القيادات الدرزية تتمسّك بـ “لقاء خلدة”… ولكن في الانتخابات كلامٌ آخر


كتبت كارول سلوم لـ “هنا لبنان”:

منذ أن انعقد لقاء خلدة في الصيف الماضي بين رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب السابق وليد جنبلاط ورئيس الحزب الديمقراطي اللبناني النائب طلال أرسلان ورئيس حزب التوحيد العربي الوزير السابق وئام وهاب، سلكت العلاقة بين القيادات الدرزية مسار التهدئة. ولم يعد للخطابات أو المواقف المتشنّجة أو الصاخبة بينها أيّ مكان. حسنًا فعل البيك والمير ومعهما الوزير السابق وهاب. وضعت المقاربات المختلفة جانبًا وانصبّ التركيز على ترميم البيت الدرزي، وقتها لم يدخل المجتمعون في تفاصيل الاستحقاق الانتخابي. كان الهمّ في مكانٍ آخر: معالجة ذيول أحداثٍ دمويّةٍ سابقة، والتفاهم على شؤونٍ درزيةٍ بحتة، مع الحفاظ على “حرية العمل السياسي للجميع في الجبل سواء أخصام أم حلفاء فضلًا عن العلاقة مع كل الأطراف الآخرين الذين على تماس معهم”. كان كلام وهاب بعد هذا الاجتماع واضحًا. ووفق هذا الأساس تتعاطى هذه القيادات.
صحيح أن عبارة عدم “التهميش” لم ترد بشكلٍ مباشرٍ في بيان خلدة، إنّما في قراءة بين السطور، ليس في وارد هذه القيادات السماح لأيّ إجراءٍ يسمح بتهميش الطائفة من أيّ جهةٍ أتى. إنّها غيرة الدّين التي تسري في الشريان وتتفوّق على أيّ أمرٍ آخر.
يدرك رئيس الاشتراكي ذلك جيّدًا، وحيثما يحضر تحضر معه الخصوصيّة الدرزية. “بيشتغلها البيك صح”، ينادي مناصروه بذلك وحتّى من يختلف معهم يقرّون بصوابيّة تحرّكه وبإلمامه الكبير بشدّ عصب الطائفة. والخشية من المسّ بالحضور الدرزيّ وحدها كفيلةٌ بأن تدفع زعيم المختارة إلى قرع طبول المواجهة، وكي لا يقال الحرب. ولا يختلف معه النائب أرسلان ولا وهاب خصوصًا في سياق هذه الغيرة.
التفاهم الدرزي- الدرزي شيء والتفاهم الانتخابي شيءٌ آخر، القصة معروفة جيدًا. لكن هل يؤثّر ذلك على مسلمات لقاء خلدة؟
يقول مدير الإعلام في الحزب الديمقراطي اللبناني جاد حيدر لموقع “هنا لبنان” أنّ لقاء خلدة وما قبله، أي لقاءات كل من بعبدا الخماسي وعين التينة وكليمنصو، هي لقاءاتٌ أفضت إلى التهدئة. لكن التفاهم الانتخابي لهذه الأحزاب مع أحزابٍ وقوى أخرى، لا يمكن له أن يؤثر على ما تم الاتّفاق عليه في خلدة، مشيرًا إلى أنّ الحزب الديمقراطي اللبناني وبكلّ تجردٍ سبق وأن اتّخذ موقفًا داعمًا للاستقرار من دون استفزازات مستندًا إلى الخطاب التنافسي الذي يقع ضمن الأطر المشروعة.
ويلفت حيدر إلى أن لا مانع من أي تنافس لتقديم الخدمات المثلى للمواطنين والوصول بكتلة مشرعة تعمل على تطوير القوانين، موضحًا أنّ هناك حاجة لمعرفة الهدف الأساسي من المعركة الانتخابية، معلنًا أن هناك نفسًا جديدًا أفرزته ثورة ١٧ تشرين، وأن الحزب يدرك أنّ ثمة ضرورة لدعم الناس والوقوف عند حاجاتهم.
ويقرّ بأنّ كلّ فريقٍ حرٌّ في التحالف مع أيّ فريقٍ آخر وأنّ التنوّع أمرٌ طبيعيٌّ مع المحافظة على خصوصية الجبل، ويؤكّد أنّ التنافس أيضًا حقّ إنّما من دون استفزازاتٍ أو خطواتٍ تحريضيّةٍ تدفع إلى مناخ من عدم الاستقرار والتنافر.
ويضيف: إذا عدنا في الذاكرة إلى مواقف الحزب في العام ٢٠٠٥ وما قبل ذلك، فإنها لم تكن إلا لتصب في الإطار الإيجابي وما حصل في السابق ناجم عن ردة فعل، ولكن تنذكر وما تنعاد. ونحن يهمنا ألّا يحصل أيّ خللٍ أمنيٍّ وأن يكون الجميع على استعداد لتهنئة من يفوز من خلال أصوات الناس وثقتهم كما لتقبّل الخسارة إذا حصلت بهدوء من دون تغيير المعادلات.
ويأمل حيدر في أن تؤدي اللقاءات التي حصلت بين القيادات الدرزية إلى حلولٍ للملفات العالقة.
من جهتها، تؤكّد مصادر في الحزب التقدمي الاشتراكي لـ “هنا لبنان” أن ثوابت الاشتراكي من مسألة الخصوصية الدرزية واضحة وأنّ التحالفات التي ينسجها مع أي حزب لخوض الاستحقاق الانتخابي قائمة على أكثر من عامل، وهي ليست موجّهة ضدّ تفاهمات لترتيب بيت داخلي في طائفة معينة، لافتة إلى أن لقاء خلدة كان مهمًّا في كلّ تفاصيله وساده تفاهمٌ حول موضوع العلاقات السياسية التي تربط هذا الفريق بذاك.
وتفيد المصادر نفسها أن العمل جارٍ بشكلٍ متواصل لتثبيت التهدئة ومنع حصول أي خلل. أمّا الحملة التي تستهدف النائب جنبلاط بهدف محاصرته، فهذه حملة سترتدّ على من يقوم بها وتدفع إلى مضاعفة جبهات الدعم لرئيس الاشتراكي.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us

Skip to toolbar