الأزمة الاقتصاديّة أثّرت على سوق العقارات المشتراة والمستأجرة


أخبار بارزة, خاص 1 أيار, 2022

كتبت فاتن الحاج حسن لـ “هنا لبنان” :

تاريخيّاً، نظر المواطن اللبناني إلى العقار على أنّه الملاذ الآمن له ولعائلته، والضمانة لمستقبله. وفي مرحلة ما بعد الحرب وإعادة الإعمار، حافظت العقارات على أسعارها المرتفعة، وكانت عموماً من نصيب المغتربين والمتموّلين، فيما كان على متوسّطي ومحدودي الدخل الانتظار، إمّا للحصول على قرضٍ من مصرف الإسكان أو الاقتراض من المصارف الخاصّة بفوائد مرتفعة.

كما شهد قطاع العقارات خلال العقدَين الأخيرَين فورةً في ظلّ إقبال المغتربين اللبنانيّين على شراء شقق المستقبل على أمل العودة يوماً ما. ولكن، مع الانهيار الاقتصادي وارتفاع سعر صرف الدولار، اهتزّت سوق العقارات وتراجعت الأسعار، وبدأ هذا القطاع يعيش حالةً من الركود، على الرغم من النشاط الظرفي الذي حصل بسبب محاولة المودعين تهريب ادّخاراتهم وودائعهم المصرفيّة على شكل شيكاتٍ محسومة القيمة، في مقابل قيام شريحةٍ يائسةٍ ببيع عقاراتها وممتلكاتها من أجل الهجرة الدائمة بسبب التوقّعات المستقبليّة السلبيّة.

فحاليّاً، نشهد تراجعاً في مبيع العقارات ابتداءً من عامَي 2021 و2022 بعدما شهدت ارتفاعاً ملحوظاً في عام 2020 بلغت نسبته 110 في المئة، إذ شكّلت العقارات مع بدء الأزمة ملاذاً آمناً. غير أنّ حركة بيع العقارات تراجعت نتيجة تراجع تداول الشيكات كوسيلةٍ للدفع، وبعدما بدأ معظم البائعين يطالبون بالسداد إمّا بالدولار النقدي أو عبر حساباتٍ خارج لبنان.

ويشكو تجّار العقارات اليوم من عدم القدرة على إتمام مشاريعهم، بعد أن شهد القطاع طفرةً في عامَي 2019 و2020 بسبب احتجاز الودائع في المصارف، حيث تسابق المودعون لسحب ودائعهم من البنوك وشراء العقارات. كما سدّد تجّار العقارات والمالكون ديونهم للبنوك بموجب شيكاتٍ مصرفيّةٍ للخروج من أزماتهم، لذلك ازدادت المبيعات بشكلٍ واسع حينها، وانعكس ذلك على عمليّات التسجيل في السجلّات العقاريّة بسبب تراجعٍ وهميٍّ للأسعار إذ أنّ كلفة البناء ما زالت ثابتةً نسبيّاً.

لكنّ النزول الوهمي لأسعار الشقق المعروضة للبيع بداعي هجرة أصحابها انعكس سلباً على قطاع البناء وسمعته وعلى الخطط المستقبليّة، حيث يأتي الزبون ويقول إنّ هناك من اشترى بأقلّ من نصف السعر المتعارف عليه. لذلك توقّف التجّار عن إتمام عمليّات البناء وفق الرخص الممنوحة سابقاً. وهذا ما قد يؤدّي إلى أزمةٍ اجتماعيّةٍ في المستقبل لأنّ الناس ستصل إلى مرحلةٍ لن تجد فيها شققاً للإيجار أو للشراء، وهذا ما سينعكس ضرراً على الجميع، وقد يؤدّي إلى ارتفاعاتٍ كبيرةٍ في أسعار العقارات المشتراة أو المؤجّرة.

ومن ناحية أخرى، فقد حافظت تكلفة البناء على مستواها، فيما تراجعت أسعار الشقق بنسبة 35 في المئة تقريباً. مع العلم أنّ المتر الواحد من الأرض تتحكّم في كلفته 3 عناصر:

أوّلاً سعر الأرض الذي يختلف بين المناطق، وثانياً تكاليف موادّ البناء، وثالثاً تحديد هامش ربح التاجر.

وبنتيجة هذا الواقع المتغيّر، يجد اللبناني طالب المسكن نفسه فرداً كان أم أسرة، في مواجهة تحدّيَين متزامنَين:

العجز عن شراء شقّةٍ بسبب تسعيرها بالدولار، والارتفاع المحموم في الإيجارات.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us