الدولار الجمركيّ سيقرّ بغياب استراتيجيّة واضحة!


أخبار بارزة, خاص 8 تموز, 2022

كتب أنطوني الغبيرة لـ “هنا لبنان”:

نشهد اليوم موجة سياسيّة واقتصاديّة جديدة، بعد تهرّب مجلس النواب السابق من إقرار قوانين جديدة وخاصةً قانون الموازنة. ومن ضمن السياسة الإقتصاديّة الجديدة المُعتمدة زيادة الدولار الجمركيّ، الأمر الّذي يضع المجلس الجديد أمام امتحان المحافظة على حقوق المواطن من جهة والحدّ من استنزاف الدولة من جهة أخرى.

مع إقرار زيادة الدولار الجمركيّ سيتأثّر تجّار لبنان بشكل مباشر، ممّا سينعكس على حركة الاستيراد وحركة المرفأ. فما هو تأثير ارتفاع الدولار الجمركيّ على الحركة الاقتصاديّة في لبنان؟

وفي حديثٍ لـ “هنا لبنان” أوضح الخبير الاقتصادي محمد الشامي أنّ الدولار الجمركي هو الرسم الجمركي الذي تستوفيه الدولة على جميع البضائع المستوردة التي تدخل البلد. في ظل انهيار الليرة في السنوات الأخيرة ومع استمرار سعر صرف الدولار الرسميّ على ١٥٠٠ ليرة لبنانيّة استمرّت الدولة باستيفاء الرسوم الجمركية لكل سلعة على نفس سعر صرف الدولار. بينما اليوم وبعد عدّة دراسات وتفاوت سعر صرف الدولار تتّجه الدولة لرفع الدولار الجمركي مع عدّة احتمالات حول طريقة احتسابه.

مُضيفاً، النتائج الإيجابية لرفع الدولار الجمركي، هي بزيادة عائدات الدولة؛ لكن إلى أي مدى ستتمكن هذه الأخيرة من تحصيل هذه العائدات وإلى أي مدى سيبقى الاستيراد بنفس الوتيرة؟ من هنا يصعب علينا اليوم بحسب الشامي التكلّم عن نتائج إيجابية فعلية لرفع الدولار الجمركي في لبنان.

موضحاً ليس الهدف اليوم فرض الضرائب بل كيفية فرضها، من هنا على الإصلاح أن يكون من خلال خطّة كاملة متكاملة تبدأ من الناحية الاجتماعيّة لنصل بعدها إلى خطة نهوض اقتصادي متكاملة، وإلاّ ستكون التداعيات أسوأ وتُزيد الاقتصاد اللبناني تدهوراً لأنّ الإصلاح عليه أن يكون شاملاً “بالمفرّق ما بيمشي” حسب تعبيره.

واعتبر الشامي أنّنا اليوم نعيش حالة ضياع، هناك أمور ما زالت تحتسب على سعر صرف الدولار الرسميّ أي 1500 ليرة وأخرى حسب منصة صيرفة؛ ممّا يسبب أرقًا أكبر بالسوق ومشاكل أكبر بالتعاطي مع صندوق النقد الدولي طالما الأمور لا تزال غير ثابتة. وسأل الشامي عن الاستراتيجية التي تعمل عليها منصة صيرفة! علينا الاتجاه لتحديد سعر صرف جديد وفق خطّة واضحة أو إذا ما احتسب حسب صيرفة عليها أن تكون وفق دراسة واضحة لأنّ الوضع إن بقي على حاله سيزداد الأمر سوءاً.

وعن مدى تأثّر القدرة الشرائية للمواطن بارتفاع الدولار الجمركيّ، يعتبر الشامي أنّ القدرة الشرائية تشكل الأساس كون المواطن سيتحمّل بشكل مباشر تداعيات رفع الدولار الجمركي، ولكن هذه القدرة الشرائية ستتأثر سلباً لأن المواطن لم يعد يحتمل التفاوت والارتفاع الجنوني بالأسعار في ظلّ غياب الرقابة.

في لبنان لم نضع خطة متكاملة لمحاربة الفساد ولم نضع خطة متكاملة للتوظيف العشوائي في القطاع العام، وهناك محسوبيات ومحاصصة بالقطاع العام، بالتالي نحن أمام تهرّب ضريبي أكبر وموجة تهريب كبيرة جداً وأمام فساد أكبر كوننا لم نعالج الفساد الأساسي قبل فرض هذا القرار الجديد، لأن الإصلاح الشامل والمتكامل هو الوسيلة الوحيدة للحل. ستبقى نفس كميات السلع في البلد لكن الاستيراد سيقلّ ويزداد التهريب.

بحسب الشامي السلع المستوردة من الخارج تصل إلى المستهلك بسعر أرخص من السلع المحلية، فقبل زيادة الدولار الجمركي علينا تحسين البنى التحتيّة ودعم الصناعات المحلية لتحسين القدرة الشرائية الوطنية لكيلا نطلق حكم إعدام جماعي على المجتمع اللبناني.

وختم أنّه وبالرغم من التصريحات أنّ الدولار الجمركيّ لن يؤثر على الغذاء والدواء، وفي حال كانت الزيادة ستتراوح بين ٣ و ٥٪ فقط؛ غير أنّه بمجرد رفع الدولار الجمركيّ سنشهد زيادة بنسبة القيمة المضافة وهذا سينعكس سلباً على جيب المواطن خصوصاً في ظل غياب الرقابة من قبل مصلحة حماية المستهلك.

بينما على صعيد السلع الأخرى كالسيارات مثلاً، فهذا القطاع لا يشمله العفو الجمركي كونه من الكماليات، ونحن في لبنان ليس لدينا نقل عام منظّم، بالتالي سيصعب على المواطن صيانة سيارته مع ارتفاع كلفتها مما قد يزيد حصول حوادث سير.

في النهاية قرارات السلطة السياسيّة لإنقاذ ما دمّرته بنفسها على مدى العقود، لا يتحمّلها سوى المواطن الّذي يدفع ثمن غياب الاستراتيجيات والخطط. من هنا نطرح السؤال عن التوقيت الّذي سيقرّ فيه مجلس النواب الدولار الجمركيّ الجديد، والّذي من خلاله سيشهد السوق المحلّي تحوّلاً بالأسعار؟

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us