مهنة صيد الأسماك مهددة بالتوقف… والكوليرا أحد الأسباب؟


أخبار بارزة, خاص 20 تشرين الثانى, 2022

كتبت ليا سعد لـ “هنا لبنان”:

“شدوا الهمة الهمة قوية، مركب ينده عالبحرية.. يا بحرية هيلا هيلا.. هيلا هيلا” من منا لا يعرف هذه الأغنية، التي أسقت أرواحنا عنفواناً ورقصنا على أنغامها ليال طويلة. “شدوا الهمة الهمة قوية، أغنية للفنان مارسيل خليفة صدرت في السبعينات من القرن الماضي، واتسمت بطابع راقص قوي لامس قلوب الجمهور الذي اتخذها غالبيتهم كنشيد للبحارة، نظراً لكلماتها المرتبطة بالبحر والإبحار. والكثيرون منا لا يعرفون إكمال الأغنية التي تحاكي واقع غالبية صيادي الأسماك في لبنان اليوم وتقول: “طلع الغربي الغربي بيصفر تحت المينا الجوع بيحفر… طلع البحر البحر بيبكي دمع بيشكي القلب بيحكي”.
فبعد انتشار الكوليرا في لبنان، والحديث عن انتقالها عبر الأسماك الملوثة بمياه ملوثة بالكوليرا، وارتفاع نسبة التلوث في البحر، أسئلة كثيرة تطرح حول واقع قطاع التجارة بالأسماك ومهنة صيد السمك إلى تراجع.
فما هو واقع هذا القطاع في ظل انتشار الكوليرا، هل تراجع أم ما زال ثابتاً؟ وهل أثر التلوث على جودة الأسماك؟ وما هي الأمور التي تؤثر بشكل مباشر على هذا القطاع؟
من الناحية الطبية، أكد الطبيب المتخصص في الأمراض الجرثومية زياد حلو لـ “هنا لبنان”، أن بكتيريا الكوليرا تنتقل من خلال
تناول الأغذية غير المطبوخة جيدًا، والخضار والفواكه النيئة وعن طريق شرب المياه الملوثة أو تناول طعام ملوث مثل أطعمة البحر النيئة الملوثة، وأهمها المحار النيء والذي يكون مصدره أحد المناطق المتفشي فيها مرض الكوليرا.

وأضاف حلو، أنه وحتى الآن لم تسجل أي شكوى أو حالة انتقال لعدوى الكوليرا ناجمة عن تناول الأسماك، وفي حال وجودها، لكانت أرقام إصابات الكوليرا أعلى بكثير مما هي عليه الآن، نظراً الله للاستهلاك الكبير للأسماك من قبل اللبنانيين.
وختم حلو، بباقة نصائح للمواطنين لتفادي الإصابة بالكوليرا، منها تجنب تناول منتجات الألبان، تجنب الطعام غير المطبوخ جيداً، تجنب تناول أطعمة البحر النيئة وخاصةً المحار، وأخيراً استعمال المياه المغلية أو المُعبأة أو المعقمة عند تنظيف الأسنان والاستحمام.
من الأجواء الطبية والعلمية، ننتقل إلى أجواء بحرية بامتياز، لاكتشاف واقع الصيادين والثروة السمكية في لبنان. ولهذا الغرض، تواصل موقع “هنا لبنان” مع صيَاد السمك جان سعد، الذي يمارس هواية الصيد منذ عمر الشباب، والذي عرف باصطياده العديد من أنواع الأسماك النادرة في لبنان، والذي روى لموقعنا واقع القطاع.
“حتى اللحظة لم تتأثر الثروة السمكية ببكتيريا الكوليرا. ولكن تراجعت كميات الأسماك المصطادة نظراً لارتفاع نسبة التلوث البيئي، ورمي النفايات ومياه الصرف الصحي في مجرى البحر. وفي حال انتشار الكوليرا في البحر، سيتوقف هذا القطاع عن الإنتاج، ومعه ستبقى نسبة كبيرة من عائلات الصيادين دون إعالة”.
وأضاف سعد، أن وزارة البيئة تعمل جاهدة بمؤازرة من الصيادين للتخفيف من هذا التلوث، عبر إقامة حملات لتنظيف الشواطئ والغطس لتنظيف قعر البحر، وايجاد حلول فعالة وسريعة لتدارك المشكلة. وتتنوع أسباب التلوث منها، التلوث النفطي الذي يعد من رواسب ما خلفته حرب تموز عام 2006، والتلوث الصناعي خصوصاً على ضفاف الأنهار التي تصب في البحر.
أما عن تنوع الثروة السمكية في لبنان، أكد سعد أنه وفي السنوات الأخيرة، لوحظ وجود أنواع جديدة من الأسماك لم ترصد من قبل في بحرنا، ولفت إلى أنها قد دخلت مياهنا عبر قناة السويس والبحر الأحمر، اللذان يشكلان معبراً أساسياً للأسماك.
ولفت سعد، إلى أنه وبالرغم من زيادة التنوع بالأسماك الموجودة في بحرنا، إلا أننا قد فقدنا الكثير من الأسماك بسبب سوء الاصطياد، واستعمال طرق غير شرعية من قبل الكثير من الصيادين (طريقة التفجير مثلاً، وهي عندما يفجر الصياد بقعة من المياه فتطفو عندها الأسماك الميتة ويصطادها)، والاصطياد خارج الموسم، ما يمنع هذه الأنواع من التكاثر ويخفف من التنوع البيولوجي الموجود.
وحتم سعد أن مهنة صيد السمك لا يعوّل عليها لإعالة عائلة كاملة، لأن المواسم تختلف، والأمور تتعقد في لبنان يوماً بعد يوم، فالصياد الذي يملك مركباً يعمل على المازوت، يحسب اليوم كلفة الإبحار للإصطياد ألف مرة قبل الإقدام على الإبحار، بسبب ارتفاع أسعار المحروقات والمواد الأولية للصيد، من مستلزمات لوجستية إلى المستلزمات التقنية. فالبحار الذي يعول فقط على البحر “سيجوع”، ناهيك عن اختلاف الأجيال وأسلوب الحياة.
إذاً، لا داعي لمقاطعة الأسماك حتى الآن، ولكن توخوا الحذر واطهوا المأكولات جيداً قبل تناولها لعدم وضع أنفسكم عرضة لالتقاط الكوليرا. ولا تكلوا ولا تملوا عن مناداة البحر، لعلّ جواب خلاص البلاد من مشاكلها وأمراضها عبره!

 

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us