عون بنسختين


كتب عمر موراني لـ “هنا لبنان”:

سهلٌ جدًّا العثور على النسخة الأنثى من العماد ميشال عون. إنها النائب العام الاستئنافي في جبل لبنان القاضية غادة عون. تعيد عون تجربة ثمانينات عون من غير موقعٍ ومن دون قصف. “الجنرال” خاض حرب التحرير العسكرية والقاضية عون تخوض حرب تحريرٍ من نوعٍ آخر، مستعينةً بـ “أمن الدولة” كذراع أمنيّة / عدلية للقضاء على ما تبقى من ركائز مالية وأموال في المصارف. الهدف عكس ذلك. مثل حرب التحرير تماماً. وبحسب مسار العمليات العونية، أتوقّع أن يأتي يوم السقوط الكبير فتغرّد غادة عون: يستطيعون إزاحتي ولا يستطيعون تغيير قناعاتي برياض سلامة وأخيه رجا وبكلّ المصارف ما عدا مصرفين.

كانت القاضية غادة عون قد أتمّت الثانية والثلاثين من عمرها يوم أعلن الجنرال عون حرب التحرير المجيدة، أي في سنٍّ يسمح لها باستيعاب ما حصل وما أدى إلى اتفاق الطائف. عن تلك الحرب نشر النائب ألبير منصور، في كتابه الأول “الإنقلاب على الطائف” محضر لقائه برئيس الحكومة العسكرية العماد عون في الحادي عشر من آذار 1989، وأنصح القاضية بإعادة قراءته، مفترضاً أنها قرأته ذات يوم. سأذكّر القاضية / المحاربة بهذا المقطع:

“عرضتُ لخطتي فلم أُسمع. فانتقلتُ إلى مناقشة الخطة الأخرى.

قلتُ: غدًا تُمنع السفن من الوصول إلى المرافئ غير الشرعية في الجيّة والأوزاعي، فيقصفون المرافئ الشرعية في بيروت وجونيه فتقفل هي الأخرى. فيصبح حصارك لهم حصاراً لك.

قال: (الجنرال) هذا إعلان حرب.

قلت: نعم! وهذا بعد؟

قال: إذن الحرب

قلتُ: هذا ما يطلبون، إنهم يستدرجونك إلى حيث يريدون

قال: فليكن!

قلت: هذا انتحار

قال: أنا أريد أن أنتحر

قلت: كان عليك أن تنتحر قبل أن تستلم قيادة الطائرة. أما اليوم فليس بيدك أن تنتحر لأن انتحارك يعني انتحار جميع الراكبين في الطائرة التي تقود”…

لم يفضِ الحوار بين العقلانية والجنون إلى نتيجة، وكان ما كان يا ست غادة.

أميل إلى الاعتقاد أن هدف العماد عون من حرب التحرير في العام 1989 كان هدفاً سيادياً بامتياز. لكن حساباته ورهاناته ونتائج حربه كانت كارثية.

وأميل إلى الاعتقاد أن هدف القاضية غادة عون الأساسي، من خلال حملتها التأديبية على المصارف، وجنونها على حاكم مصرف لبنان، وتدابيرها التعسّفية بحق ميشال مكتّف حتى آخر يوم من حياته، هو هدف عظيم، ألا وهو استعادة أموال الشعب اللبناني العظيم، وأجزم أن حملتها الشعواء والمتهورة والمتمادية ستؤدي إلى نتائج أكثر من كارثية.

العماد عون عجز عن مواجهة سوريا، والميليشيات المتحالفة معها فارتدّ على القوات. والقاضية عون لم تجرؤ على النظر إلى الإخبار المقدم ضدّ أكبر انتهاك للنظام المصرفي والمالي، أي مؤسسة القرض الحسن، فارتدّت على النظام المصرفي، لتقضي عليه وعلى الأمل باسترجاع ما تبقى للمواطنين.

تبني ادّعاءاتها وملاحقاتها وإجراءاتها، مرة على “تحقيق” صحافيّ أوروبيّ مشكوك في صدقيته، ومرّة على “تقرير” مُعَدٍّ في مطبخ عونيّ، ومقدّم باسم ناشط عوني أو متسلّق “ثوري” على وجع الناس. تُرى لو تقدّم وزير مالية بإخبار متأخر، يتعلّق بما أورده الرئيس الهراوي في كتابه، عن تحويلات العماد عون لملايين الدولارات إلى حساباته في الخارج، كيف كانت لتتصرّف؟

بنى العماد عون تاريخه النضالي المستمر على معارك دونكيشوتية شعبوية، وبنت القاضية غادة عون تاريخها على معارك قضائية مشابهة. “الجنرال” و”النائب العام الاستئنافي” وجهان لعملة نادرة: وجه لذكر ووجه لأنثى.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us