جنبلاط قرأ المرحلة… فسارع إلى “التكويعة ” المرحلية نحو حارة حريك!


أخبار بارزة, خاص 17 آب, 2022

كتبت صونيا رزق لـ “هنا لبنان”:

لا شك في أنّ حدس رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط لا يُخطئ، وهو القارئ السياسي الذي يرى دائماً للبعيد البعيد، فتُشعره حاسته السادسة بما يُخطَّط له، مع السؤال الدائم “إلى أين”؟ في معظم مواقفه وتصريحاته، لتختصر تلك العبارة الشهيرة الدرب الذي يستعد للسير عليه، طارحاً الأسئلة حول مصير لبنان، والجواب الدائم: “لبنان إلى المجهول وإلى ما لا يُحمد عقباه”، لأنّ جنبلاط كان يحمل دائماً الهواجس التي رافقت لبنان على مدى عقود من الزمن.

إلى ذلك لطالما وُصف رئيس الاشتراكي بصاحب التقلّبات السياسية الدائمة، التي جعلته يقفز من جهة إلى أخرى، من أقصى اليمين لفترة، ليعود إلى أقصى اليسار لفترة أطول، لكن هذه المرة حطّ جنبلاط في مكان آخر، عنوانه المهادنة لأنّ المرحلة تقتضي ذلك، على الرغم من مواقف نارية أطلقها قبل منتصف شهر أيار الماضي، تاريخ إجراء الانتخابات النيابية، حين وجّه سهامه السياسية إلى حزب الله وحلفائه، “الذين يُحضّرون لاغتيال سياسي للزعامة الجنبلاطية في الجبل وكل لبنان” كما قال حينها، فلم تترك تلك العبارات حينها أي مطرح للصلح، إلى أن عاد الغزل الجنبلاطي قبل فترة وجيزة حاملاً معه رسائل انفتاحية في اتجاه حارة حريك، ففعلت فعلها مع دعم كبير من “الرفيق غازي”، بحسب تسمية جنبلاط للوزير السابق غازي العريضي، مع دعم ووساطة وطمأنة من رئيس المجلس النيابي نبيه بري، وهو الوحيد الذي لم ينقلب عليه جنبلاط حتى في عز عدائه لقوى 8 آذار.

هذه الاستدارة الجنبلاطية التي أقلقت عدداً من الأفرقاء السياسيين، خصوصاً مع اقتراب الاستحقاق الرئاسي، أنتجت لقاءين مع حزب الله، ليتبيّن أنّها “تكويعة مرحلية” في اتجاهه، هدفها الهدنة السياسية أوّلاً، وطرح الهواجس من أن يقود ملف الترسيم إلى الحرب، الأمر الذي لا يمكن للبنان تحمّل تداعياته في هذه الظروف الخطرة والدقيقة، فكان تشديد على تجنّب تلك الحرب، ومن ثم أتى دور طبق الرئاسة الذي حضر بقوة وفق مصادر اشتراكية، أشارت إلى أنّ كل ما تردّد في الأيام الأخيرة عن الاستدارة الجنبلاطية المستمرة حتى الاستحقاق الرئاسي، لإيصال رئيس من محور الممانعة، يشكّل امتداداً لمرحلة حكم الرئيس الحالي ميشال عون، ليس سوى أقاويل وتحليلات بعيدة جداً عن أرض الواقع، لأنّ زعيم المختارة يريد رئيساً وسطياً بعيداً عن الاستفزاز، أي لا من 8 ولا من 14 آذار، مع صفات الرئيس المطلوب، وإمكانية التفاهم على شخصية بعيدة عن التحديّ، منعاً لحدوث الفراغ.

وتابعت المصادر المذكورة: “فليسترح الغيارى لأنّ رئيس الحزب الاشتراكي لن ينزلق سياسياً كما يرى البعض، لأنّه يدعو إلى الحوار والتفاهم مع الجميع، وأكّدت رفضها للهجوم السياسي من قبل بعض النواب الحزبيين، لأنّهم سيعرفون قريباً بأنّ جنبلاط اتخذ الخيار الصحيح من أجل مستقبل لبنان، والسياسي الذي ينادي بالحوار لا بدّ أن يُحدث خرقاً في جدار الأزمات، وبالتالي فالمختارة ليست مع محور ضد آخر، بل تنادي بالوسطية”.

في غضون ذلك ثمة مراقبين لا يبدون خوفاً من هذه الانعطافة ويقولون: “قد تكون فقط لتنظيم الخلاف ليس أكثر، إذ لا يمكن لجنبلاط الخروج من المحيط العربي، وتحديداً من المملكة العربية السعودية، حيث يعمل عدد كبير من أبناء الطائفة الدرزية، وهي الأهمّ والأقرب إلى قلب جنبلاط، الذي يضحّي بكلّ شيء من أجل مصلحتها أوّلاً وأخيراً، معتبرين بأنّ الوقت كفيل بتوضيح ما يجري ولا يجب الحكم منذ اليوم، لذا سيكون هذا الملفّ موضوع متابعة ليُبنى على الشيء مقتضاه”. وذكّر المراقبون بأنّ الزعيم الدرزي سبق أن أعلن “بأننا خضنا تجربة رئيس من فريق 8 آذار هو ميشال عون، وكانت تجربة فاشلة”، لذا فالخوف بات بعيداً من عملية انقلاب سياسية على غرار ما كان يقوم به في الماضي.

وأخيراً لا بدّ من الإشارة إلى أنّه وبالتّزامن مع اجتماع كليمنصو، جاءت زيارة رئيس اللقاء الديمقراطي تيمور جنبلاط للبطريرك بشارة الراعي في الديمان، والتي كانت مقررة مسبقاً، وتحدث فيها عن الشراكة التاريخية الثابتة، مؤكداً على مصالحة الجبل واستمرارها، وذلك من باب طمأنة الراعي، أي أنّ جنبلاط الأب وجنبلاط الابن عملا إيجابياً في ذلك اليوم الشهير على خط الديمان- حارة حريك، وهذا هو المطلوب في اللعبة السياسية.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us