بيئة حاضنة… للقتل


أخبار بارزة, خاص 16 كانون الأول, 2022

كتب عمر موراني لـ “هنا لبنان”:

تعقيباً على مقتل الجندي الإيرلندي في العاقبية، قال رئيس الحكومة الإيرلندي “إننا نعمل في بيئة عدائية صعبة”. إنها بيئة حاضنة للقتل. إذ لا يكفي أن يتصل الحاج وفيق صفا باليونيفيل مستنكراً ومديناً ومعزياً، كي يكون حزبه بمنأى عن الجريمة، فهذه ليست الحادثة الأولى مع القبعات الزرق، فالأهالي رجالاً ونساءً وشيوخاً وقاصرين، ليسوا أكثر من غطاء للإعتداءات المتكررة على اليونيفيل وتقييد حركتها ومنعها من تطبيق القرار الدولي 1701.

لدى الأهالي تفسيرهم الخاص لكيفية تطبيق القرار الأممي الذي يتمايز أحياناً عن تفسير الحكومة اللبنانية والوزير الفذ عبد الله بو حبيب دام عزّه، ويتعارض مع قراءة أنطونيو غوتيريش. ولديهم مفهومهم الخاص لتطبيق قواعد الإشتباك. الأهالي يحددون لقوات اليونيفيل المسموح والممنوع. والأهالي يعترضون على التجاوزات على طريقتهم. والأهالي يتصدّون لأيّ تغيير في مهام هذه القوات. والأهالي، بحكم فائض القوة الذي يتمتعون به، كلواء إحتياطي للمقاومة الإسلامية، باتوا يملكون هامش حركة تُرجِمَ في بلدة العاقبية بقتيلين وجريحين.

إن العلاقة الوطيدة بين اليونيفيل وأهالي البيئة الحاضنة ليست أكثر من علاقة مصلحية وموسمية رغم البرامج الإذاعية الترويجية الأشبه ببرنامج “أخي الجندي”. حدود العلاقة بين الأهالي واليونيفيل بيطري هندي يسهّل ولادة بقرة، وتكريم مختار لـ”كولونيل” اسباني، وكتيبة إسبانية تتبرّع بمضختي مياه. وكتيبة أخرى تجهز معمل نفايات. حالات زواج. الجنوبيون طيّبون لكن “الأهالي” يتصرّفون بحمق حيناً وبمسؤولية مجتمعية حيناً آخر.

طبيعي أن يستنكر الحاج وفيق صفا باسم “حزبه” المنخرط بكليته في ورش حقوق الإنسان وثقافة السلام وإيديولوجية المحبة الصافية. الحزب لا يفوته واجب. تقدم بالعزاء من قيادة اليونيفيل كما تقدم بالعزاء من ذوي رفيق الحريري وجبران تويني وبيار الجميل ووسام الحسن… وطقّ قلبه على فقدان لقمان سليم بظروف بالفعل غامضة، في منطقة عمل “الأهالي”. ودموع “الأهالي” لم تجف بعد على مقتل النقيب سامر حنا والمظلوم هاشم السلمان.

يتحرك أهالي البيئة الحاضنة بعفوية مطلقة لا وفق أجندة محددة.

مرة شنت نسوة (من لواء الأهالي المدولب) غارة على عيادة الطبيبة النسائية إيمان شرارة وصودف أنها تستقبل محققين دوليين، فتصرّفن بمنتهى الفظاظة وصادرن لمصلحتهن لابتوب ولا زلن منذ 12 سنة يحللن الداتا.

ومرة رفع الأهالي لافتة افتخار بالحاج سليم عياش ببادرة حسن نيه تجاه عرب خلدة.

ومرة وقع انفجار في معمل متفجرات فحوّله الأهالي بساعات إلى كاراج حدادة وبويا و”دهنوه” قبل وصول القوى الأمنية.

وفي كل مرة يتحرّك الأهالي ميدانياً وسلمياً تقع إصابات وتحصل أضرار. في الأمس استشهد شاب في بيئة تمتلك فائض قوة، تصرّفها كيفما اتفّق.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us

Skip to toolbar