“بدلة” الرئيس الجديد، تفصّلها تفاهمات المنطقة.. والتماهي مع المجتمع المدني يسقط مرشح 8 آذار


أخبار بارزة, خاص 18 تموز, 2022

كتب طارق وليد لـ “هنا لبنان”:

اعتبرت أوساط دبلوماسية غربية خطوة “إسقاط” المرشحين المحسوبين على النظام السوري في الانتخابات النيابية الأخيرة، رسالة إيرانية واضحة إلى الداخل اللبناني وسوريا والدول المهتمة والمعنية بالشأن اللبناني، لا سيما أميركا وفرنسا وحتى الفاتيكان والسعودية ومصر، مفادها أن الساحة اللبنانية هي تحت النفوذ الإيراني، ولم يعد للسوري أي تأثير فيها وعليها، بدليل سقوط أبرز رموزه في لبنان في الانتخابات النيابية، كإيلي الفرزلي، طلال أرسلان، وئام وهاب، أسعد حردان وفيصل كرامي.

لقد كان تعليق رئيس تيار المردة سليمان فرنجيه، على “معنى” سقوط رموز سوريا في الانتخابات معبّراً عندما قال: “نحن زمطنا بريشنا، ونجح طوني”.

ففي سقوط الرموز السورية إشارة واضحة إلى “قطع الطريق على سعي سوريا لدى المجتمع الدولي وتحديداً أميركا لإعادة تلزيمها لبنان لإنهاء الحالة الإيرانية، وفق ما تشير إليه أوساط دبلوماسية غربية استناداً إلى معلومات وردتها من المنطقة. فسوريا الأسد قد تكون مستعدة للقيام بهذا الدور الذي لعبته منذ عشرات السنين في لبنان لإنهاء دور السلاح الفلسطيني وإخراج قيادة أبو عمار من لبنان إلى تونس، وضبط الأمن فيه على الساعة الأميركية. إن سوريا مستعدة الآن للعب الدور نفسه بإنهاء النفوذ الإيراني، وفق الأوساط نفسها.

هنالك كباش خفي بين إيران وسوريا في لبنان تكشفه جملة عوامل ومؤشرات منها: الغارات الإسرائيلية المستمرة على سوريا والتي تستهدف مواقع للحرس الثوري وحزب الله، ومنها استهداف مطار دمشق وتعطيله لمنع وصول طائرة إيرانية تنقل معدات عسكرية متطورة لتعديل المسيّرات والصواريخ الدقيقة لحزب الله، وكذلك استهداف قاعدة لإيران في طرطوس بعد وصول معدات عسكرية متطورة بحراً من إيران إلى سوريا، تمهيداً لنقلها إلى لبنان لصالح الحزب، إضافة إلى استهداف قافلة سلاح إيرانية على الطريق الدولية بين لبنان وسوريا منذ أسابيع، كانت متجهة إلى الضاحية.

كل هذه العمليات تحصل وسط صمت سوري و”إدارة ظهر” روسية وكأن هنالك نوعاً من التواطؤ، أو التسليم بما يجري في سوريا. إن ما تقدم عليه إسرائيل في سوريا، يظهر وكأنها مكلفة بمهمة ضرب النفوذ الإيراني في سوريا وفق مراقب سياسي عربي.

في هذا السياق تأتي زيارة اسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس للبنان، والتي اعتبرها المراقبون “رسالة إيرانية” واضحة مفادها “أن الساحة اللبنانية هي “تحت سيطرة” النفوذ الإيراني، وملعب سياسي للمحور الإيراني، وصندوق بريد سريع تستخدمه إيران للرسائل السريعة وذلك استناداً إلى تصريحات هنية عن توحيد الساحات في توقيت إقليمي ودولي لافت استباقاً لقمة الرياض الأميركية الخليجية العربية. إلّا أن فشل حزب الله في تأمين زيارة هنية لسوريا وتحقيق المصالحة بين النظام وحماس بعد طردها من دمشق مع انطلاق الحوادث في سوريا عام 2011، فضح هشاشة العلاقة الإيرانية السورية وتبين أنها علاقة متوترة ومضطربة وغير مستقرة بين الحليفين، إضافة إلى العلاقة السورية مع حزب الله الذي يقول “إن الكلمة الفصل في لبنان هي له أي لإيران كما أن كلمة الفصل في سوريا هي لروسيا.

وفي هذا السياق يعيش النظام السوري حالاً من التخبط في تحديد الخيار السياسي والاستراتيجي، ومشروع سوريا الجديدة وموعد بدء ورشة إعادة الإعمار، وهذا واضح من خلال مواقف المسؤولين السوريين حيث قالت أوساط مسؤولة في الجامعة العربية “أن السياسة السورية غير واضحة المعالم في المنطقة ولذلك ليس هنالك من إجماع عربي على عودتها إلى مقعدها في الجامعة، وهي لن تشارك في قمة الجزائر في تشرين الثاني المقبل”.

وينقل زوار دمشق عن مسؤولين أمنيين معاناة السوريين من وجود حزب الله في سوريا، كما عانى اللبنانيون من “الاحتلال السوري” للبنان. يضيف المسؤول الأمني “لقد استنجدنا بحزب الله بناء على طلب إيران لإخراج الإرهابين من سوريا. لقد خرج هؤلاء و”احتل” عناصر الحزب منازلنا ولم يعودوا يخرجون منها”. يوضح “نحن الآن نفهم معاناة الشعب اللبناني من ممارسات وأداء حزب الله. فنحن على استعداد لإخراج حزب الله من سوريا إلّا أننا ننتظر الضوء الأخضر من روسيا المنشغلة الآن في حرب أوكرانيا”. يقول المسؤول “إن عناصر الحرس الثوري وحزب الله الموجودين في سوريا سارعوا إلى “احتلال” المواقع التي أخلاها الجيش الروسي للتوجه إلى جبهة أوكرانيا، وكان هذا الموضوع من بين الملفات التي بحث فيها وزير خارجية روسيا سيرغي لافروف مع المسؤولين الإيرانيين في زيارته لطهران، وطالب بخروج عناصر الحرس الثوري وحزب الله من المواقع التي كان يشغلها الجيش الروسي قبل الانسحاب إلى أوكرانيا، لا سيما بعد التحذير الأردني للموقعين على اتفاق عمان بتأمين منطقة أمنية في جنوب سوريا بعمق 50 كلم من الحدود الأردنية خالية من أيّ وجود إيراني، تتولى الأمن فيها الشرطة الروسية مع جيش النظام، خوفاً من مواجهات في هذه المنطقة.

ومن بين الإشارات إلى علاقة الحزب المتوترة بسوريا، انتشار عناصر الفرقة الرابعة التابعة لماهر الأسد على طول الحدود الشرقية مع لبنان لضبطها ومنع التهريب بعد أعمال دهم لمستودعات حزب الله في القصير وتوقيف مسؤولين من عناصر الحزب من دون الكشف عما حصل وفق سكان المناطق الحدودية. إضافة إلى حوادث تقع بين الحين والآخر بين عناصر الحزب وعناصر من الفرقة الرابعة التي باتت الحدود تحت مراقبتها.

وعلى هذا الصعيد تحاول إيران، وفق المصادر الدبلوماسية نفسها، أن تمنع أي دور لسوريا في لبنان خصوصاً في المرحلة المقبلة لانتخاب رئيس جديد، وقد يدفع المرشحون المحسوبون على سوريا الثمن. يقول دبلوماسي غربي “إن اختيار الرئيس مسؤولية لبنانية وعلى اللبنانيين اختيار رئيسهم وليس عليهم أن ينتظروا الخارج”. يقول وليد جنبلاط “إن العامل الداخلي أساسي في اختيار الرئيس، ولا بدّ من أن نلعب هذا الدور لا أن نتلقى من يختاره الخارج ونزكيه في الداخل”. ويقول دبلوماسي أوروبي “أنه إذا فشل اللبنانيون من الآن وحتى أيلول، تاريخ بدء مهلة الشهرين لانتخاب رئيس، في الاتفاق على الاسم فإن أميركا بالتنسيق مع فرنسا والفاتيكان والسعودية ومصر ستسمي المرشحين، ولإيران حق الفيتو، وليس التسمية، ذلك أن الإتيان برئيس يمثل المحور الإيراني سقط، وإن العودة إلى ثلاثية شعب وجيش ومقاومة انتهت، والرئيس الجديد سيتماهى مع التغييرات التي تحدث عنها أمين عام الجامعة العربية أحمد أبو الغيط في مجلس خاص عندما قال “إن المنطقة مقبلة على تغييرات جوهرية كبيرة سترسم الخريطة الجيوسياسية المقبلة للمنطقة”.

فأين لبنان من كل هذا؟ فما جرى الأسبوع الفائت في المنطقة من إعلان القدس إلى بيانات ومواقف قمة الرياض رسمت خريطة جديدة للمنطقة.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us