السلوك النيروني المدمر


أخبار بارزة, خاص 9 تشرين الثانى, 2022

كتب أسعد بشارة لـ “هنا لبنان”:

يورث العماد ميشال عون صهره سلوكاً نيرونياً اختبره عون منذ العام 1988 فأتى له بنتائج باهرة، وجلب على لبنان أكبر الكوارث التي عاشها في العصر الحديث. لم يسلم عون باتفاق الطائف في العام 1989 لأن هذا الاتفاق لم يختره رئيساً، ولو كان عرف أنه سيكون الرئيس لكان أصبح رئيس الطائف الذي يدافع عنه. لهذا عارض الاتفاق وساهم بتعريض الرئيس رينيه معوض لانكشاف أدى إلى اغتياله، بعد أن رفض إعطاء نظام حافظ الأسد توقيعه على تنفيذ عملية عسكرية ضد بعبدا. لقد كان ذلك سلوكاً نيرونياً، على طريقة فلتحترق الارض إذا لم أكن أنا الرئيس.

كرر عون استعمال السلوك النيروني إياه، قبل وبعد عودته من باريس في العام 2005. عاد بصفقة رتبها كريم بقرادوني وإميل لحود الابن، ونالت موافقة مسبقة من النظام السوري وحزب الله، ولما وصل إلى بيروت بدأ بتنفيذ انقلاب على ما كان يتباهى به من ثوابت، فأصبح بعد تفاهمه مع حزب الله رأس حربة الممانعة، وباتت الرابية منبر ومقر التآمر على الحالة السيادية، واغتبط عون بلعب هذا الدور، لأنه سيكون الطريق إلى قصر بعبدا، ولهذا شارك وأيد الاجتياح الميليشياوي في 7 أيار، معتقداً أن ساعته الرئاسية قد حانت، لكن رياح الدوحة لم تتطابق مع الشهوات الرئاسية، فتأجل الموعد إلى العام 2016 حيث انتخب رئيساً بعد أن عطل حزب الله البرلمان سنتين لانتخابه.

ما سمي تسوية رئاسية يومها كان تعبيراً عن انقلاب على الدستور، وعن استعمال لبندقية “المقاومة”، لانتخاب عون، الذي أثبت ولاءه لهذه البندقية طوال سنوات ست، تخللتها ثورة شعبية، وقرار أميركي بفرض عقوبات على صهره، وانتهت بخروج استعراضي فيه من البؤس والهشاشة ما يسمح بالقول أن عون لم يتعلم من دروس الماضي وأنه على أتم الاستعداد لتكرار السلوك النيروني لإيصال صهره إلى قصر بعبدا، ذلك بعد أن أحبطت آماله في البقاء في القصر بعد انتهاء ولايته كما كان يأمل.

السلوك النيروني المدمر يمكن قراءته منذ الآن. سيبدأ هذا السلوك بادعاء السعي لانتخاب رئيس تسوية، ولكنه لن ينتهي إلا بمحاولة الوصول إلى بعبدا، كما كشف عون نفسه في حديث لرويتز قبل مغادرته القصر. وعلى قاعدة الابتزاز في العلاقة بين الحلفاء، يستعطف عون حزب الله للتمسك بترشيح باسيل غير المعلن، رداً للجميل جراء وضع باسيل على لائحة العقوبات الأميركية لأنه لم يتراجع في تأييد سلاح حزب الله. يعتبر عون أن رد الجميل يجب أن يلغي من قاموس الحزب، أي ترشيح آخر، حتى ولو كان متعلقاً بالضحية الرئاسية السابقة أي سليمان فرنجية.

ويبقى السؤال: هل سيكون مصير ترشيح باسيل غير المعلن، كمصير ترشيح عون في الدوحة، أو أن حزب الله سيلتزم بمنع انتخاب أي رئيس آخر بانتظار تمهيد الطريق للصهر إلى بعبدا.

الواضح أن معالم التسوية تلوح في الأفق وهي لو تأخرت، لن ترسو في النهاية على أي مرشح بمواصفات العهد البائد، على اعتبار أن التوازنات لم تعد تنطبق عليها الاعتبارات التي أدت لانتخاب عون في العام 2016 وهذه حقيقة حزب الله أكثر من يدركها.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us