نيران خيانة وطنية


أخبار بارزة, خاص 14 تموز, 2022

كتب راشد فايد لـ “هنا لبنان”:

لا صيف في لبنان بلا حرائق، ولا حرائق في لبنان بلا تذكر “أفضال” جبران باسيل، وزير الطاقة الأبدي، علناً ومواربة. هي “أفضال” لا تُنسى، وتغلّف كل لبنان، بالكهرباء الخرافية 24/24، وبالسدود المائية الأسطورية الـ7 التي يصر وتياره على جديتها، فيما أكثرها ينتظر قراراً واضحاً بـ”إعدامه” لولا المبالغ التي دفعت لإنشائه، ومثلها لأشغال رتقه، التي يرفض المتعهد أن يؤكد نجاعتها، إذا اعتمدت.
إذا كانت الحرائق تذكر بالوزير السابق والنائب العائد جبران باسيل فلأنه ارتكب، بحجة تافهة، خطأ قاتلاً غير مباشر يقارب تهمة الخيانة العظمى في بعض الدول، ومنها الجزائر، التي يصف دستورها بهذه التسمية “تدمير الأراضي وتخريب المرافق العامة والاقتصادية”، مساوياً بذلك بينها وبين “محاولات تغيير النظام أو الأفعال التي تهدف إلى التحريض على المشاركة في العصابات المسلحة أو في الحركات التمردية”.
تاريخيّاً، عُرّفت الخيانة ضد الملك أو الحاكم بالخيانة العظمى، والخيانة لمن دونه من الرؤساء والمواطنين بالخيانة الصغرى، أو “الخيانة الوطنية” المحددة في المواد 123 وما يليها من قانون العقوبات وقانون القضاء العسكري، فالأولى خاصة برئيس الجمهورية، في حين أن أي مواطن يمكن اتهامه بالخيانة الثانية إن تآمر على مصالح الوطن ومن ذلك تخريب المرافق المذكورة.
إلى ذلك تضاف الخيانة المقنّعة، وعادة ما يكون مرتكبوها امتهنوها، وأتقنوا اعتمادها ترصداً أو إهمالاً، من ذلك ما يقع من باب التعصب لأهل أو منطقة أو طائفة على حساب الوطن كله، فيقدمون أبناء عشيرتهم وطائفتهم وملتهم على حساب المجموع الوطني، فيدفعون بهم إلى أعلى مراتب المسؤولية في أجهزة الدولة ومؤسساتها الأمنية والعسكرية، ولو لم يكونوا مؤهلين لها، وليسوا من مستحقيها، وما ذاك إلا من وجوه الفساد الذي يخلخل بنية الدولة منذ الوصاية الأسدية على لبنان.
أليس فساداً يبلغ الخيانة الوطنية تعيين الموظفين في الدوائر والمؤسسات من دون حاجة الدولة إلى وجودهم، أو منع فائزين في امتحانات إدارية من تسلم مهامهم بحجة توازن طائفي لا يمكن توفيره بسبب عدم رغبة أبناء طائفة بعينها بهذا النمط من الأعمال، وهو ما ينطبق على ما يكاد يواري خيانة وطنية عظمى متمادية منذ نحو 7 سنوات: فلا الفائزون الـ106 في مباريات “حرس الأحراج” يتسلمون مهامهم، ولا المنكفئون عنها يغيرون موقفهم، والأمر على حاله، فيما مرسوم التعيين يقبع في دُرج رئيس الجمهورية، منذ 2007، بتوصية من “الصهر” وحرصاً منه على “التوازن الوطني” والحرائق مستمرة.
لا يزعم أحد أن تسلم الحراس مهامهم سينهي زمن حرائق الأحراج والغابات اللبنانية، فهناك دائماً حرائق طبيعية تنجم بسبب الأحوال الجوية، وهناك أيضاً حرائق مفتعلة لنهب الثروة الحرجية المتناقصة. ومع كل حريق تطرح أسئلة كثيرة عن أسبابه، “وعن العناد في تعيين حرس الأحراش.
تنتهي الأسئلة بإخماد الحرائق، لكنها تستأنف مع الحريق التالي، ولا تتحمل أي إدارة المسؤولية ولا أحد يحاسب، برغم وجود وثيقة تحمل اسم الاستراتيجية الوطنية لإدارة حرائق الغابات، أقرها مجلس الوزراء منذ العام 2009، لكنها لم تطبق إلى اليوم.
من يتابع مصير سد المسيلحة الميؤوس منه تحديداً، حيث التقط باسيل صورة سيلفي لابتسامته، ومن يتقفّى استمرار احتجاز مرسوم تعيين حرس الأحراج، يعي معنى التلذذ بالإهدار، حرجياً ومائياً، وبأن الدستور الجزائري يستحق الإتّباع.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us