خطر اليباس يداهم غابة أرز تنورين


أخبار بارزة, خاص 17 تموز, 2022

كتبت فاتن الحاج حسن لـ “هنا لبنان”:

غابة أرز تنورين من أكبر وأكثف غابات لبنان والمنطقة، إذ يزيد عدد أشجارها على مليونٍ و500 ألف شجرة أرزٍ لبناني (CedrusLibani) تنمو على علوٍّ يتراوح بين 1400مترٍ و1850متراً، وتمتدّ على مساحة 620 هكتاراً.

وتُعتبر محميّة أرز تنورين التي أُنشئت بموجب القانون رقم 9 تاريخ 25 شباط 1999 مختبراً لآلاف العمليّات البيولوجيّة والبيئيّة، إذ تشكّل نظاماً بيئيّاً قائماً بحدّ ذاته. فهي تشكّل موئلاً لأكثر من 16 نوعاً من الثدييّات، وأكثر من 1000 نوعٍ من الحشرات النادرة؛ وقد صنّفها المجلس العالمي للطيور في العام 2006 “منطقة مهمّة للطير”، إذ أحصي فيها 80 نوعاً من الطيور المهاجرة والمقيمة.

بدأت المشكلات البيئيّة والمناخيّة في الغابة في شهر تمّوز من العام 1998، عندما طغى اللون البنّي على أشجار الأرز، وتكرّرت الحالة في العام التالي، إذ بدت الغابة كأنّ حريقاً شبّ فيها، قبل أن يتبيّن أنّ سبب يباس أشجار الأرز هو حشرة، شخّصها مركز الأبحاث الزراعيّة الفرنسيّة حينها على أنّها نوع جديد من الحشرات، سُمّيت حشرة الأرز المنشاريّة أو سيفالسيا تنوريننسس (Chevin CephalciaTannourinensis) نسبةً إلى غابة أرز تنورين حيث رُصدت للمرّة الأولى.

وإنّ التغيّر في النظام المطري، إضافةً إلى ازدياد موجات الجفاف خلال فصل الشتاء وتراجع كميّة الغطاء الثلجي على الجبال خلال العقدين السابقين، كلّها عوامل أثّرت في النظام الإيكولوجي الخاصّ بغابة الأرز لناحية تراجع كميّات المياه، ونسبة الرطوبة في التربة. وهذا ما أثّر سلباً في نموّ البذور والأشجار الجديدة، وتالياً حدّ من عمليّة تجدّد الغابة.

وأخيراً، شهدت الغابة مع استفحال حشرة السيفالسيا، انحساراً في نسبة أشجار الأرز، أُضيف إلى هذه الكارثة البيئيّة خطر تلاشي الثروة الحيوانيّة والغطاء النباتي بمرور الوقت، وذلك مع انحسار الأمطار وارتفاع درجات الحرارة التي تؤدّي إلى تسريع وتيرة ذوبان الثلوج في المحميّة.

من جهةٍ أخرى، أدّى انخفاض نسبة تساقط الثلوج ورطوبة الأرض جرّاء التغيّر المناخي إلى اضطرابٍ في الدورة الحياتيّة لحشرة السيفالسيا، ما جعلها تقتات على أوراق الأرز سنويّاً مسبّبةً يباس الأغصان، إضافةً إلى أنّ التغيّر المناخي أثّر كذلك على التكاثر الطبيعي للأرز في المحميّة، مع زيادة نسبة حرارة الأرض وانخفاض نسبة المتساقطات.

ترافق كلّ ذلك مع غياب المعدّات والتقنيّات الفعّالة لدى السلطات الرسميّة وغياب لجنة محميّة أرز تنورين عن السّمع.

وبعكس ما حدث في الماضي، عندما تولّى الجيش اللبناني، خلال العامين 1999 و2000، مهمّة رشّ مركّب “دايفلو بنزيورون” غير السامّ للإنسان والحيوان، وتالياً بدء مرحلة التعافي الجزئي للمحميّة؛ يعود اليباس اليوم ليخيّم على الغابة بشكلٍ مخيفٍ مع تفشّي المرض فيها، بينما يغيب الحرّاس عن الغابة ما يعرّضها لخطر الحريق، كما أنّ لجنة البيئة في وزارة البيئة لا تعمل حاليّاً ولا تستجيب لرسائل الغيارى على المحميّة.

فهل يوجد من يتحمّل مسؤوليّة إنقاذ أكبر غابة أرزٍ في لبنان من براثن اليباس والانقراض التامّ؟!

في هذا الإطار، علم “هنا لبنان” أنّ هناك تحرّك للجنة محميّة أرز تنورين، إذ قام رئيسها المهندس بهاء حرب بالاتّصال بوزير البيئة التي أوفدت بدورها الخبير الدكتور نبيل نمر الذي كشف على المحميّة بشكلٍ كامل، ووضع تقريراً يفيد بأنّ الحشرة التي تتسبّب في يباس الأشجار تُعالج ويتمّ القضاء عليها من خلال الفطريّات السامّة التي تُصنّع في المختبرات وتُوضع تحت الأشجار، وأن لا خطر على غابة الأرز.
وبالنتيجة، يؤكّد المهندس بهاء حرب لـ”هنا لبنان” أنّ محميّة أرز تنورين ليست في خطرٍ البتّة، وأنّ الحشرة التي تتسبّب في اليباس حاليّاً سوف يُقضى عليها في نهاية الصيف.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us