري، يظهر أنّ هناك التباسًا في المفاهيم والتعريفات، فإذا كان الرئيس سعد الحريري عنوانًا للإعتدال، فهل الذين خرجوا من تحت عباءة المستقبل، هُم من المتطرفين؟

نغوص أكثر في التفاصيل والتسميات لنسأل: هل نهاد المشنوق وفؤاد السنيورة وبهيج طبارة وأحمد فتفت وأشرف ريفي، على سبيل المثال لا الحصر، وآخرون كثر، هم من المتطرّفين؟

ما هو معيار “الإعتدال”؟ هل هو الولاء الشخصي؟

هل في نظر “النيو حريرية” التي يمثلها الرئيس سعد الحريري، أنّ “الحرس القديم” لا تنطبق عليهم صفة الإعتدال، فكان هذا الإفتراق بين الجيليْن؟

لكنّ الإعتدال في مفهوم الـ “نيو حريرية” لم يشفع للرئيس سعد الحريري لدى التطرّف الشيعي، إذ ماذا جنى من تقرّبه من حزب الله؟ قدَّم لهم الإعتدال فلم يبادلوه بالعدالة، بل على العكس من ذلك، فقد رفعوا المطلوبين منهم في قضية اغتيال الرئيس رفيق الحريري إلى مرتبة “القداسة”، ومن هؤلاء “القديسين” مَن اتّهمته المحكمة الدولية بالاغتيال، سليم عياش!

وثمّة مَن يقول إنّ الرئيس سعد الحريري سلَّف كثيرًا لحزب الله من دون أن يلقى في المقابل جزءًا من هذه السلفة. كما أنّ ثمّة مَن يقول إنّ الرئيس الحريري لم يصرف كلّ رصيده المالي فقط بل صرف كلّ “رصيده السياسي” على مَن شاركهم في السلطة، فلم يبادلوه التسليف، فظلُّوا على حالة عدم الثقة به والتشكيك المتواصِل بمواقفه.

لم يبادله حزب الله لا الإعتدال ولا العدالة، فمَن يكون قضى على “مستقبله” السياسي؟

قد لا يحتاج السؤال إلى جواب.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us