رئيس اللعبة!


كتبت رولا حداد لـ “هنا لبنان” :

“اللعبة أصبحت في مرحلتها الأخيرة وسيُكشف أمر كل مسؤول عن الكارثة”.

رئيس الجمهورية ميشال عون- 2 شباط 2022.

استفاق رئيس الجمهورية قبل أقل من 9 أشهر على انتهاء ولايته ليتحرّك ويكشف “كل مسؤول عن الكارثة” التي وصل إليها لبنان على حدّ تعبيره. اعتبر الأمر “لعبة أصبحت في مرحلتها الأخيرة”، ولطالما أحبّ الرئيس ميشال عون “الألعاب” وأدمنها من أجل محاولة الوصول إلى مبتغاه ولو كلّف الأمر دماءً ودماراً وانهياراً، تماماً كلُعبة “حرب التحرير” أو ربما “حرب الإلغاء” في الماضي، أو حتى في الماضي الأقرب ألعاب تعطيل تشكيل الحكومات “كرمال عيون صهر الجنرال” وتعطيل الانتخابات الرئاسية من أجل الجنرال شخصياً!

يتحدث الرئيس عون عن اللعبة من دون أن يُخبرنا عن “قواعدها” ومن هم اللاعبون المحترفون الذين يلعبون على أشلاء الوطن.

ربما نسي فخامته أو تناسى أن “اللعبة” في لبنان يضع قواعدها “حزب الله” حصراً بالسلاح والترهيب وربما الاغتيال، من الرئيس الشهيد رفيق الحريري، الذي أدانت المحكمة الدولية في جريمة اغتياله أبرز قادة “حزب الله” الأمنيين سليم عياش، وصولاً إلى الشهيد لُقمان سليم الذي نُحيي الذكرى السنوية الأولى لاستشهاده اليوم دون أن نعرف أي حقيقة في ملفه، تماماً كما في جرائم اغتيال جميع قادة “ثورة الأرز”. و”حزب الله” يضع أيضاً قواعد اللعبة بالانتفاض على المؤسسات الدستورية كما حصل يوم الانسحاب من حكومة الرئيس فؤاد السنيورة وارتكاب جريمة 7 أيار 2008، أو بتعطيل هذه المؤسسات كما حصل مراراً وتكراراً وصولاً مؤخراً إلى تعطيل حكومة الرئيس نجيب ميقاتي لأكثر من ثلاثة أشهر ولم يسمح بإعادتها إلى الحياة إلا بعد أن ضمن تعطيل التحقيق في جريمة تفجير مرفأ بيروت وشلّ عمل القاضي طارق البيطار.

وإذا كان “حزب الله” يضع قواعد “اللعبة” في لبنان، فإن الرئيس ميشال عون هو من يترأس طاولة هذه اللعبة ويوكل إلى صهره عقد الصفقات تحت طاولة “اللعبة” مع جميع اللاعبين.

يهاجم الرئيس نبيه بري فوق الطاولة ويتهمه مواربة بالفساد ويعقد معه الصفقات تحت الطاولة، ويُحافظ على خيوط “اللعبة” التي يُتقنها معه بامتياز. يهاجم الرئيس سعد الحريري ويتهم تيار المستقبل بأنه “داعش بكرافات” وبأن السياسات الاقتصادية الحريرية أوصلت البلد إلى الانهيار، ومن ثم يعقد معه الصفقة الرئاسية وتقاسم الحكومات والحصص والصفقات والتعيينات. يهاجم وليد جنبلاط ويكيل له الاتهامات إلى حد سرقة أجراس الكنائس، ليعود ويعقد معه الصفقات المتتالية. يتهم “القوات اللبنانية” بالإجرام والتاريخ الدموي ومن ثم يشرب نخب الرئاسة في معراب بعد أن يوقع “اتفاق معراب” مع سمير جعجع.

هو نفسه يفاوض رياض سلامة ويعقد معه الصفقات وعلى أساسها يجدّد له كحاكم لمصرف لبنان في العام 2017، وحين يفشل في عقد بعض الصفقات الجديدة معه في العامين 2020 و2021 يخوض حرب داحس والغبراء للإطاحة بحاكم المركزي. وفي هذه المعركة لا يُدرك فخامة الرئيس ربما أنه بحربه ضد رياض سلامة إنما يلتزم من حيث لا يدري بقواعد “حزب الله” أيضاً الذي قال رئيس كتلته النيابية النائب محمد رعد أنه “إذا أراد الأميركيون هدم النظام المصرفي في لبنان فليهدموه”، محاولاً إلصاق تهمة هدم القطاع المصرفي بالأميركيين في حين يُدرك القاصي والداني من عمل ويعمل جاهداً لهدم هذا القطاع بعدما بات غير قادر على الاستفادة منه بفعل العقوبات الأميركية!

ولأن رئيس الجمهورية في كلامه الأخير عن “اللعبة” كان يقصد حصراً رياض سلامة، فلا بدّ من الإشارة إلى “اللعبة” التي يلعبها “التيار الوطني الحر” وحلفاؤه من لبنان إلى أوروبا في إطار فبركة الملفات ومحاولة استدراج فتح قضايا قضائية فقط للإثارة الإعلامية بهدف الضغط للإطاحة بسلامة. وباتت “لعبة” التيار مكشوفة وتقوم على مستويين:

ـ الأول هو إرسال رسائل عبر البريد الإلكتروني إلى مكاتب الادعاء العام في عدد من الدول الأوروبية عبر مقيمين مناصرين في هذه الدول وبث أخبار كاذبة من أجل طلب فتح تحقيقات تتناول حاكم مصرف لبنان.

ـ الثاني عبر تكليف مكاتب محاماة في عدد من هذه الدول بالتعاون مع وجوه أوروبية، وتحديداً فرنسية بالدرجة الأولى، من أجل تقديم دعاوى قضائية ضد سلامة، من دون أن يجرؤ أحد على السؤال عن مصادر تمويل كل هذه الحملات وتكاليف مكاتب المحامين في فرنسا وسويسرا ولوكسمبورغ وبلجيكا وبريطانيا وغيرها.

نعم، الرئيس ميشال عون يُتقن “اللعبة” جيداً لا بل هو رئيس “اللعبة” هذه. وهو لطالما فاخر بأن صهره النائب جبران باسيل “تلميذه” ومن مدرسته. وكل أمل اللبنانيين بأن تنتهي هذه “اللعبة” وكل الألاعيب بانتهاء هذا العهد لأن اللبنانيين سئموا اللعب فوق دمائهم ولقمة عيشهم وهجرة أبنائهم…

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us