حصان السيد وطروادة عون


أخبار بارزة, خاص 27 شباط, 2023

في الجواب النهائي، على السؤال حول انقطاع التواصل بين حارة حريك وميرنا الشالوحي إلى ما بعد إجراء الانتخابات الرئاسية، هو أن السيد قد جهّز “الحصان” الذي سيدخل “أسوار طروادة” الرئيس ميشال عون.


كتب أحمد عياش لـ “هنا لبنان”:

لم يعد هناك من يشاغب ضدّ رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل سوى القوات اللبنانية، بعدما سدّت سبل الاتكال على الشريك في “تفاهم مار مخايل”. وآخر ما تبلّغه باسيل من الشريك، أي “حزب الله”، ما كتبه إعلاميون قريبون من الحزب أن جسور الحوار باتت مقطوعة بين الشريكين في الوقت الراهن، ومن العبث رفع وتيرة الانتقاد، كما فعل باسيل في عطلة نهاية الأسبوع ما قبل الماضي.

على ما يبدو أنّ ميرنا الشالوحي قد تبلّغت الرسالة من حارة حريك، فبات عليها، كي يبقى لها شغل، إشغال جمهورها بمقولة “الحقّ على القوات” على غرار “الحق على الطليان”.

من آخر النماذج، تعامل إعلام “التيار” مع “سيناريو” طرحته في نهاية الأسبوع الماضي إحدى الصحف ومفاده أنّ “كتلة القوات اللبنانية ستؤمّن النصاب اللازم لانتخاب فرنجية”. كما تحدثت الصحيفة عن “تحضيرات جدية لأن يستقبل الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله النائب جبران باسيل… للبحث في الخيارات الرئاسية وإمكان تقديم ما يمكن لباسيل في ضوء تمسك حزب الله بترشيح فرنجية”. في المقابل، وعلى الرغم من نفي “القوات” ما يخصها في هذا “السيناريو”، تجاهل إعلام “التيار” ما يخصه في السيناريو، أي لقاء السيد بباسيل، وركز فقط على التشكيك في “القوات اللبنانية”، مستعيداً ما أسماه مواقف اتخذها الدكتور سمير جعجع و”تراجع عنها” على غرار “الانقلاب على عهد الرئيس عون!”

كي لا يبقى الكلام على “التيار” و”الحزب” مثل حكاية “إبريق الزيت”، أي الدوران في حلقة مفرغة، تولى نائب الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم يوم الخميس الماضي “كسر” الحلقة، في حديث أدلى به إلى صحيفة “الأخبار”، ومن المفيد العودة إليه الآن وربما لاحقاً، لتبيان حقيقة ما انتهت إليه العلاقات بين فريقي “تفاهم مار مخايل”. فقد سئل الشيخ قاسم أولاً: سابقاً، كانت معادلة الحزب الرئاسية: سليمان فرنجية (ولو من دون تسمية) رئيساً شرط أن يكون ذلك بموافقة التيار الوطني الحر. هل تخلّيتم عن الشقّ الأخير من هذه المعادلة؟ فأجاب: “بالنسبة إلينا، الممرّ الأساس لانتخاب الرئيس هو مواصفاته وامتلاكه تجربة سياسية والقدرة على التحاور مع الجميع وإقامة علاقات مع الدول العربية، وأن لا يشكّل تحدّياً لأحد ولا يرفع سيف التحدي متّكئاً على أحد. ولنا رغبة أكيدة بأن نكون متفاهمين في هذا الشأن مع التيار الوطني الحر”. ثم سئل قاسم: كيف هي العلاقة مع التيار اليوم؟ فأجاب: “التفاهم بين التيار الوطني الحر وحزب الله يمرّ بأزمة غير خافية على أحد. ويفترض أن يناقش الطرفان مستقبل هذا التفاهم ووضعه. لكن التفاهم على مستقبل التفاهم معلّق حالياً في انتظار الانتخابات الرئاسية، وقد يُناقش بعدها.”

ما يهم الالتفات إليه في كلام نائب الأمين العام لـ “حزب الله” قوله أن “مستقبل التفاهم معلّق حالياً في انتظار الانتخابات الرئاسية”. بكلام آخر، ووفق معطيات أوساط مواكبة لملف العلاقات بين الجانبين، أن السيد، قد علّق العمل بـ “التفاهم” مع “التيار” إلى ما بعد الانتخابات الرئاسية حيث سيكون عندئذ “لكل حادث حديث”.

ماذا يعني هذا التطور في علاقات “حزب الله” مع “التيار” الذي لديه الكتلة البرلمانية الثانية الأكثر عدداً مسيحياً في البرلمان بعد كتلة “الجمهورية القوية” التي تمثل القوات اللبنانية في المجلس النيابي؟ وهل يستطيع “الحزب” الاستغناء عن كتلة “التيار” فيما هو على طرف نقيض مع “القوات؟”

من أجل الوصول إلى جواب على السؤال الأول، أي ما يتعلّق باستغناء “الحزب” عن أصوات “التيار” في البرلمان، لا بدّ من تفحص أحوال الكتلة العونية في البرلمان بعد أكثر من 9 أشهر على الانتخابات النيابية العام الماضي. فهذه الكتلة تشهد نزفاً لا سابق له، ما يجعل الكلام عن حجمها موضع مراجعة بإستمرار. ومن نماذج هذا النزف أنّ شخصية بارزة في البرلمان وصلت إلى الندوة النيابية في مركب “التيار”، هو الياس بوصعب الذي صار حالياً نائباً لرئيس مجلس النواب، أعرب عن إستعداده قبل أيام “لإعطاء صوته لفرنجية إذا ما كان الخيار بين فرنجية أو الفراغ”. ولعل أكثر ما أثار “التيار”، فشنّ حملة علنية واسعة على بو صعب عبر وسائل التواصل، هو إعلان الأخير “أنه إذا توافر لفرنجية 64 صوتاً فيكون صوته الـ 65″، فاعتبر البرتقاليون أنّ بو صعب غرّد خارج سرب “تكتل لبنان القوي”، وفي سياق الانفصال التدريجي عن رئيس “التيار” جبران باسيل.

موقف النائب بو صعب، ليس وحده ما يجب أن يقلق “التيار،” بل هناك أكثر من بو صعب يستعد للنزول من مركب “التيار” عندما يقرر الـ “حزب” الاستنفار في الشوط النهائي في السباق الرئاسي. ووفق معلومات أوساط إعلامية، مستقاة من قيادي بارز ضمن الحلقة الضيقة حول السيد، أن الخطة “ب” بعد تعليق العمل بـ “تفاهم مار مخايل”، والتي هي قيد العمل حالياً، هي التعامل مع “التيار” بالمفرق، أي أن هناك أكثر من نائب في كتلة “التيار” يجري العمل على تحضيرهم للانشقاق عن باسيل وبينهم نائب بارز في منطقة جبيل والذي سيبادر إلى إعلان تمايزه عن البرتقالي قريباً، كما فعل بو صعب.

في الجواب النهائي، على السؤال حول انقطاع التواصل بين حارة حريك وميرنا الشالوحي إلى ما بعد إجراء الانتخابات الرئاسية، هو أن السيد قد جهّز “الحصان” الذي سيدخل “أسوار طروادة” الرئيس ميشال عون. فلننتظر وقت العرض لهذه الإلياذة اللبنانية.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us

Skip to toolbar