دور الحضانة أمام مفترق طرق… ومستوى خدماتها مهدّد


أخبار بارزة, خاص 21 شباط, 2022

كتبت فانيسا مرعي لـ “هنا لبنان” :

“عام مفصليّ أمام دور الحضانة”، على حدّ تعبير نقيب أصحاب الحضانات المتخصّصة في لبنان شربل أبي نادر.

هؤلاء يقفون أمام مفترق طرق: إمّا رفع الأقساط لتحمّل عبء التكاليف أو الإقفال النهائيّ. وفي الحالتين، يدفع الأهل الثمن.

ديان، أمّ لولدين ومعلّمة في إحدى المدارس، تشير إلى أنّها “مضطرّة إلى إرسال ابنها الأكبر إلى دار الحضانة، وبالتالي تدفع وزوجها جزءاً كبيراً من مدخولهما على أقساطه، لا سيّما أنّ القسط ارتفع أخيراً فصار 50 دولاراً نقداً ومليون ليرة”. في المقابل، تتفهّم ديان قرار رفع الأقساط، فهي تلفت إلى أنّ النشاطات الترفيهيّة التي تُنظَّم للأطفال متعدّدة ومنوّعة، وهو أمر مكلف على أصحاب الحضانة بدورهم. أمّا عن دار الحضانة حيث كان في السابق طفلها، فتذكر ديان أنّها لاحظت تراجعاً في نوعيّة الطعام وفي عدد الأطباق التي تحتوي اللّحوم منذ تفاقم الأزمة الماليّة.

الأمر نفسه تتحدّث عنه كارول، وهي أمّ وموظّفة، فقد لفتت إلى أن الطعام الذي يقدّم للأولاد في الحضانة حيث ابنها لم يعد منوّعاً كالسابق وقد تتكرّر الطبخة نفسها أحياناً خلال الأسبوع، إلاّ أنّها لا تزال حتى الساعة تدفع الأقساط بالعملة الوطنيّة.

التغيّرات التي حصلت داخل الحضانات بدأت منذ العام 2019، إذ يقول أبي نادر لـ “هنا لبنان” إنّه “قبل الأزمة الماليّة كان عدد دور الحضانة في لبنان خمسمئة ويعمل فيها نحو 5 آلاف شخص، أمّا حالياً فقد تراجع عددها إلى النصف، بعدما أقفل النصف الآخر بسبب عدم القدرة على الاستمراريّة نتيجة المشاكل المتفرّعة عن الأزمة”. لذلك، في الحضانات التي بقيت صامدة لا يتخطّى اليوم عدد الأطفال 20 ألفاً، في حين تراوح عددهم قبل العام 2019 ما يقارب 40 ألف طفل.

إلى ذلك، يتوقّع أبي نادر “إقفال عدد أكبر من دور الحضانة إذا لم تُدعم مادياً من الدولة”، مفنّداً المشاكل التي تعانيها من لوازم باهظة الثمن كالألعاب التي باتت أسعارها خياليّة إلى القرطاسيّة، فضلاً عن الإيجارات التي تُدفع بالدولار وتكاليف الكهرباء والمولّدات وأجور العاملين.

وبهدف صمود باقي الحضانات، بدأ عدد من أصحابها بتقاضي قسم من الأقساط بالدولار لتغطية المصاريف، وبالتالي لم يستبعد أبي نادر “الاتّجاه إلى زيادة أقساطها”. من هنا، ينبّه إلى أنّ دور الحضانة ستكون عندها متاحة للطبقة الميسورة وفئات من الطبقة الوسطى فقط.

وفي السياق، يعتبر أن الحضانة النموذجيّة تحتاج إلى لوازم كثيرة، محذّراً من أنّ “عدم التمكّن من تأمين هذه المستلزمات المسعّرة بالدولار قد يتسبّب بتراجع مستوى الخدمات المقدّمة للأطفال، كما عودة الحوادث التي كنّا نسمع عنها سابقاً”.

ومع ظاهرة غياب المساعِدات في المنازل، ينبّه أبي نادر إلى “حدوث أزمة مستقبلاً تتمثّل بالإقبال الكثيف على الحضانات، مقابل كلفة تشغيل مرتفعة لا تسمح بفتح دور جديدة لأن تجهيزها يتطلّب مصاريف كبيرة”.

على الرغم من أنّ المشكلة الأساسيّة التي أثّرت سلباً على القطاع تكمن في الأزمة الماليّة، غير أنّ جائحة كورونا “جاءت لتزيد الطين بلّة”. فعدا عن التكاليف الهائلة التي تتكبّدها الحضانات على المعقّمات والأقنعة والكمامات، تراجع الإقبال عليها خوفاً من العدوى، بحسب أبي نادر. ويشرح أنّ “عدداً من العائلات الميسورة اتّجه إلى الاستعانة بجليسة للاهتمام بأطفالهم في المنازل بدلاً من إرسالهم إلى الحضانة”. ويضيف: “كما أن انخفاض مردود العمل لدى فئات من المواطنين بسبب الجائحة والأزمة الماليّة جعل هؤلاء يتراجعون قسراً عن تسجيل أولادهم في الحضانات”.

النقص في عدد دور الحضانة نتيجة الإقفال المتواصل لن ينعكس سلباً على أصحابها فحسب، بل سيطال الأهل لأنّهم سيجبرون على ترك أعمالهم للبقاء مع أطفالهم، الأمر الذي قد يفرض مستقبلاً ارتفاع نسبة ما يمكن وصفه بـ “البطالة القسريّة”.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us