بين قروض “الإسكان” و”الطاقة الشّمسية” هل تتحقق “أحلام” “مصرف الإسكان”؟


أخبار بارزة, خاص 3 نيسان, 2022

كتبت ناديا الحلاق لـ “هنا لبنان”:

مشاريع قديمة مستحدثة وأخرى جديدة وعد بها رئيس مجلس الإدارة المدير العام لمصرف الإسكان أنطوان حبيب اللبنانيين من ذوي الدخل المتوسط والمحدود، تمكنهم من فرصة الحصول على قروض بالليرة اللبنانية لتكون حلاً للراغبين في شراء شقة أو إعادة تأهيل منزل قديم، في خطوة للحدّ من هجرة الشباب، وصولاً إلى تأمين قروض ميسّرة لشراء “صحون الطاقة الشمسيّة” بدعم “أوروبي” لمساعدة اللبنانيين على العيش بكرامة في وطنهم الأم.

هذه القروض ستعطى عطفاً على اتفاقيّة القرض الممنوح من الصندوق العربي للاستثمار الاقتصادي والاجتماعي البالغ 50 مليون دينار كويتي أي ما يوازي 165 مليون دولار أميركي. وستكون سياسة القروض السكنية التي وضعها مصرف الإسكان موَزّعة بين الترميم والشراء أو البناء، حيث يصل المبلغ المرصود لقروض الشراء والبناء إلى مليار ليرة بما يوازي تقريباً 50 ألف دولار تُسدَّد على مدى 30 عاماً بفائدة 6% مع دعم 1% من المصرف لتُصبح 5%، وهي مخصّصة فقط للشراء أو الترميم في قرى الريف والمناطق وليس للعاصمة وضواحيها، على أن يسدِّد المقترض دفعة مسبقة تساوي 10% أو 20% من قيمة القرض، ما يشترط أن لا يقل راتبه عن 15 مليون ليرة، أو مجموع راتبه مع راتب زوجته أو الكفيل فيوازي بذلك القسط الشهري ثلث راتب المقترض أو راتبه زائد راتب زوجته.

أما فيما يخصّ الترميم فسيرصد لترميم المسكن أو تحسينه 400 مليون ليرة مقسّطة على 10 سنوات بفائدة 5% مدعومة وفق الشروط المذكورة.

حزمة من القروض والتسهيلات بشروط ميسرة يسعى مصرف الإسكان إلى تقديمها للمواطن، ولكن في ظل التّعقيدات المالية والاقتصادية التي يغرق فيها لبنان هل يستطيع اللبناني الاقتراض وزيادة الأعباء المادية عليه، وهل فعلاً ستستفيد منها الفئات المستهدفة وفق شروط المصرف التي تنص على ألا يَقِلَّ الرّاتب الشّهري عن 15 مليون ليرة؟

الخبير الاستراتيجي البرفسور بيار الخوري يوضح لـ “هنا لبنان” أن مشكلة إعادة إطلاق قروض الإسكان في لبنان ترتبط بالمأزق الأعم في السوق المالي أي مشكلة الفجوة بين ندرة الموارد المتاحة وحاجات التمويل الكبيرة.

ويتابع: “لا يخرج تمويل مصرف الإسكان عن هذه الصورة الكبيرة إذ أن التداول بالقرض المعروف اصطلاحاً باسم القرض الكويتي والبالغ حوالي ١٦٥ مليون دولار بدأ منذ العام ٢٠١٩ وتحدث عنه مراراً المدير العام السابق لمصرف الإسكان واليوم يتحدث عنه المدير الحالي الأستاذ انطوان حبيب يوم تعيينه منذ أسابيع وهو: “تأمين سكن للفئات الشبابية غير الميسورة للزواج ومنع الهجرة”.

ويلفت الخوري إلى أن هذا الكلام يعبر عن مدى الإحساس بقوة الأزمة والتعاطف مع الشباب اللبناني إلا أنّه قليل الواقعية للأسباب التالية: أولاً، عملة القرض الأساسية هي الدينار الكويتي، فكيف سيصار إلى تسديد القرض إلى المقرض الأساسي في حال تمت إعادة اقراضه بالليرة اللبنانية؟

ثانياً، هل يملك مصرف الإسكان تخويلاً أو ضماناً من البنك المركزي بإعادة تحويل المبالغ المحصلة من المقترضين وفقاً لسعر صرف متفق عليه سابقاً؟

ثالثاً، هل يملك المصرف من الأموال الخاصة ما يسمح له بتغطية مخاطر الصرف الأجنبي المرتبطة بهذا النوع وإدارة محفظة في وضع بالعملات المختلفة خاصة بين الليرة اللبنانية والدولار الأميركي؟

رابعاً، هل مبلغ ٦٠٠ مليون ليرة (نحو ٢٤ ألف دولار بسعر الصرف الحر أو ٢٧ ألف دولار بسعر منصة صيرفة) قادر على تأمين مسكن من أي نوع كان في أي منطقة كانت في لبنان؟

خامساً، يمكن أن يمول ذلك حد أقصى من قيمة أي شقة ضيقة بنسبة ٤٠% ماذا عن باقي المبلغ ومن هي الفئة القادرة على تأمين المتبقي نقداً وبالدولار؟

سادساً، يقول المدير العام الأستاذ حبيب أن الشاب يستطيع أن يسافر بعد تأمين مسكنه الزوجية للعمل في الخليج وسداد أقساط القرض وفي هذا الكثير من الحلم والقليل من الواقعية إلا إذا كان المقصود إقراض الفئة التي تعمل في الخارج وذلك يخالف أهداف القرض المعلن عنها أساساً.

سابعاً، تتطلب الاستفادة من القرض أجر شهري يعادل ١٥ مليون ليرة لبنانية وهذا المبلغ يتطلب إما القبض بالدولار (حوالي ٧٠٠$) ولكن دون القدرة على إثباته بإفادة راتب، فمعظم الشباب الذين يتقاضون هذا المبلغ اليوم يحصلون من أعمال غير ثابتة في لبنان أو أونلاين ولا يمكن لا ضمان ديمومتها ولا إصدار إفادة بها وفقا للمعايير المطلوبة في القطاع المصرفي. أما الموظفون الدائمون الذين يقبضون بالليرة فهم غير قادرين على استصدار إفادة بمبلغ كهذا حتى لو كانوا يتقاضونه بالفعل، فالجزء الأساسي من هذا المبلغ إن وجد هو خارج الأجر الرسمي المصرح عنه للضمان الاجتماعي.

والخلاصة أن الظروف الحالية وقبل استقرار الوضع النقدي واستعادة الظروف الطبيعية الأجر والعمالة يبقى هذا المشروع جزئي يخشى أن تتدخل فيه الأيادي الخفية لتنظيم قروض لأناس “مدعومين” حتى لو كانوا من الطبقة المتوسطة أو الفقيرة. إذ يقول الأستاذ حبيب أن المصرف لديه أمواله الخاصة التي يمكن استخدامها، والسؤال هنا عن مدى توافرها بيد المصرف، فهل سيوافق المصرف المركزي على مده بالسيولة من أمواله الخاصة وبأي عملة؟

ويتابع: “إذا كانت أي من الأموال متوفرة من المصادر المختلفة يجب التركيز اليوم على استخدامات أخرى ذات قدرة على مساعدة قطاع الأسر وخاصة قروض الطاقة النظيفة حيث يمكن خدمة حجم أكبر من القروض وتأمين تمويل الأقساط من الوفر في فاتورة المولدات حتى لو تم الإقراض بعملة ثابتة. ربما يتطلب ذلك تعديل الاتفاق مع الجهة المانحة”.

ويختم: “إن لمصرف الإسكان تاريخ عريق في رفد القطاع السكني بالموارد وكان له دور مشرّف بعد انفجار مرفأ بيروت من خلال تيسير الترميم وإعادة البناء. كل ذلك يمكن البناء عليه في إطلاق تمويل (ولو محدود في البداية) لمشروع التحول نحو الطاقة النظيفة.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us