هل تحوّل قصر الشعب إلى ماكينة انتخابيّة؟


أخبار بارزة, خاص, مباشر 9 نيسان, 2022

كتب أنطوني الغبيرة لـ “هنا لبنان”:

لا يشهد لبنان اليوم سوى الاحتقان السياسيّ المُدمّر، وذلك نتيجة الكره الّذي تفاعل مع التحالفات والخلافات في الانتخابات النيابيّة المُرتقبة. هذا الكره أفقد أهل السياسة مسؤولية البحث عن حلّ جدّي للأزمة المالية -الاقتصاديّة دون توجيه اتّهامات سوى للخصوم، صارفين النظر عن فساد الحلفاء. أزمةٌ انعكست على مجتمعٍ ينادي بمبادئ ديمقراطية تكفل حقوق الإنسان لكنّه بالمقابل يفتقد ميدانياً أبسط حقوقه.
يحمّل الشعب اللّبنانيّ مسؤولية الانهيار للمنظومة الحاكمة، غير أنّنا جميعاً نعترف ضمنياً بأنّ اللّوم على المنظومتين الحاكمة والتي حكمت. فاستكمال الفشل السياسيّ، يترافق مع استسلامنا لواقعنا وسكوتنا في ظلّ الانهيار.
تشهد هذه الانتخابات معارك إثبات وجود لأفرقاء سياسيّين كانوا حلفاء في الماضي، ولمعارك بين الأحزاب؛ أوصلتنا إلى مرحلةٍ نشهد فيها تدخلات مباشرة لرؤساء وإستغلال للمواقع والمواقف خدمةً لتسويق سياسيّ. فهل تحوّل دور بعبدا من جامع لأبناء الوطن إلى ماكينة حزبية لخدمة حزب العهد؟
لا يغفل عن أحد الدعم المباشر لرئيس الجمهوريّة العماد ميشال عون الرئيس الأسبق للتيار الوطنيّ الحرّ لصهره النائب “جبران باسيل” الرئيس الحالي للتيار. ولا يغفل أحد عن مقولة “كرمال عيون جبران”. لكن ما لم يفعله الرئيس في انتخابات 2018 من تدخلات سياسيّة مباشرة لصالح رئيس التيار، يلاحظه الرأي العام اليوم ويربطه بمعطيات ليست بحديثة.
في انتخابات 2018 فاز التيار المسيحيّ بأكبر كتلة مسيحيّة نيابية، وكانت ثقة الشعب اللّبناني بالعهد القويّ أكثر من قويّة، فلم يكن يمضي سوى أقل من سنتين على تواجد العماد عون بسدّة الرئاسة؛ عندها أعطى الشعب صوته لمرشّحي التيار لكي يكونوا الداعمين لمواقف الرئيس وساعين لاستكمال شعاره الإصلاح والتغيير. لكن المفارقة أنّ الإصلاح أصبح فشلًا والتغيير كان نحو المهوار.
مع ثورة 17 تشرين الأول 2019 والإنهيار الذي حصل بلبنان، وتحميل العهد مسؤوليته. عندها خسر التيار البرتقالي قسمًا من جمهوره. ناهيك عن التصرفات التي يقوم بها رئيس التيار التي جعلت من قياديّين مناضلين ينفصلون عن جناح التيار ويستمرون بمفاخرتهم بنضالهم. ناهيك عن الخلاف العائليّ بين الأصهرة الّذي يثبّت دعم الجنرال لجبران. وأتت الثورة لتشكّل خطًّا جديدًا يرفض أحزاب المنظومة السياسيّة ويطالب بأفراد مستقلين لتمثيلها بالمجلس.
نقمة الشعب على التيار الوطني الحرّ رسّختها الثورة، خصوصاً في ظلّ التحالف بين حزب الله والتيار؛ ومع رفضها للسلاح غير الشرعي زادت النقمة على التيار وعلى نوابه ووزرائه وصولاً إلى رئيس الجمهوريّة. ناهيك عن استلام وزراء التيار لوزارة الطاقة ووعودهم التي لم تتحقق، والتي أوصلت إلى زيادة أعباء الخزينة.
جرّاء هذه المعطيات، خسر التيار الوطنيّ الحرّ جزءًا من جمهوره. فما كان على رئيس الجمهوريّة سوى التدخّل لدى بعض الحزبيّين والمقرّبين منه لتخفيف حدّة الشرخ بينهم وبين صهره. من هنا لاحظت أروقة القصر الجمهوري تدخّل الرئيس بعملية اختيار بعض مرشّحي التيار والضغط عليهم كونهم قوّة وازنة في دوائرهم وقد تشكلّ مواقفهم اعتدال التيار مع الأفرقاء. لدرجةٍ ألغى الرئيس في آخر يومٍ من تسجيل اللوائح اجتماعاته للتفاوض مع مستشاره للشؤون الروسية أمل ابو زيد المرشح عن المقعد الماروني في جزين الّذي لديه شعبيّة كبيرة، وإقناعه بعدم الانسحاب من الانتخابات؛ وأشارت معلومات عن وعود وضمانات وزاريّة قدّمت لأبو زيد في حال لم يحالفه الحظ في النيابة، كون التيار سيعطي أصواته التفضيلية لمرشّحه زياد أسود.
مستشار رئيس الجمهورية في ملف ترسيم الحدود البحرية النائب الياس بو صعب هو الآخر حسم قرار ترشحه في اللحظات الأخيرة بعد الجفاء بينه وبين رئيس التيار جبران باسيل، وتدخل رئيس الجمهورية للتخفيف من حدّة المواقف مما ساهم بتبنّي ترشيح بو صعب على لائحة التيار.
تواصل “هنا لبنان” مع الكاتب والإعلامي خيرالله خيرالله، الّذي اعتبر أن القصر الجمهوري مقرّ للتيار الوطنيّ الحرّ منذ انتخاب رئيس الجمهورية ميشال عون في العام 2016 ولا يوجد أي تغيير منذ تلك الفترة حتى اليوم.
أضاف خير الله بالماضي لم يشارك رؤساء الأحزاب الّذين انتخبوا رؤساء للجمهورية بالتدخل المباشر بسياسة أحزابهم. مثلاً أمين الجميل فصل صفته الحزبية عند وصوله للرئاسة. القصر الجمهوري اليوم جزء لا يتجزأ من التيار الوطنيّ الحرّ، فما من فرق بينه وبين ميرنا الشالوحي المقرّ الرسمي للتيار.
اعتبر خيرالله أن رسالة الفاتيكان والإعلان عن زيارة البابا فرنسيس جزء من الحملة الانتخابيّة للتيار. مع إعلان الزيارة من قبل القصر الجمهوري اعتدى الرئيس على كل الأعراف الديبلوماسيّة والبروتوكولية ولم ينتظر الإعلان الرسميّ للزيارة بالتوازي مع الفاتيكان.
مرشح حزب اللّه أصبح رئيسًا لجمهورية لبنان بحسب خيرالله؛ فماذا نتوقع مستقبلًا لبلدٍ يحكمه السلاح غير الشرعي؟ كانت رئاسة الجمهورية من بين آخر مؤسسات الدولة الصامدة بوجه الانهيار، قبل وصول رئيس الجمهورية ميشال عون الّذي أنهاها؛ لنصبح بلدًا خاليًا من المؤسسات الفعّالة.
نهاية لبنان كانت عند انتخاب الحزب بحسب “خيرالله” للرئيس عون وبالتالي هيمنة إيران على القرار بلبنان. والنتيجة التي وصلنا اليها هي تتمة منطقية لهذا الانتخاب. وختم خير الله أن لبنان قادم على فراغ رئاسيّ وبعد الفراغ سيطرح مؤتمر تأسيسيّ ومثالثة ما يترافق مع تعديل الدستور لانتهاء اتفاق الطائف.
قصر بعبدا هو قصر الشعب أجمع، أي عليه أن يكون على مسافة واحدة من الجميع دون التحيّز لجهة دون الأخرى. رغم الانتماءات السياسية والصلات العائلية على “بيّ الكلّ” أن يبقى على مسافة واحدة من الجميع دون تدخلات. فإفشال العهد لا يتوقف على فوز النواب في هذه الدورة الانتخابية بل مرتبط بمدى استطاعة هذا العهد التغيير. خمس سنوات ونيّف لم يستطع فيها هذا العهد تحقيق إنجازات لمستقبل أفضل، هل سيستطيع التغيير في الأشهر القليلة المتبقية؟

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us