زيارة الموفد القطري: استشعارٌ عن قرب.. دون أي طرح أو مبادرة


أخبار بارزة, خاص 4 نيسان, 2023

الأهم في زيارة الموفد القطري هو لقاؤه بممثلي “الحزب” المتمسك بترشيح فرنجية لرئاسة الجمهورية، فهل ستقوم قطر التي تتواصل مع إيران والسعودية بتليين موقف الحزب للتخلي عن مرشحه الذي يشكل تحدياً لصالح مرشح آخر يرضي جميع الأفرقاء ويمهد لجلسة انتخاب رئيس بعد الأعياد وقبيل انعقاد القمة العربية؟

كتبت شهير إدريس لـ “هنا لبنان”:

ليس جديداً على دولة قطر القيام بمساعٍ من أجل دعم ومساعدة لبنان للخروج من أزماته، فتاريخياً تجمع بين البلدين علاقات مميزة ومتينة وموقفها واضح تجاه لبنان، وخير دليل على ذلك ما جرى في “اتّفاق الدوحة” على صعيد إيجاد حل لمعضلة انتخاب رئيس الجمهورية وإعادة الإعمار وتقديم المساعدات للبنان عقب حرب تموز وانفجار مرفأ بيروت، وصولاً إلى تعزيز حضورها في عز الأزمة اللبنانية بمشاركتها استثمارياً عبر شركة “قطر للطاقة” كشريك بنسبة 30% في كونسورتيوم التنقيب عن الغاز بعد ترسيم الحدود البحرية اللبنانية.

في مرحلتها الأولى لم تخرج زيارة الموفد القطري وزير الدولة في وزارة الخارجية محمد عبد العزيز الخليفي إلى لبنان، ولقاؤه المسؤولين وبعض الشخصيات السياسية اللبنانية، عن نطاق الاستطلاع، على شاكلة زيارة مساعدة وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى باربرا ليف حيث جرى تأكيد للمواقف التي تشدّد عليها قطر دوماً حيال لبنان لجهة دعمه أولاً وأهمية انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة بأسرع وقت وإجراء الإصلاحات المطلوبة، وهو ما أكّدته قطر عبر مشاركتها في اللقاء الخماسي في باريس إلى جانب مصر وتثبيت دورهما في ملف لبنان سياسياً وبشكل أكبر اقتصادياً وتنموياً، لا سيما بعيد التفاهم السعودي الإيراني وانعكاسه على الوضع اللبناني.

وفي السياق، أكّدت مصادر مطلعة على اجتماعات الموفد القطري لـ “هنا لبنان” أن الموفد القطري بحث مع من التقاهم في العموميات محاولاً استشعار واستمزاج الآراء ووجهات النظر حيال مسألة رئاسة الجمهورية عن قرب من دون الحديث عن أي طرح واضح، فيما كان السؤال الأبرز كيف يمكن لقطر المساعدة في تحسين الموقف الداخلي اللبناني ولعب دور في الموقف الخارجي؟

وأشارت المصادر إلى أنّه لم يتمّ التطرّق إلى الأسماء، كما سرّب عن “مبادرة رئاسية” حملها إلى لبنان، مشددة على أن الزيارة تأتي بالتنسيق مع المملكة العربية السعودية، وأن قطر ليست طرفاً في أي نقاشات حول أسماء المرشحين ولا تنوب عن اللبنانيين في اختيار الرئيس المناسب، ولفتت المصادر إلى أنّ الإيجابية في زيارة الموفدين إلى لبنان تبقى في فتح كوة في جدار الملف الرئاسي من أجل إنهاء الشغور الحاصل، وتؤكد أنّ الملف اللبناني لا يزال يحتل حيّزاً كبيراً من اهتمام الدول الفاعلة وهو في صميم الاتّصالات الغربية والدولية والإقليمية.

بدا الموفد القطري العليم بملفّه مصغياً أكثر مما هو متحدّثاً، بحسب وصف المصادر، بحيث حظي عدم قبول المعارضة بفكرة الطرح الفرنسي حيال سليمان فرنجية كرئيس للجمهورية مقابل نواف سلام كرئيس للحكومة بالترحيب من قبله، ممّا يشكّل تمايزاً قطرياً عن الفرنسيين الّذين لا يزالون يدعمون هذا التوجّه وعادوا وطرحوه منذ يومين مع رئيس تيار المردة سليمان فرنجية.

وأكدت المصادر لموقع “هنا لبنان” أن كل الضمانات التي وضعت في اتفاق الدوحة لم تنفذ ولذلك فإن المطلوب هو ضمانة الشخص وليس الضمانات المسبقة أو الموقع فقط.

وهذا ما لفت إليه رئيس حزب الكتائب سامي الجميّل بعد لقائه الخليفي إذ قال: “حدّدنا الثوابت الأساسية التي لا يُمكن أن نتنازل عنها ولا نقبل برئيس جمهورية خاضع للسلاح ولا يفهم بالإصلاح والاقتصاد، إنمّا نريد رئيسًا سيادياً مستعداً لتطبيق الدستور وقادراً على التواصل مع اللبنانيين وإعادة ربط لبنان بمحيطه العربي والأجنبي”.

وما يؤكد مهمة الموفد القطري هو تصريحه الأول بعيد لقاءاته والذي قال فيه “إن الزيارة إلى لبنان تأتي في إطار تعزيز العلاقة الثنائية بين قطر ولبنان وتطويرها على كل الصعد، ونؤكد حرص قطر على مدّ يد العون والمساعدة للأشقاء في لبنان، والعمل ضمن المنظومة الدولية هو ركيزة أساسية ضمن استراتيجية قطر وسياستها الخارجية” وأضاف: “المشاركة في اجتماعات باريس مهمة جداً وأهم النتائج التي خرجت عن لقاء باريس هي حثّ المسؤولين على ملء الفراغ الرئاسي”.

وقد خصّ الموفد القطري قائد الجيش العماد جوزيف عون بلقاء من ضمن جدول مواعيده، لا سيما أن قطر كانت من أول الدول العربية التي بادرت إلى مساعدة الجيش اللبناني ودعمه بشتى الوسائل لا سيما المالية منها وبالعملة الصعبة من أجل استمراره للقيام بواجباته الأمنية والعسكرية، ورأت المصادر أن ربط زيارة الموفد القطري إلى قائد الجيش بإمكانية ترشيحه للرئاسة لا سيما أنّ اسمه من ضمن المرشحين المحتملين ليست صحيحة، على الرغم من أن قطر لا تعارض وصوله إلى سدة الرئاسة وهو الذي زارها مرات عدة، وأشارت المصادر إلى أنّ الصورة الكاملة لم تتبلور بعد والكلام عن تقدم كبير في ملف الاستحقاق الرئاسي سابق لأوانه لا سيّما أنّ زيارة رئيس تيار المردة سليمان فرنجية إلى باريس لم تحقق نتائج ملموسة بعد نتيجة عدم تبلور الموقف السعودي حيال الضمانات التي قدمها فرنجية للجانب الفرنسي ولم نشهد أي إشارة من الرياض للبناء عليها.

أما الأهم في زيارة الموفد القطري هو لقاؤه بممثلي حزب الله المتمسك بترشيح فرنجية لرئاسة الجمهورية وكذلك بعد كلام النائب محمد رعد عن رفض رئيس يتمتع بمواصفات اقتصادية، فهل ستقوم قطر التي تتواصل مع إيران والسعودية والتي قامت بدور حارس الوسط خلال اللقاء الخماسي بين فرنسا والسعودية بتليين موقف الحزب للتخلي عن مرشحه الذي يشكل تحدياً لصالح مرشح آخر يرضي جميع الأفرقاء ويمهد لجلسة انتخاب رئيس بعد الأعياد وقبيل انعقاد القمة العربية؟

لقاءات اليوم الثاني للموفد القطري ستكون كسابقاتها استطلاعية بامتياز لكن يبدو أن زيارات عدد من الموفدين العرب والأجانب للبنان لن تتوقف في المرحلة المقبلة بل ستزيد وتيرتها من أجل جس النبض وتقريب وجهات النظر بين الأفرقاء اللبنانيين تحضيراً للانتخابات الرئاسية والاستحقاقات التي ستليها.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us