هل يخرج المارد السني من القمقم؟ أم أن الإحباط قدر؟


أخبار بارزة, خاص 24 أيلول, 2022

كتب جان الفغالي لـ “هنا لبنان”:

هل يمرُّ سُنَّة لبنان اليوم، 2022، بما مرَّ به مسيحيوه عام 1992؟ هل الإحباط قَدَر، سواء عند المسيحيين منذ ثلاثين عامًا، أو عند السنَّة اليوم؟ وهل تنجح دار الفتوى في البدء بمعالجة هذا الإحباط في اجتماعها الأول من نوعه على هذا المستوى؟

لا يمكن فهم ما تمر به الطائفة السنيَّة اليوم، من دون العودة إلى سبعينيات القرن الماضي، وسطوع نجم منظمة التحرير الفلسطينية وعلى رأسها ياسر عرفات، أبو عمار، إلى درجة أن مقولة سادت في تلك الفترة، تقول: “الفلسطينيون هم جيش المسلمين”، لا بل إن البعض ذهب أبعد من ذلك، الدكتور حسين القوتلي، المدير العام لدار الإفتاء في الجمهورية اللبنانيَّة، كتب مقالًا في 18 أيلول من العام 1975، يقول فيه: “إمَّا أنْ يكون الحاكم مسلمًا والحكم إسلاميًّا فيرضى عنه المسلم ويؤيِّده وإمَّا أن يكون الحاكم غير مسلم والحكم غير إسلامي فيرفضه ويعارضه ويعمل على إلغائه باللين أو بالقوة بالعلن أو بالسر”.

لم تكن للطائفة الإسلامية ميليشيا، على غرار ما للمسيحيين والشيعة والدروز، كان هناك “المرابطون”، لكنهم كانوا “فصيلًا” لم يغطِّ سوى جزء من بيروت.

“هيمنت” الحركة الوطنية ومنظمة التحرير الفلسطينية، (ولاحقًا سوريا)، على قرار الطائفة السنية، لم يكن “اللقاء الإسلامي” ذا تأثير مميز، وجاءت “حرب الاغتيالات” لتهدّ من عزيمة الطائفة: من اغتيال المفتي الشيخ حسن خالد إلى اغتيال الشيخ صبحي الصالح إلى ناظم القادري إلى المستشار الرئاسي محمد شقير وآخرين، والمقارنة تجوز بين تلك الاغتيالات واغتيالات شخصيات ثورة الأرز ، بعد أكثر من ثلاثين عامًا.

مع دخول الجيش السوري إلى لبنان تحت “يافطة” قوات الردع العربية، عام 1976، أصبح القرار السني إما في “أبو رمانة” في دمشق عند نائب الرئيس السوري عبد الحليم خدام وإما في عنجر أو البوريفاج. خلت بيروت من بعض الديبلوماسيين العرب، وكان الحادث الأكبر تفجير السفارة العراقية في بيروت، في رسالة سورية واضحة إلى الجميع مفادها أن الديبلوماسية اللبنانية هي في دمشق وليس في بيروت، ومَن ينسى شعار تلك المرحلة “تلازم المسار والمصير”؟

في ظل تلك الهيمنة السورية، كانت الحلقة الأضعف الطائفة السنية. لكن التبدل الاستراتيجي تمثل في مؤتمر الطائف حين عادت المملكة العربية السعودية إلى لبنان، عبر الرئيس رفيق الحريري الذي كان “سفارة وجامعة ومدرسة ومصرفًا” في شخصٍ واحد.

هالة الرئيس رفيق الحريري وقدراته جعلته قوة جذبٍ لكثير من اللبنانيين ولأبناء الطائفة السنية خصوصًا، فجمع حوله مروحة واسعة من الشخصيات، من سابقين في الحركة الوطنية والحزب الشيوعي واليسار عمومًا وشهابيين ودستوريين. مرَّت الطائفة السنية في “عهده” بعصرها الذهبي، وفي كل مرة كان يقال له: “أبو بهاء أصبحتَ أكبر من البلد” كان يجيب: “كبروا البلد بزغر أنا”.

اليوم ، أين الطائفة من تلك “الصحوة” التي امتدت من العام 1992 إلى العام 2005؟

“السنيَّة السياسية” التي ورثت “المارونية السياسية”، يبدو أن “الشيعية السياسية” تحاول وراثتها، لنتذكَّر أنه في إحدى المرات، عند تشكيل إحدى الحكومات، أعطى السيد نصرالله وزيرًا للسنَّة من حصة الشيعة، ما يعني أن “سرايا المقاومة” لم تقتصر على العسكر بل وصلت إلى الوزارة، وبالتأكيد لم يكن في السياسة أن السنة أخذوا حقيبة إضافية، بل إن الشيعة لديهم وزيرًا من السنة. فهل تحصل الصحوة ؟

7 أيار 2008، الذي سماه السيد حسن نصرالله بأنه “يوم مجيد”، شكَّل الاغتيال الثاني للرئيس رفيق الحريري، ومنذ ذلك التاريخ “انكسرت شوكة” الحريرية السياسية.

اليوم أين تقف الطائفة؟ البيوتات السياسية لم تُقفَل نهائيًا، لكنها لم تعد المرجعية. فهل تملأ دار الفتوى الفراغ؟

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us