لو فعلها المسيحيون..


أخبار بارزة, خاص 29 آذار, 2023

لو حاسب المسيحيون ميشال عون منذ العام 2005 والى اليوم، لما كانوا اضطروا إلى الرد على “فتيشة” نبيه بري بهذه الطريقة التي فيها الكثير من الذعر والقلق والتوتر.

كتب أسعد بشارة لـ “هنا لبنان”:

لا يمكن تصنيف الرفض المسيحي “لساعة” الرئيسين نبيه بري ونجيب ميقاتي، إلا في خانة المحطات المفصلية. فهذا الرفض بالإجماع وما تلاه من حملات شحن طائفية، ودعوات للفدرالية والانفصال، كان المؤشر الأبرز على أن المناخ المسيحي قد تغير، فأصبح فاقداً للثقة بلبنان الكبير، وبالشراكة، وبالعلاقة مع المسلمين، إلى درجة الدعوة الصريحة إلى التقسيم، على طريقة لكم لبنانكم ولنا لبناننا.

اللافت أن من قاد حملة الانفصال والاعتراض، كان النائب جبران باسيل، الذي دق الجرس، فتبعه سياسيون وأحزاب ومرجعيات دينية، وهذه مفارقة إضافية، تنبئ بالكثير من علامات الاستفهام والأسئلة التي يفترض بالمسيحيين أن يسألوا أنفسهم عنها، كي ينطلقوا منها إلى استنتاج الخلاصات الصحيحة.

لقد أعطى القرار المتهور وغير المدروس والعنجهي، لجبران باسيل هدية مجانية، فتلقفها، وعزف على وتر مسيحي خائف، لحناً يعرفه جيداً: إنه لحن يبشر بخطر اتفاق الشيعة والسنة على تهميش الدور المسيحي، وقد أحسن باسيل العزف، كونه تمرن في أوركسترا ميشال عون، وتخرج منها بشهادة امتياز في التحريض الطائفي.

لكن المسيحيين الذين ثاروا عن حق على قرار أراد منه بري وميقاتي، أن يخاطب المسلمين بطريقة شعبوية، لم يسألوا أنفسهم، عن هوية من قاد عملية الاعتراض على هذا القرار، ودوره في إسقاط (لا فقط إضعاف) كل مقومات استمرار وقوة الدور المسيحي في لبنان والمنطقة.

لم يسأل المسيحيون جبران باسيل الذي حرض بعبارات كريهة، ضد قرار عدم تقديم الساعة، عما فعله ميشال عون منذ العام 2005 وإلى اليوم، حيث قام بعملية تحريض للمسيحيين تحت عنوان استرداد الحقوق، فأخذهم إلى تحالف مع إيران تحت عنوان تحالف الأقليات، فبدأت عزلتهم الكبيرة والطويلة، التي أسقطت كل دور لهم وجعلتهم ذيلاً لحزب الله فاقداً للقدرة على بناء أي دور.

لم يسأل المسيحيون باسيل، كيف استلم وزارة الطاقة منذ العام 2008، فغرق لبنان في الظلام، على الرغم من عشرات المليارات التي دفعت من جيوبهم وهم دافعو ضرائب بامتياز.

لم يسأل المسيحيون جبران باسيل عن السدود الفارغة من المياه، وعن زرع عشرات آلاف المحاسيب في الإدارة، وعن الشراكة بالتكافل والتضامن مع فريق الرئيس سعد الحريري، بهدف تسهيل أعمال البزنس، وذلك في فترة التسوية الرئاسية، التي بلع فيها ميشال عون كل اتهام للحريرية بالفساد، ورماها أمام أنظار أنصاره، الذين طالما حرضهم على رفيق الحريري حتى وهو في قبره.

لم يسأل المسيحيون جبران باسيل عن موقفه من توقيف وإهانة مطران ماروني، في كمين نفذه حلفاؤه بعقل بارد. لقد صمت باسيل يومها ولم يحرض المسيحيين الذين أهينت كنيستهم على يد المرشد الأعلى، وكان صمته تعبيراً عن تواطؤ مريب.

لم يسأل المسيحيون جبران باسيل كيف قام وعمه ميشال عون، بمساعدة حزب الله على السيطرة على مقومات الدولة، منذ اتفاق مار مخايل وإلى اليوم، مقابل حفنة من النفوذ والسلطة.

واليوم، عندما دق باسيل جرس الكنيسة، على طريقة “يا غيرة الدين” لحقه الجميع، ولم يطلب منه أحد أن يبرز سجله العدلي في تعاطيه بالشأن العام. إنه موسم قرع الأجراس، بهدف محو الآثام والذنوب، فهل آن أوان غسل كل ما علق على ثوب من ورطوا المسيحيين بخيارات كان كل الهدف منها تحقيق المنفعة الشخصية، ولو كلف ذلك الخراب العميم.

لو حاسب المسيحيون ميشال عون منذ العام 2005 والى اليوم، لما كانوا اضطروا إلى الرد على “فتيشة” نبيه بري بهذه الطريقة التي فيها الكثير من الذعر والقلق والتوتر.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us

Skip to toolbar